بالطبع ليس أولئك هم أنفسهم شخصيات أفلام الكرتون المصوّرة التي سحرت وأغنت عوالم الطفولة لدينا.ولكنها—أي تلك الشخوص(السينمائية)—تبدو أقرب إلى المتخيل..إلى صورة البطل المأمول..المرتجى والمرتقب من معظمنا,الذي نتسمر امام شاشة التلفاز لمراقبته ومتابعة مصيره..
تُرى لماذا تبدو صورة بطل أفلام الكبار (السينما)اليوم,شبيهة بصورة بطل الكرتون المحبب ذاك?
فجميعنا يلحظ تلك السمات المشغول عليها في رسم ملامح ذاك البطل—الأنموذج,الذي باتت صفاته واحدة,هي نفسها تُستنسخ لدى جميع أبطال الأفلام على تعدادها.
وهي سمة أصبحت معروفة ومدركة من قبل غالبية المتلقين..سمة تطبع أفلام السينما الأميركية التي تغزو,وبقوة,العالم الفضائي—لاسيما العربي منه—
إحدى تلك القنوات التي تعمل على بث فيلم أميركي في سهرة كل يوم,هي قناة (mbc4) وغلباً ما تكون أفلام اجتماعية أورومانسية... كما في الفيلمين اللذين بثتهما مؤخراً..
الأول duplex))—شقة من طابقين) بطولة(درو باريمور—بين ستايلر),يحكي قصة الزوجين آلان و نانسي اللذين يعانيان من تدخل جارتهما العجوز في حياتهما بشكل يقود تلك الحياة نحو الخراب.وهو ما عُبرعنه بمواقف كوميدية خفيفةوظريفة.
والفيلم الثاني هو(head in the clouds) رأس في الغيوم)بطولة:تشارلز ثيرون,بينلوبي كروز,سيوارت تاونسند.يحكي بدوره قصة حب لا يكتب لها التمام أثناء الحرب العالمية الثانية.
وإن يكن هذان الفيلمان قد صنعا بأجواء لندنية,إلا أنهما اعتمدا أبطالاًهوليووديين.ومن الملاحظ أن الصفة الهوليوودية تطمس غيرها من الهويات —الجنسيات..هي بمثابة جنسية..اذ لا يقال:النجمة الاسبانية كروز ,أو النجمة الجنوب افريقية ثيرون.بل السائد قولهم:النجمة الهوليوودية,فصيغة البطل الهوليوودي هي الصيغة المفضلة والمكرسة.
وبتنا لاشعورياً,لا نهوى سوى مشاهدة أفلام هوليوودية الصنع..هوليوودية الأبطال..والإخراج وربما نمط الحياة..ذاك النمط الغربي—الأميركي..الذي يأخذ في التسرب عبر لاوعينا ,لتستقر في أعماق وعينا..
وعليه أصبح هذا البطل الخارق الأقرب للكمال,المثالي..هو دونجوان العصر الحديث,فتى أحلام غالبية فتياتنا,اللواتي يرغبن بمن هو أشبه بجوني ديب أو براد بيت وتومي كروز النسخة العربية..
وحتى ربات البيوت أصبحن يرغبن بمطبخ على الطراز الاميركي,وأطفالنا يلهون بالفاست فود والهوت دوغ..
نمط حياة أميركي..حبيب أميركي ..الصديق..البيت..بما فيه من غرف وأثاث وغيرها..كله أميركي بأميركي وبامتياز..
هكذا أخذت عيوننا تستسيغ كل ما هو أميركي,وأصبح جيل بأكمله حلمه هو الحلم الأميركي..
فهل للسينما كل هذا التأثير..بتعبير أدق هل للصورة وللتعامل مع الصورة بدهاء,كل هذا الأثر المخدر?
انها حرب من نوع آخر..حرب تبغي اكتساح العالم ليس ذرياً..وانما سينمائياً
فحتى الأفلام التي تُعتبر اجتماعية بسيطة,توظف في تقديم تلك الصورة الحلم,القادرة على مداعبة لاوعينا وصولاً الى وعينا الهدف الى محاكاة تلك الصورة كما هو الحال في الفيلمين السابقين..ففيلم (duplex)يذخر بتلك المشاهد النموذجية لحياة الزوجين,سخي بتقديم فنية بصرية هي المشتهاة لكل زوجين...
فهل أصبح الانتاج الهوليودي-الأميريكي- هو الإنتاج الأقوى دون أي منافس,بمعنى منافسة التأثر والتأثير,لدرجة انك قد تمضي سهرة احد الأيام باحثا عن فيلم غير أمريكي لن تجده!!