ومن ثم ما بعده, وأسأل نفسي أيها سيكون لافتا للنظر أكثر? أو أيها سيكون معبراً عن الأزمة والألم بشكل أفضل, بعد أن وصلت أزمة السكن إلى حد لا يطاق, وأعني تماماً هذه الكلمة, لأنني أعايشها وأعرف تماما مقدار الضغط المادي والمعنوي الذي تشكله على الباحثين عن السكن ولو كان ليس أكثر من مجرد مأوى وقد صاروا كثيرين بل كثيرين جداً!!..
لذلك كان يمكن أن يكون عنوان الزاوية: ( نداء.. نداء .. نداء) أو : ( واحكومتاه نريد سكناً) أو: ( السكن أولوية اجتماعية فهل نتعامل معه كذلك) أو: ( ليكن العام 2007 عاما للسكن) أو: ( لمصلحة من يتركون أزمة السكن تتفاقم) أو : ( لنشرع المخالفات السكنية لمدة عام) إلخ.. حتى توقفت عند العنوان أعلاه فربما يكون معبرا أكثر لأن البعض يعتقد أن حل أزمة السكن وقد صارت أزمة ولم تعد مشكلات بات يحتاج إلى معجزة.
فهل نحتاج فعلا إلى معجزة أم إلى قرار?! ولست أدري اذا كان يتم التعامل مع الأزمة على أنها تحتاج إلى معجزة فنتركها تتفاقم وتضغط أم يمكن التعامل معها بمنطق الرغبة في وجود حل وأن مثل هذا الحل لا يحتاج إلى أكثر من قرارات.. ونوايا جادة.
وكما هو معروف فإن أزمة السكن تتجلى اليوم بارتفاع غير منضبط لأسعار المساكن حتى باتت فوق طاقة أي مواطن صاحب دخل متوسط ولا أقول محدودا وارتفاع غير منطقي لبدلات الايجار حتى صارت فوق طاقة أي موظف بل أي زوجين ولو كانا عاملين معا!!.. وثمة وقائع أخرى تدفع الأزمة للتفاقم إلى حدود يصعب تقديرها, منها:
1- عدم إعطاء الجميعات السكنية الأراضي.
2- استمرار التلكؤ والتباطؤ القاتل في تنظيم الأراضي وانجاز توسعات المدن والبلدان.
3-محدودية القروض السكنية وتعقيداتها وفوائدها المرتفعة.
4- منح الشركات الاعمارية الكبرى التي تتطلع لبناء ضواحٍ ( باريسية) لا تهم المواطن العادي عندنا ولا تعنيه الاراضي المحيطة بالمدن الكبرى ولاسيما بدمشق وحلب والتي كان يمكن الاستفادة منها في حل مشكلة السكن للمواطنين الذين يحتاجون السكن الشعبي لا للمواطنين الذين يبحثون عن الرفاهية وباعتقادنا فإن من يحتاج إلى سكن أو حتى مجرد مأوى يجب أن يحظى بالأولوية.
5- التراجع عن السماح بإقامة أبراج سكنية كان يمكن أن تكون في بعضها شعبية وبالمناسبة هناك من يتساءل عن سر هذا التراجع بعد إعطاء البعض موافقات لبناء عدد من الأبراج.
6- التأخر في إصدار ما نعتقد أنه يساهم بحل بعض الأزمة والمتمثل بقانون الرهن أو التمويل العقاري ونرجو أن يكون اعتقادنا صائبا أو ألا توضع العراقيل في وجه تطبيقه بعد إصداره.
7- التشدد في قمع المخالفات السكنية التي كانت تساهم إلى حد ما بتوفير سكن ولو بشروط صحية وبيئية أقل..
8- ارتفاع أسعار مواد البناء وفقدانها أحيانا..
9- وأنهي تلك الوقائع ببعض ما يتردد في أن هناك من له مصلحة ما في هذه الأزمة لذلك لا يتم حلها وأرجو أن يكون ذلك خاطئا والشك فيه ناجم عن الضغط والضيق النفسي الذي يتجه نحو إطلاق أسباب يعتقدها المواطن حقيقية ومثل هذا الضغط ناجم عن غياب الحلول سواء الحلول الآنية أو المستقبلية وإنجاز ألف بيت هنا وألف بيت هناك ثم ننتظر سنوات لإنجاز غيرها لحل الأزمة التي يحتاج فيها البلد إلى مئات آلاف المساكن الجديدة التي يمكن أن تكسر الأزمة وتلغي المتاجرة فيها.
يقولون: إذا جرحت إصبعك فلا تشعر الإصبع الأخرى بألمها فهل وصلنا إلى حد عدم الشعور الفعلي للمعنيين بالحل بآلام من يحتاج إلى سكن وهنا سأطرح بعض الآمال التي تعول عليها أقول الحلول.. ومنها:
1- الأمل أو بعض الأمل بتنشيط عمل الجمعيات التعاونية السكنية ومنحها الأراضي ومثل هذه الأراضي لم تحظ بها الجمعيات في العديد من المحافظات منذ نحو عشرين عاما وإن تم التوزيع بدمشق مثلا خلال بعض السنوات الماضية فإنما تم توزيعه بالقطارة.
2-الأمل أوبعض الأمل بإنجاز المخططات التنظيمية للمدن والبلدان والبلدات وبعض المخططات القائمة حاليا لم يحدث منذ عقود.
3- الأمل أو بعض الأمل هو غض النظر عن المخالفات السكنية ولاسيما بدمشق لمدة عام واحد مثلا لأن ذلك قد يساهم بالحل إلى حد ما ومثل هذا الحل غير المقبول تشريعيا قد يكون أهون الشرين لأن شر تفاقم الأزمة سيكون أشد خطورة على المجتمع.
4- الأمل أو بعض الأمل أن يكون العام 2007 عام حل أزمة السكن وأن ينعقد مؤتمر للسكن يكون فيه القلم أخضر للتعاونيات السكنية ولوزارة الاسكان مثلا..
5- الأمل أو بعض الأمل أن يتم تخفيض فوائد قروض السكن والجمعيات السكنية لأن السكن حاجة وأولوية اجتماعية ملحة وليست حاجة ترفيهية بل إن تشريعا موجودا منذ العام 1958 يقضي بتخفيض فوائد القروض للجمعيات السكنية لكنه لا يعمل..
وكل تلك الآمال التي أوردتها ليست خارج إمكانية التطبيق بالتالي فحل أزمة السكن لا يحتاج إلى معجزات بل إلى قرارات وإلى نوايا جادة وبعد حقيقي في هذا الاتجاه.. لقد تركنا مشكلة السكن تتفاقم حتى صارت أزمة فلا نتركها اليوم تتفاقم حتى تصل إلى مرحلة الخطر الاجتماعي..
الازمة تتفاقم ولابد من الشعور بضغطها الشديد وأوجاعها المضنية ولاسيما بالنسبة للشباب ومن هم في مقتبل العمر وهي لا تحتاج إلى معجزات فهل نسمع عن تحقيق بعض الآمال عن قلم أخضر للتعاونيات السكنية ووزارة الإسكان على الأقل..
ربما ضغط الأزمة وإحساسي الشديد بها جعلني ( أهلوس) وأحلم بقلم أخضر لن يكون وبحل لن يأتي..
لكنني أؤكد: القطارة لا تروي الظمأ!! والظمأ صار شديدا!! والله الموفق