تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


كبريـــاء وتاريــخ مشــرف

شؤون سياسية
السبت 18-4-2009م
خيرية محي الدين السفرجلاني

استيقظت صباح يوم نيسان، وقد لاحت في الأفق هالةٌ أرجوانيةٌ نقية، يكللها عبق زاك يتهادى في أجواء الربيع، ربيع العطاء والفرح على أنغام موسيقية خفيفة، مبعثها رَفّات علم بلادي الحر،

فتحصرني صور وذكريات .. وصور جنادل الشهداء تهيم في أرجاء سورية الحبيبة سجل خالد، ولوحة مشرفة خطها بركان ثائر لم يهدأ أتونه اشتعالاً لفترة طويلة من تاريخ الوطن الغالي- ثورةالتهمت نيرانها الأخضر واليابس ودماء سخية سفكت على مذابح الحرية- بذلها شعبنا الباسل.‏

وقد أتونها البطل يوسف العظمة والشيخ صالح العلي، هبوب إعصار في وجه الزحف الفرنسي القادم إلى دمشق- وتوالت جداول حمراء تصب في بحيرة الثورة السورية، ذاك عملاق الثورة وينطلق من جبال اللاذقية الشيخ صالح العلي منطلقاً مع كوكبة من الشباب الأحرار متضامناً مع ابراهيم هنانو ورجاله الميامين في ثورة الشمال من جبل الزاوية- يردد هدير دوي مدرار بقيادة الخراط في دمشق إلى مشارف جبل العرب أبطال شجعان يتقدمهم فارس الجبل متدثراً بدثار الشرف والكرامة سلطان باشا الأطرش ورئيس أسود ساغبة تنطلق من وادي حماة وتل كلخ والنبك وحمص وزغاريد نساء تبشر بفأل الحرية تتآزر مع دمشق وثورة القاوقجي وتوفيق المهايني مثبتين دورهم اللامع في رأب صدع التفكك والانقسام، الذي أوشك بفعل الاستعمار الغاشم، وثورة المزرعة وحوران والقلمون غير هيابة بما يعتمله الاحتلال من أشباح الدمار والهلاك وتقتيل للنساء والأطفال واستباحة المحرمات، وسرقة المنازل، وذبح الأبرياء من الأهالي الآمنين.‏

وأراجيح الشهداء على أعواد المشانق، ومن هدم للمزارع وحرق للمتاجر وتغييب للأحرار داخل السجون. ما أهاب بالشباب والشابات مندفعين اندفاع النار بالهشيم وانفجار الحمم بالبراكين- صناديد شجعان في ساحات الشرف، ذاك الغضب الضروس لم يستكن إلا بعد ركل آخر فلول الاستعمار عن أرضه في منطقة المزة.‏

حلم جميل وذكريات مشرفة لأعراس الحرية، حيث دفع مهرها كبار الشباب الذين ساهموا بفيض نهر الكرامة، الشهداء الذين قضوا لتبقى أمتهم كريمة وليحيا الوطن عزيزاً.. حياكم الله يا أبطال الأمة، وبناه مجدها العريق يامن شهرتم سلاح الفكر بأقلامكم، ورفعتم ستار الظلم بسداد آرائكم وحكمتكم، وخضتم معارك النضال مع أبناء الأمة، حيث ساهمتم بإيقاد جذوة العزائم واستنهاض الهمم، وصحوة الضمير، فبعثتم في نفوس الأحرار لهباً لينطلقوا حراباً موجعة في صدر العدو الغاشم.‏

