فإننا سنشهد ستة أشهر سيئة أخرى مقبلة, رغم أن الصحافة تصور ماكين تعيساً, إلا أنه بدا سعيداً باستخدام أساليب حملة ريتشارد نيكسون القذرة, حيث صرح أن حماس تتمنى فوز أوباما في الانتخابات الرئاسية, محاولاً الغمز من قناة أوباما بأنه ضعيف في الأمن القومي ولن يستطيع الوقوف بوجه المنظمات المصنفة (إرهابية), وقد فهم بوش ذلك, ما جعله يقول دون تسمية أوباما في خطابه أمام الكنيست الإسرائيلي في زيارته الأخيرة التي شارك فيها باحتفالات إسرائيل بمرور ستين عاماً على قيامها: إن الديمقراطيين يرغبون بالتحاور مع الإرهابيين, بينما يرغب الجمهوريون بمحاربة الإرهابيين, لقد كانت حملة أوباما محقة بانتقاد الرئيس بوش لتعليقاته وبالتدخل في خيارات الناخبين, بينما هو خارج الولايات المتحدة, إن الكثير من رؤساء الولايات المتحدة يقولون أشياء في الخارج تفسر بانتهاكها النظام غير المكتوب للسياسات الأميركية, لكن من الصعب تذكر قيام أي من الرؤساء الأميركيين بالإساءة إلى هيبة إدارته كما فعل بوش أمام الكنيست, إن مهاجمة أعدائك السياسيين في الكنيست (أي برلمان دولة أخرى) تمثل صفعة عنيفة للتقاليد الأميركية, وإذا كان أمراً سيئاً أن يستخدم الجمهوريون سياسات التدمير الشخصي لخصومهم هنا داخل الولايات الولايات المتحدة, فإن استخدام هذا السلاح السياسي في الخارج ومن جانب الرئيس الأميركي يمثل تقليداً جديداً.
أعتقد أن هيلاري كلينتون كانت محقة عندما علقت على تصريحات ماكين حول حركة حماس بالقول (لا أظن أن أحداً سيأخذ حديثه على محمل الجد), لكن لسوء الحظ يعرف الجمهوريون أن البعض سيفعل, ولذلك يصرحون بمثل هذه التصريحات, لا يحق لماكين الذي أطلق تصريحاته حول حماس أن يهاجم أوباما, فمنذ عامين وبعد فوز حماس في الانتخابات التشريعية أجريت مقابلة مع ماكين في محطة (سكاي نيوز) البريطانية في برنامج الأخبار العالمية المسائية, وهذا جزء من المقابلة: سألته, هل تعتقد أنه يتوجب على الدبلوماسيين الأميركيين مواصلة التعامل مع الحكومة الفلسطينية إذا فازت حماس بالانتخابات? فرد بالقول: إنهم الحكومة, وعاجلاً أم آجلاً يتوجب علينا التعامل معهم بطريقة أو بأخرى, وأتفهم كراهية الإدارة الحالية والإدارات السابقة لحماس بسبب تبنيها للعنف, لكن حماس أصبحت حقيقة في الشرق الأوسط, وأظن أن الدرس هو أن الناس يرغبون بالأمن والحياة والمستقبل اللائق, وبأنهم يرغبون بالديمقراطية, خاصة أن حركة فتح لم تقدم الديمقراطية للشعب الفلسطيني.
بالنسبة لبعض الأوروبيين في دافوس وسويسرا مكان إجراء المقابلة, فإن إجابة ماكين منطقية جداً, أما بالنسبة للسياسيين الأمريكيين من كلا الحزبين, فإن الإجابة غير عادية إن لم تكن استثنائية, وهذه الإجابة لا يمكن لأي من المرشحين الجمهوريين المحافظين استخدامها اليوم.
ومن الأفضل لماكين الحالي القول الآن إنه يجب على حركة حماس أن تؤيد فوز ماكين القديم في الانتخابات الرئاسية, لأن ماكين في الماضي كان مستعداً للتعاون مع حكومة حماس, بينما أصر كل من المرشحين هيلاري وأوباما على ضرورة قيام حماس بتغيير سياساتها إزاء إسرائيل قبل أن تتمكن من الحصول على علاقات دبلوماسية مع الولايات المتحدة. وحتى لو أن ماكين لم يؤيد قيام علاقات مع حركة حماس قبل عامين, لا يتوجب عليه تشويه سمعة أوباما, وإطلاق مثل هذه التصريحات يدل على شيئين: إما زيف وكذب ماكين, أو أنها قضية فقدان ذاكرة سياسية لإقحام حماس في مسألة الانتخابات الرئاسية الأميركية.
2008/5/020