وتسجل هذه الصرعة معدلات عالية توازي هاجس اقتناء أحدث جهاز خلوي.. ليصنف الشباب في خانة (العصري) و(الجذاب) لأنه يحمل جهازاً آخر طراز يطلق رنات مجنونة أو مضحكة.
يقول مهند دياب (آداب -حمص): لقد أصبحت نغمات الخلوي أحد مؤشرات شخصية الشاب أو الفتاة, لأنه من الممكن حالياً أن تتعرف إلى المستوى الاجتماعي للفرد وتلمس ذوقه الخاص, وحتى ميوله السياسية.. وأحياناً تفضح رأيه في الشخص المتصل بمجرد سماع رنة هاتفه أو رؤية الصورة المرافقة..
ويضحك سامر النحاس وهو يتحدث عن النغمات التي يضعها الشباب المراهق ليربطوا أرقام أهاليهم.. يقول:
غالباً ما نضع نغمات تنذر بالخطر, كصوت بوق الاسعاف أو الشرطة, أو حتى دوي انفجار, للتعرف على المتصل قبل النظر إلى الشاشة التي قد تحمل صورة مدفع كإشارة إلى انهيال الأوامر فوق رؤوسنا..
فما أن يدوي أحد هذه الانذارات حتى يدرك الحاضرون أن الوالد أو الوالدة يتصل بابنه أو ابنته ما يعني تساؤلات من نوع (حان وقت العودة) أو (أين أنت).
ويتحدث عبود كامل من جامعة دمشق عن أحدث الرنات وما تحدثه من مواقف طريفة: فصياح الديك, وبكاء الطفل وأحياناً ضحكاته, أو صوت رنين هاتف قديم, وهذه الأصوات تضحك الحاضرين أو تثير جنونهم, كما حصل مع أحد الأساتذة حين أوقف الدرس بعدما صاح (ديك) أحد الطلاب بأعلى صوته.. ورفض صاحب (المزرعة) عفواً الجوال كشف هويته.
لكن سماح خرموش (أدب انكليزي) تفضل أن تكون رنة الجوال مقطعاً من مسرحيات زياد الرحباني تقول:
إن اختيار النغمة يعبر عن ذوق صاحبه, وحتى إذا كان الموضوع له علاقة بالصرعة والموضة, فالاختيار الصحيح يعطي انطباعاً جيداً لدى الآخرين.. وأنا اختار مقاطع من مسرحيات زياد الرحباني لأنني أحس أنه يعبر عن شعور الشباب وحالهم وحال العرب معهم, ويعطي الايحاء بأننا جيل ليس (تافهاً) أو مصروعاً كما يعتقد الآخرون..
ويشاركها بالرأي عمران منصور, الذي يضع صوت السيد حسن نصر الله نغمة لجواله حيث يقول:
إن مواكبة العصر واستخدام تقنياته لا يعني التوجه نحو الجنون والصرعات الفارغة, ونغمات الجوال اليوم هي أكثر الأوجه التي يعبر الشباب من خلالها عن مدى مواكبتهم لما يحدث حولهم, واختياري أن أضع صوت سماحة السيد حسن نصر الله, هو تعبير عن مدى حاجة الشباب للتعلق برموز قومية, إنني أحس كلما سمعته أن العرب ما زالوا بخير..
وما يعزز هذا الاهتمام بنغمات الجوال ووضعها ضمن اهتمامات شريحة كبيرة من الشباب تلك الاعلانات التي ترد في الصحف المجانية, أو عبر الفضائيات التي تعرض أرقاماً تمكن من يريد الحصول على إحدى الاغنيات الرائجة وحفظها في أجهزة الخلوي قبل غيره.. ويشكل اختيار النغمات مؤشراً جديداً على نجاح أغنية لهذه الفنانة أو ذاك المطرب..
فانتبهوا أيها الشباب.. كيف تختارون رناتكم.. كي لا يفهمكم الآخرون بطريقة خاطئة..