وأنتم أيها العمال والفلاحون والكادحون في كل مكان يامن هجرتم مزارعكم وتركتم موارد رزقكم تلبية لداعي الوطن، تحيتي إلى الجنود البررة من المعلمين الشرفاء الذين غذوا طلابهم تعاليم العلم الصحيح مقروناً بروح العمل والإخلاص والفداء، فكانت مدارسهم إلى جانب العلم صرحاً من صروح النضال الوطني ينطلق منها الناشئة على درب العمل المقدس، والجهاد الشريف، بوحي الضمير الحي الذي ورثوه عن الأهل والوطن، وتتدافع في خاطري هذه الأفكار اليوم لأبث تحية إكبار وإجلال إلى كل المناضلين الشرفاء الذين صدقوا ماعاهدوا الله عليه فذاقوا من التعذيب في المعتقلات وصبروا وصابروا، ولم تلن لهم قناة- ليعيش وطنهم كريماً- إلى الشهيد العربي مجهول الاسم الذي أضاعه أهله ولم يعرف له قبر، ولا مصير صارع الموت الزؤام ببطولة نادرة فتناثر جسده أشلاءً في أرجاء الوطن، وارتفع مع الشهداء والصديقين في أعلى عليين، إن هؤلاء الأفذاذ لم يموتوا ولن ينسوا على مر الأيام والدهور وتوالي العصور كللوا وطنهم بالشمس وأناروا ليله المظلم بالبدر ضياء، وبزغوا نجوماً لامعة وضاءة مادام الكون يدور، إن نصف قرن مضى على تلك المرحلة من مراحل التاريخ بما تضمنته من القسوة والعنف وما عانى شعبنا من جور الاستعمار والرفض والتحدي ليجعلنا ثابتي العزم.‏

إنه درس من دروس الماضي العريق- وصفحة من صفحات بلادنا المشرقة واليوم مع كل رفة من رفات علمنا نذرف دموع الكبرياء والإجلال لصانعي الحرية وتنبسط أمامنا حقبة وضاءة من تاريخ بلادنا.‏

وها نحن نرى اليوم قائدنا، وهوابن هذا الوطن، وابن هذه الأمة التي مازالت تنجب الأبطال، يعتلي صهوة الضمير، شاهراً سيف الحق ينبه القادة إلى مايحاك للأمة، وما يدبر لها من ألاعيب وخفايا الغدر الاستعماري يقف وقوف الشجعان، ينير في النفوس ضياء الحق والعدل، ماداً ساعد التضامن والتآزر لتحقيق وحدة الكلمة العربية، والتصدي للاستعمار والاحتلال لاستعادة الأراضي السلبية- فيا أحرار العالم لنتوجه قدماً نحو النضال من أجل استعادة ما احتل من الأراضي العربية، ونصرة الشعوب المقهورة التي تعاني الظلم والاستبداد، ونقف حربة ماضية في وجه العدو الصهيوني، ضد التنكيل والتعذيب والتشريد فأشلاء الأطفال، وأرواح الشهداء الذين قضوا في غزة الجريحة تحت الأنقاض، وأصوات الثكالى، وأنين المعذبين في السجون تنادي العروبة اليوم والأخطبوط الأميركي يسلط أذرعه هنا وهناك وشعاع الغدر يحوك نسيج المؤامرات لبث التفكك في الصف العربي- أيها العرب يامن شهد التاريخ لأحرار بلادكم مواقف عديدة لاتعد ولاتحصى، هبوا لرأب الصدع والتفكك العربي بعد أن أوشك مصير الأمة على الهلاك والدمار، أيها الأحرار والمناضلون الذين تذودون عن حياض الوطن، هبوا للتصدي للإمبريالية وأعداء الإنسانية إنكم مازلتم سيف الأمة المسلط على رؤوس ورقاب الظالمين مادام الحق بجانبكم ولنرهف السمع لذاك الصوت الإلهي الذي يهيب بنا منبعثاً من صميم القلب العربي- كي لانتخلى عن الحق الذي نعيش من أجله- ولتتنحوا عن بعض المصالح وليكن التآزر بينكم في سبيل وحدة المصير، وتنقية الأرض العربية من رجس الاستعمار وأعوانه, سيذكركم التاريخ العربي بحروف من نور وستبقى أعمالكم خالدة في ضمير الأمة والوطن, اسعوا لمعافاتها لتعود أمتكم لأوجها ومكانتها تحت الشمس ولاتخشوا بعد الله أحداً- ولنجعل الرجاء شعارنا، والإيمان دثارنا والتضامن العربي هدفنا، والحق سلاحنا لنبلغ النصر المبين وتعيش أمتنا رافلة بحلل السلام والعدل.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية