لتقاسم المصالح فيه على غرار ماجرى في ليبيا مع العقد الجديد. وفي هذا المشهد المؤلم والحافل بجرائم الحرب الأميركية والأطلسية يظهر النفاق الغربي صارخاً لأن الغرب يمنع استخدام العنف والقوة بهدف تغيير الأنظمة حين ترتبط المسألة بمصالح بلاده ويمارس العنف والمذابح من أجل تغييرها في أي مكان حين يسعى إلى فرض مصالحه.
وفي ظل هذا المشهد وأهدافه وأشكال مبرراته المزعومة أين «إسرائيل»؟ وماذا ستربح أو تخسر من كل هذه التطورات ؟
منذ التطورات في تونس ومصر وليبيا واليمن وقبل أن تحدث في سورية انشغلت القيادة الإسرائيلية بدوافع الخوف والفزع من خسارة بعض حلفائها في القاهرة وتونس إلى مطالبة واشنطن وبعض الدول الأوروبية بأن يستغل حلف الأطلسي مايجري لكي يقوم بمهمة ذات هدف واضح هو منع التغيير الضار بـ «إسرائيل» والتحريض بالمقابل ضد القوى المرشحة للاستفادة من التغيير في القاهرة وتونس وتهديد استقرارها، ولأن سورية تشكل الحلقة المركزية في تحالف قوى المقاومة الممتد من طهران إلى لبنان إلى قطاع غزة والمنظمات الفلسطينية تصاعدت الحملة الإعلامية الغربية والإسرائيلية على القيادة السورية وتصاعد العمل الملموس ضد استقرارها.
ولذلك يخطىء من يظن أن ازدياد أشكال التدخل السياسي والعسكري الأميركي والأطلسي في المنطقة سيؤدي إلى تقليص الدور الإسرائيلي في المنطقة وحصره في الاستيطان في الأراضي المحتلة وتصفية القضية الفلسطينية ... فنار الانتفاضة ستظل تهدد هذا الاحتلال وتفرض على الشعب العربي مهمات ومشاركة فعالة على غرار ماكان يحدث في السابق.
ويبدو أن « إسرائيل» نفسها أدركت أنها ستتحول قريباً إلى أول موضوع على جدول العمل الفلسطيني الشعبي والعربي ، فقد أشار موقع القناة (7) العبرية إلى التحذير الذي أطلقه عدد من الوزراء من أخطار انتفاضة مشتركة تجمع نشاطات الفلسطينيين ضد إسرائيل في الجليل مع النشاطات المماثلة في الضفة الغربية وخصوصاً في مدينة القدس.
كما أعلن ما يسمى وزير الاستيطان ( أوري أرئيل) حرباً علنية مباشرة على جميع الفلسطينيين الرسميين في السلطة الفلسطينية وفي الشارع الشعبي وطالب السلطة الفلسطينية بالعمل على قمع أي انتقاضة مهدداً بحل السلطة وفرض السلطة الإسرائيلية المباشرة في جميع المناطق والمدن في الضفةالغربية .
وهدد رئيس حكومة الاحتلال نتنياهو الفلسطينيين في الجليل بسحب الجنسية منهم وابعادهم إلى خارج ماتبقى من قراهم وأراضيهم داخل فلسطين المحتلة منذ عام 1948.
ومقابل كل هذا الاستنفار الإسرائيلي الرسمي ضد الشعب الفلسطيني لم يصدر حتى الآن عن أي مسؤول في الدول العربية المتحالفة مع واشنطن أي تحذير أو تنديد ضد هذه التصريحات والجرائم الإسرائيلية وكأن مايجري في القدس لايهم هؤلاء الحكام ، ومع ذلك يتوقع عدد من المحللين الإسرائيليين أن تتدحرج الكرة المشتعلة للانتفاضة في جميع أنحاء الضفةالغربية وفي قطاع غزة ، وهذا مادفع بعض المسؤولين الأميركيين إلى مطالبة «إسرائيل» بامتصاص كل مايجري في فلسطين وعدم تحويل الانتباه العربي الشعبي باتجاه« إسرائيل» لأن التطورات القادمة في موضوع المفاوضات مع ايران قد تؤدي إلى مواجهة أميركية حادة ضد إيران وحلفائها وتفرض جدول عمل جديداً في المنطقة .
وكان( جيسون ديتس) قد أشار في تحليل نشره في مجلة (أنتي وور) الأميركية اليسارية إلى أن الموعد المقرر لاستئناف المفاوضات الأميركية مع طهران حول الموضوع النووي قد تحدث بعد آخر اجتماعاته حالة توتر بين واشنطن وايران وحلفائها بعد أن أصبح الجمهوريون أغلبية في المجلسين الكونغرس والنواب وقد يفرض الجمهوريون على أوباما ايقاف عملية التفاوض مع إيران.
ولاشك أن «إسرائيل» ستسعى إذا ماحدث مثل هذا السيناريو إلى تصعيد حربها ضد الشعب الفلسطيني وضد سورية لتوريط أوباما بحرب ضد إيران في ظل الظروف السائدة في المنطقة وقبل أن تزداد قدرات دول وأطراف محور المقاومة على تحقيق المزيد من الانتصارات.
ولذلك يعتقد عاموس هارئيل في صحيفة هارتس أن« إسرائيل» تعد نفسها من جديد لتحريض واشنطن ضد إيران وشن حرب مباشرة عليها.