تلا فيف ذواكرنا ..
ولأجل ذلك تحضر عين الكاميرا عميقا دون ما يطفو على السطح .. تهمل المرئي ليصبح هاجسها التقاط ورصد اللامرئي-الذي نسهو عنه ولا نلتفت إليه - كما لو أن حال هذه العين -العدسة يعبر عن طبيعة مدهشة مفاجئة تصل حد الصدمة المباغتة لعين المتلقي ,ولعين المصور- الفنان قبلا وأولا ..
- تظاهرة أيام التصوير الضوئي التي أصبحت تقليدا يسعى المركز الثقافي الفرنسي لجعله سنويا, ومنذ عام 2001 م تقام الدورة الثامنة منها خلال أيار الجاري في كل من المركز الفرنسي ومدرسة البيزانسون - باب توما .
ما يميز هذه التظاهرة للتصوير الفوتوغرافي اهتمامها بنقل ومواكبة ما هو جديد في هذا الفن. إذ تشهد معارض هذه السنة رصدا حقيقيا لتحول الفوتوغراف نحو الاتجاه الرقمي والدمج الواضح بين ما هو تقني في الفضاء العنكبوتي وبين ما هو مجرد فوتوغرافي ضوئي بسيط ..
بالإضافة إلى المعارض تقام ورش عمل فيديو ,وتقدم محاضرات وأفلام وثائقية ,بمشاركة أسماء عالمية مهمة في مجال التصوير الضوئي ,إلى جانب مصورين ومصوري فيديو من سورية ومن الشرق الأدنى .وهم (أيهم ديب ,بسام البدر, حسن السعود ,رشا اللبابيدي , زياد الحلبي ,سلام الحسن ,محمود ديوب ,نسرين نجاري ,ريما مارون ,رافائيل زركا , لورا سفار ساندرا فولتز ,آنا كاترينا شيديغر ,كاترين بونسان ,ديمتري فحمد ,نيكولا ديسكوت ,ديني دارزاك ,محمد كامارا ,غريغوري شاتونسكي ) والفنان الياباني ريوتا أمايي الذي يقام له معرض منفرد في صالة المركز .
جزيرة البصمات ..
إحدى الصور التي يخالها المتفرج منظرا لأحدى المنحوتات الصخرية أو جزءا من تمثال كبر أكثر من مرة لن يحزر أنها عبارة عن بصمة الفنان المصور (غريغوري شاتونسكي ) فقد تم رفع بصمة إبهام اليد اليسرى له بواسطة رافع بيو متري للبصمات والذي يستخدم عادة في الدوائر الأمنية ,عولجت البصمة بمحرك لعبة الفيديو لتصبح أقرب إلى شكل الجزيرة الجليدية .الأمر الذي يحمل الفوتوغراف أبعادا غير أبعاده العادية . البعض من المصورين ذهب إلى دمج التصوير الضوئي مع التصوير اللوني ,أي المزج ما بين الأسود والأبيض للناس المصوَّرين مع الوان أخرى للخلفيات الكائنة وراءهم .وهوما اشتغل عليه سلام الحسن في تناوله لموضوعة الانتظار ..هناك شخوص ينتظرون ثبتوا ببياضهم وسوادهم متأملين .. تائهين .. شاردين منتظرين شيئا قد لا يدركونه أبدا .
للصحافة المصورة ببعدها الإنساني حيزٌمهم في المعرض ,برز فيه المصور (حسن السعود ) المولود في الكويت من أصل عراقي .فمن خلال بحثه الوثائقي لل(إخوة ) أولئك الفتية الذين يصورهم محاولا إبراز الإنسانية التي يحملها هؤلاء الأطفال الذين اضطروا للعمل مثل الكبار, مركزا على إظهار معاناتهم ,فتية تزخر عيونهم بالعزم والتحدي .
من نظرات العزم والتحدي لدى سعود إلى صور محملة بمواقف الرفض لأطفال صغار قابلتهم (ريما مارون ) في جنوب لبنان .أولئك الصغار الذين يديرون ظهورهم للكاميرا رافضين متسائلين عما يجري حولهم من عنف وقتل .ولهذا تسجل عدسة ريما أحاسيسهم ومواقفهم وتساؤلاتهم المخبأة التي لانكاد نفهمها ولا حتى نسمعها (فمن خلال تشتتهم وصمتهم تجتاز هذه الأجساد العنف لتتكلم معنا ,بهمس أتى من بعيد ,لأنهم يقاومون ويلعبون ويتحررون ..)
عوالم تخييلية - واقعية
ملامح عالم (أليس في بلاد العجائب ) أوربما عوالم فيلم (سيد الخواتم ) هي ما سوف يقتحم مخيلتك لدى زيارتك معرض الفنان ريوتا أمايي , المقام في المركز الفرنسي. .حيث تمتزج تلك الصور الواقعية مع لمسات تخييلية يتفنن ريوتا بإضافتها للوحته - صورته. مناظر طبيعية تصور سحر الطبيعة الصخرية ,صخور تكومت على بعضها وربما تفردت إحداها شامخة لتهندس درجا صخريا رسمته يد الطبيعة وحدها وأتقنت صنعه .أحيانا قد تنبش تلك اليد نفسها في قلب إحدى الصخور مخلفة مغارة منحوتة نحتا ..
ما يضفي على تلك المناظر بعدا لا واقعيا ,هو تلك الإدخالات التقنية المعالجة بعناية فائقة قد لا تكتشفها عين المتلقي ,لأنها صنعت بتوليفة تكنولوجية عالية الجودة .