تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


مسيــــــــرة مستمـــــــرة

شؤون سياسية
السبت 18-4-2009م
أكرم الكسيح

قبل أن يطأ الاستعمار الفرنسي أرض سورية كان الشعب العربي في سورية على أهبة الاستعداد للذود عن أرضه وحريته وكرامته،

رغم تباين القوة بين المحتل وشعبنا، المحتل المدجج بأعتى أنواع الأسلحة آنذاك والشعب السوري الأعزل إلا من كرامته وتصميمه على الدفاع عن التراب وإيمانه بحتمية النصر، لأن مايملكه أكبر بكثير مما يملكه الاحتلال الغاشم، فانفجرت الثورات في كل مكان وتوجت منارات من حلب وجبال الساحل إلى قاسيون وحمص وحماة وإدلب ودمشق والجنوب السوري ومعارك الكفر والمزرعة، حتى قال الفرنسيون أنفسهم إنهم لم يهنؤوا يوماً في سورية، حتى تحقق الجلاء الأغر بسواعد الشعب البطل.‏

إلا أن وعي الشعب كان أبعد بكثير من قضية جلاء قوات الاحتلال وخاصة بعد المتغيرات التي حصلت في ثلاثينيات وأربعينيات القرن الماضي وعلى رأسها زرع الجسم السرطاني في فلسطين ليكون هذا الكيان الإرهابي رأس حربة متقدمة للاستعمار ينفذ لهم مخططاتهم الخبيثة ويمنع قيام دولة عربية قوية تأخذ مكانها بين الدول فاختاروا القلب ليسيطروا على المنطقة.‏

فشعبنا أدرك هذه الحقيقة واعتبر القضية الفلسطينية هي الأهم، نظراً لأبعاد المؤامرة الكبرى التي تحاك للمنطقة، غيرأنه لم يبخل على الشعب العربي في المشرق والمغرب بالدعم والمؤازرة من الجزائر وحتى أقصى نقطة في مشرقنا العربي، ولإيمان هذا الشعب أن الوطن العربي كلّ متكامل، وأن الاستعمار يخرج من الباب ليحاول الدخول من النافذة من خلال أعوانه وعملائه، وكان لابد من طليعة نضالية تنظم وتؤطر توجهات الشعب العربي وتكون على قدر المسؤولية لمواجهة استحقاقات المراحل اللاحقة والوقوف في وجه مخططات تفتيت المنطقة، فكان تأسيس حزب البعث العربي الاشتراكي بعد عام واحد من إنجاز الاستقلال ليتسلم دفة قيادة النضال لتحقيق أهداف الأمة في الوحدة والحرية والاشتراكية.‏

وتتالت السنوات والعقود واتضح أن الموقف السوري كان عين الصواب، وأن الهدف ليس الوصول إلى القمة بل المحافظة عليها والثبات فيها، وأن إنجاز الاستقلال لكي يتم لابد من إيجاد المقومات الأساسية والقوية للمحافظة عليه وتدعيمه بالبناء الشامل للمجتمع على الصعد كافة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعسكرية، لأن محاولات الاستعمار للعودة لن تتوقف مهما غير من الأساليب، ومهما غلف هذه الأساليب من ترغيب وترهيب.‏

الواقع العربي الراهن يؤكد أن الصوابية في اتخاذ القرار هي في استقلال القراروالصمود في وجه الهجمة الشرسة التي تشن للسيطرة على المنطقة العربية ومعرفة العدو الحقيقي لهذه الأمة المتمثل بالكيان الصهيوني الإرهابي والقوى الداعمة له في إرهابه وهمجيته، وكذلك معرفة الصديق الذي يقف إلى جانب قضايانا العادلة، وما أكثرهم لوحاولنا -كعرب- البحث عنهم بعيداً عن الغشاوة التي يضعها على أعيننا أعداء الأمة العربية الحقيقيون، وجهلنا في فهم حقيقة الصراع والمتغيرات، وبعيداً عن الأوهام التي خيلت لنا أعداء هم في الحقيقة أصدقاء يناصرون قضيتنا، وقبل كل ذلك لو استطعنا تفعيل الأوراق الكثيرة التي نمتلكها من خلال إيجاد آلية فاعلة وفعالة لتحقيق التضامن العربي، وها هي الأحداث التي عصفت في منطقتنا والعالم في العقدين الماضيين تؤكد للقاصي والداني أن قوى الممانعة العربية المتمثلة بالمقاومة ومن يقف وراءها ويدعمها هي التي حمت المنطقة من الهجمة الشرسة والمخططات الشيطانية التي تحاك ضد المنطقة، والانتصارات التي تحققت تعطي الدليل تلو الدليل على أننا نستطيع أن نحقق الكثير ونحمي دولنا وشعبنا في زمن لايعرف إلا الأقوياء، والضعفاء يسقطون كأوراق الخريف من هبة ريح عادية فما بالنا في زمن الرياح العاتية التي تهب وبشكل مستمر على منطقتنا.‏

الاستقلال يعني أن تمتلك وسائل التعزيز لا أن تفرط بما لديك مهما غلت التضحيات وكبر حجم التآمر على المنطقة.‏

والاستقلال يعني تعزيز القدرات الوطنية والقومية للأمة اقتصادياً وثقافياً واجتماعياً وعسكرياً، ومن ينظر إلى سورية وتبوئها المكانة الأهم في المنطقة يعِ تماماً أن هذا لم يأت بمحض صدفة بل نتيجة استمرار النضال والبناء على كل المستويات للمحافظة على المنطقة وليس على الرقعة الجغرافية الموجودة داخل حدودها و أن الشعب السوري بنضاله الدؤوب وقيادته الحكيمة هو الرافعة للأمة العربية ونضالها من أجل أن تستعيد مكانتها التي تليق بها وبتاريخها لأن العالم لن يحترمنا إلا عندما نحترم أنفسنا، ولن يدافع عنا أحد ويسمع كلمتنا إلا عندما ندافع عن أنفسنا ونسمع صوتنا من خلال الدفاع عن مصالحنا وحقوقنا ونعامل العالم بلغة يفهمها، وأننا لسنا كعكة لمن يرغب النهش منها.‏

الاستقلال يتحقق كل يوم من خلال الصمود، والاستقلال عملية مستمرة ودائمة فكم من أمم كبت ثانية لأنها لم تحافظ على منجزاتها بالتحرر والتحرير، والأمة العربية تلد كل يوم جيلاً، أكثر تمسكاً بالأرض والحقوق والاستقلال والحرية، ومايحصل اليوم في واقعنا العربي لايعد كونه زوبعة في فنجان لأن التاريخ والحقيقة يقولان إن الأمة العربية حية وستبقى حية، وقوافل الشهداء الطريق التي تؤكد هذه الحقيقة.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية