ليس لوجود الكثير من أصدقائي وأقاربي فيها, أو لكونها إحدى أجمل المدن السياحية والأثرية في سورية.... أولأنها أنجبت الكثير من العظماء. ليس لكل ذلك فقط وإنما لعلة شخصية لدي وهي النهم لأكلة الجزرية التي يعد انتاجها احتكاراً لأهل اللاذقية بامتياز, وهذا منطقي بالنسبة .. للعارفين بأن الخلطة السرية لهذه الجزرية أو ربما موادها الأولية موجودة في اللاذقية لا في غيرها, ولكن من غير المنطقي أو المفهوم أن تحتكر هذه المدينة ( التفوق في علم الاجتماع) فهذا ما لا يمكن تفسيره بنقص المواد الأولية في غيرها من المدن أو حتى بوجود سر للصنعة يعرفه اللاذقانيون فقط, فإذا علمنا أن طلاب جامعة تشرين في اللاذقية يحصلون في الغالب على معدلات دراسية بأرقام قياسية ما يمنحهم الأولوية للقبول في مقاعد المعيدية في جامعة دمشق وهذا مالا يحدث لخريجي قسم علم الاجتماع في جامعة دمشق نفسها رغم أن أغلب مدرسي المواد هم نفسهم في كلتا الجامعتين ورغم وجود الطالب المتفوق والطموح والحاصل على معدلات مرتفعة في جامعة مرتفعة في جامعة دمشق أيضاً ولكن تبقى هذه ( المعدلات ) دون مثيلاتها في جامعة تشرين. ولإدراكي أن في هذا الكثير من الإجحاف بحق طلاب يجدون في الدراسة على مدى أربع سنوات بلا كلل على أمل تحقيق طموحهم وبناء مستقبلهم وتحقيق ذواتهم من خلال ممارسة دورهم في بناء وطنهم كما يأملون, فقد حاولت أن أستطلع بعض آراء أولئك الخريجين والطلاب وأستعرض معاناتهم.
التفوق العلمي: مجرد رقم على ورقة!!
الطالبة إقبال القادري الخريجة الأولى في جامعة دمشق بمعدل 74% لعام ,2006 قسم علم الاجتماع: آلمتني شكواها واصطدامها بالواقع فما الذي يمكن أن تقدمه هذه الطالبة زيادة على تفوقها وحصولها على المرتبة الأولى بين خريجي دفعتها في الجامعة لتحقق بعضاً من طموحها في الحصول على مقعد في المعيدية? فهي تقول: في العام الذي تخرجت به وحصلت على المركز الأول في جامعة دمشق, تقدمت لمسابقة المعيدية التي صدرت في نفس العام, لكن لم يحق لي الحصول على مكان في الشواغر الأربعة المطلوبة نظراً لأن معدلي لايقارب معدلات جامعة تشرين الذي أهلهم أكثر لشغل هذه المقاعد في جامعتي!!
فهل أتقدم لمسابقة المعيدية في اللاذقية أم في حلب?! إذا كنت ضحية جامعتي في مدينتي فمن سيحتضنني من الجامعات الأخرى?!
وبعد أشهر من الشكوى للرقابة والتفتيش ولرئاسة مجلس الوزراء مطالبين بتعيين الخريج الأول بدون مسابقة تمت الموافقة فعلاً وصدر القرار بذلك ,ولكن بدءاً من دفعة خريجي عام ,2007 وبالتالي لم يشملني القرار بالرغم من هرولتي لتحقيقه, وهكذا لن يصبح الحلم حقيقة أبداً, وفوق كل ذلك فإنه لن يكون من حقي التقدم لمسابقة معيدية جديدة في العام القادم (في حال تم إقرارها) حيث أكون قد تجاوزت الحد الأعلى للسن المطلوب وهو 26 سنة, وأنا الآن أشعر بالغبن الكبير الواقع علي, حتى إنني أندم أحياناً على الجهد الذي بذلته أثناء الدراسة لتحقيق هذا المعدل الذي بقي ( رقماً على ورقة).
أيضاً الطالبة ص.ع من علم الاجتماع: تمنت صدور قرار فصل الدراسات العليا بين الجامعات قبل امتلاء شواغر مقاعد المعيدية من جامعات أخرى وقبل أن نتجاوز السن المطلوب.
الطالب ج.ع أيضاً خريج كلية علم الاجتماع جامعة دمشق لعام 2006 قال: كنت أحضر من محافظة السويداء أسبوعياً أسوة بكافة الزملاء الذين في ظروفي ويقطنون في محافظات بعيدة ,وحتى من هم سكان دمشق كنا نكد ونتعب على مدى أربع سنوات أيضاً كطلاب جامعة تشرين ولكننا في النهاية لا نلقى نفس النتيجة ولا حتى نتيجة أخرى تقابل جهدنا أو تقاربه وبالتالي نجد أنفسنا كالطلاب الذين حققوا درجة مقبول في التخرج ليس لهم الأولوية في شيء. فلماذا أنا أسعى للتفوق?
إن وجهات نظر الطلاب السابقة ومعاناتهم, تحرض سؤالاً إذا فرضنا أن المشكلة تكمن في المستوى, فلا أحد يستطيع أن ينكر المستوى العالي لجامعة دمشق في الدراسة والتدريس إضافة لاشتراك الجامعتين ( دمشق وتشرين) في أغلب الأساتذة لنفس الفرع, فلماذا هذه الفروق الشاسعة بين معدلات طلاب تشرين المحلقة ومعدلات طلاب جامعة دمشق? ولماذا لا يتوسع صدر جامعة تشرين لخريجيها المتفوقين بدلاً من إيفادهم إلى جامعة دمشق ليأخذوا أماكن متفوقيها وليكملوا نجاحاتهم فيها ,حيث لا يجد طلاب جامعة دمشق من محتضن لهم ويشعرون بالغربة عن جامعتهم. وتبقى المشكلة قائمة برسم الحل المنتظر والمأمول من قبل وزارة التعليم العالي.