لا بد من التوقف عندما يلامس الشغف الداخلي.
وبخصوص المثقف فإن هذا الشغف يكون في القراءة, فعلى التوازي من التجارب الشخصية, والتحولات والانحرافات, على صعيد العلاقات وأسلوب العيش ورؤية الحياة. تحدث أشياء موازية في الشخص نفسه بفعل قراءاته. وإن كان المثقف, على وجه خاص, متقطع الأوصال بين حدي واجب القراءة, من جهة انهماكه في مراقبة المشهد المحلي بعجره وبجره, ومن جهة الأمانة والوفاء لفكرة الثقافة والدخول إلى تلك العوالم الغامضة والممتعة, يبقى السؤال, في جردة الحساب هذه, محاولة لإصابة الحصيلة النهائية من قراءات عام كامل.
جهاد هديب (شاعر)
أعدت قراءة (منفى وقصائد أخرى) لسان جون بيرس, وقد كانت إعادة القراءة بمثابة إعادة الاكتشاف. فتأثير بيرس كان في البداية أشبه بتأثير المعلم, لكنه, في المرة الثانية, بدا لي أن الحزن أكثر توهجاً في الشعر, كما أن الشعر أكثر توهجاً في الحزن, كلاهما يضيء الآخر, فضلاً عن نوع من التصالح مع جذر الغموض الضارب في تربة الشعرية السان جون بيرسية.
وعبر التقنية الحديثة المسماة (إنترنيت) اكتشفت شاعراً أمريكياً هو رسل إدسون الذي أثارني بتلك المخيلة الغريبة والاستثنائية أيضاً بالقدرة على إدخال العجائبي بالشعبي, أو ما تسميه العرب بالتكاذيب, إلى اليومي.
إضافة إلى ذلك لم أتخل عن عادتي في العودة إلى المعري في لحظات الكآبة.
حسين خليفة (صحفي )
أعجبتني رواية (دلعون) للروائي السوري نبيل سليمان التي تدخل في باب التجريب المستمر الذي يمارسه هذا الكاتب في حقل الرواية, حيث تتعدد المناخات السردية, إضافة إلى تطرقها إلى مواضيع جديدة في الرواية السورية, وعلى وجه الخصوص المحرم, بكل أنواعه, بجرأة تتجاوز رواياته السابقة.ومن المجموعات الشعرية الكثيرة الصادرة في (2006) أحببت, بشكل خاص (قبل غزالة النوم) لمازن أكثم سليمان.
محمد المطرود (شاعر)
في الرواية (العطر) لباتريك زوسكند أجمل ما قرأت, لأسباب عديدة, منها القدرة على مزاوجة الواقعي بالميثولوجي, واللغة العالية, والفضاء الروائي, كذلك لأنسنتها للكثير من شخوصها, حتى الجامد منها.
شعراً قرأت (نحات الصمت) للفرنسي يوجين غيلفك. وأذهلتني تلك المساحة التي تجرك بمناخاتها, وهدوئها, فلا يمكنك إلا أن تتناسى هفوات الترجمة وكبواتها, لتشعر كثيراً بما يأتيك من زخم الحقيقة الشعرية, والرغبة في تتبع ذكاء اللعبة, وفن إدارتها.
أحمد عساف (قاص)
باولو كويليو في روايته (قرب النهر أبكي) التي تقوم على شخصيين فقط, وتخترق الحالة الكنسية بجرأة, وهنا يحافظ صاحب الرواية الشهيرة (الخميائي) على أسلوبه المعهود في استنهاض الروحانيات التي تتجاوز مع روحانيات أخرى في أعماقي, وتلامس (المئة عام من العزلة) التي لا أعرف متى ستنتهي بي, في هذه المدينة التي تسمى دمشق.
كذلك أعجبني كثيراً الكتاب الشعري (قال بيدبا) للشاعر محمد فؤاد. الكتاب الذي حصلت عليه إعارة من صديق, وأظنني لن أعيده إليه, لأنه واحد من الديون الكثيرة التي مازال ينكرها هذا الشخص القاسي. أما طريقة محمد فؤاد في تناوله المختلف للشخوص والأشياء والحيوانات فهي تصب في صميم الحداثة الشعرية. وأكثر قصيدة أحببتها هي قصيدة (سحلية) التي جعلتني أشعر أنني هذه السحلية حيث يقول (جاءت السحلية من القامشلي مشياً على الأقدام).
محمد أمين أبو جوهر (باحث)
في غمار انهماكي البحثي على موضوع الفرق الإسلامية, أراحتني حفيدتي بتقديمها لي رواية (شيفرة دافنشي) لدان بروان الرواية العاصفة في العالم منذ صدورها وحتى الآن. وقد استرعى اهتمامي موضوع الجمعيات السرية والأخويات التي يتصارع أفرادها حول كثير من الأسرار, ومن اللافت أن فكرة تلك الجمعيات أخذت إبان الحروب الصليبية من الإسماعيلية, وأوجدت لها نسخ أوروبية, حافظت على نفس المراتب والدرجات والسرية.
أديب حسن محمد (شاعر وناقد )
أجمل ما قرأت نثراً كتاب (رسائل حب بالأزرق الفاتح) للدكتور محمد صابر عبيد, لأنه كتاب يتناول فن الرسائل بحساسية أدبية جذابة.
أما شعراً فقد استرعى إعجابي كتاب (سيرة بئر) للشاعر محمد المطرود, لأنه اخترق السائد, وخلق أنماطاً لغوية جارت مناخاتها الموضوعية المميزة.
سلوى الرفاعي (قاصة)
لعل أهم ما قرأته هو (باب الشمس) رواية الكاتب اللبناني إلياس خوري, وهي توثيق للهجرة الفلسطينية الكارثة التي حلت بالشعب الفلسطيني, وأعتقد أنها ذاكرة حية لنضال هذا الشعب, وتأتي أهمية هذا العمل الأدبي بأنه الوحيد الذي أرخ ووثق قصص مأساة الرحيل من جهة, ومن جهة أخرى كشف حياة المجتمع الفلسطيني قبل اللجوء وبعده. وقد جاء كل ذلك في لغة مؤثرة بحيث يحتار القارىء أهي رواية أم قصص حقيقية. وقد أتت هذه الرواية في مرحلة شهدت عدة محاولات لطمس القضية الفلسطينية.
في الرواية يروي خليل الممرض قصص يونس المصاب بسبات الغوما, ترى هل ذاكرة يونس مخبأ لخليل المطارد بتهمة القتل? أم أن ذاكرة الرجلين مرايا لاكتشاف حياة فلسطين وأهلها?
محمد عبيدو (ناقد سينمائي)
الكتاب الذي قدم لي إضافة شخصية بالإضافة إلى تحقيق لشرط المتعة هو كتاب (فن الضوء) للدكتور ماهر راضي.
وميزته أن من كتبه مصور ضوئي من أقدم المصورين في مصر, وقد ساهم في الكثير من الأفلام المهمة, عدا كونه واحداً من المؤسسين لمعهد السينما. الكتاب ينم عن تجربة عملية طويلة, مضافة إليها الخبرة النظرية الواسعة, لذا حقق إضافات علمية جديدة, أهمها تحديد منهج علمي لأول مرة عربياً, لاستخدام لغة الضوء في التعبير, وتحديد عناصر لغة الضوء, واكتشاف طبقة الإضاءة المتوسطة.