تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


صراع الإرادات مابين سورية والـغرب « الاستعماري»

دراسات
الثلاثاء 4-9-2018
بقلم د: أحمد الحاج علي

تتشكل في مناخ التحديات العاصفة في حياة الشعوب الحية ظاهرة كبرى تنبعث بصورة متطورة من الأعماق التي يستند اليها الوطن السوري في انجاز الأداء الوطني كما يشاهده ويشهد عليه العالم بكامله

ولا تحدث هذه الحالة إلا اذا اجتمع مقومان في الأزمة، حدّة الصراع كمقوم أول إلى الدرجة التي يكون هذا الصراع نفسه اذا خصائص مصير وتاريخية وحضارية .‏

وموروث الوطن وذاكرته الحية عبر النضالات المستمرة ضد الغزاة والمحتلين والمنتدبين ومايلحق بهذا الموكب من مصطلحات مشؤومة ، أي ان قابليات العطاء حتى حدود الشهادة وإنجاز مسار الخبرة لا بد ان يكون متوفرا في هذا المقوم وهو مزيج الاعتناق والإيمان والاقتداء بالأمثلة الفذة في تاريخ الشعب والوطن وبالمقابل فإنه في تيار العدوان وهمجة السلوك الاستعماري تظهر أيضا ميزة خطيرة في ( الوطن الاستعماري) وهذا المصطلح هو مجازي ولكنه يختزن في محدداته إدمان الاستعمار على الفعل العدواني من عقد لآخر ولربما من قرن لآخر كما هو في سلوك الاستعمار الغربي الكلاسيكي بشقيه الأوروبي والأمريكي وكما نتابعه وهو ينبعث مثل افعى كانت في جحرها ثم انطلقت لتمارس نفث السموم ونشر الجريمة وهذا ماينطبق على الثلاثي البغيض عند كل الشعوب اعني فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة الأميركية.‏

لقد قلنا بأن العدوان كنزعة والاستعمار كمنهج هو وطن تلوذ بأطره وأكنافه هذه الدول الغربية التي يتراءى للبعض ان الزمن قد عفا عليها ثم تأتي الأحداث لتكشف عن هذا النزوع المتجذر في العدوان وهذا الشبق الإجرامي في إعادة انتاج الظاهرة الاستعمارية حينما تكون الفرصة الإقليمية والدولية متاحة ومناسبة وبإرجاع الأمور الى عوامل تكوينها نرى بأن هذه النزعة العدوانية في الغرب انما تغذيها أفكار وثقافات مادية لا تعترف بحق او تاريخ ولايشكل الموت والتدمير بالنسبه لها أي حرج.‏

وحينما نتوغل في الجذور نرى ان الغرب انما بنى وجوده المادي وبرنامجه العدواني على اساسين ، الأول منهما هو استقرار هذا المنهج الذي يقوم على بناء الذات الغربية على حساب شعوب الأرض وحضارتها وذلك عبر نظرة مستقرة ومازالت مستمرة تزين للغرب ان ثروات الأرض في كل القارات هي من ملكياتها وهي التي لا تجد استثماراً أو تطوراً صناعياً ذا فائدة إلا عبر حضارة الغرب المتفجرة على الدوام، ان الأرض العربية على سبيل المثال هي مجرد خزانات أو جدتها الطبيعة لكي ينقض الغرب عليها بذريعة ان العرب لديهم النفط والغاز والخيرات المتنوعة ولكنهم لا يحتاجونها إلا بما تقدمه من اقتصاد ريعي يذهب الى جيوب الملوك والأمراء والمشايخ والاتباع بينما تذهب الخيرات الى معاملها وتنوعاتها واستخداماتها في الغرب الاستعماري المتطور.‏

وفي ذات الوقت فإن شعوب الأرض وتجمعات الأمم البشرية ليست اكثر من قطعان وكميات بشرية وجدت لاستقبال جشع الغرب وامتصاص الطاقة العقلية والتاريخية عند هذه الشعوب وبالمحصلة فهي كميات بشرية تابعة او خاضعة ، هذا هو اصل البناء الحضاري الغربي لذلك استأثر هذا الغرب بالمهام الإجرامية التي أنجزت حربين عالميتين بمئات الملايين من الضحايا وامتدت بإجرامها على كل القارات ولاسيما في الوطن العربي حيث تجسدت ظاهرة الاستعمار والخداع الغربي وخلق مناطق النفوذ على الأرض ومجموعات الحكام في السياسة، وهنا سوف نجد المرحلة الراهنة تستوعب خصائص هذين الاتجاهين الاتجاه الأول الذي تمثله الذاكرة العربية بمخزونها التاريخي وتجاوبها في المعارك وبلاغتها في الفكر والأدب والفن الذي يحتضن هذه الذاكرة الحية ويعمل على اطلاقها في اللحظة الحرجة.‏

وبين الاتجاه الثاني الذي تمثله الانساق الموحدة للحضارة الغربية بكل مواسمها واستراتيجياتها وهي التي تقوم على القتل والنهب حتى لو أدى ذلك الى تآكل مهووس في الذات الغربية نفسها وتاريخ الغرب بكل القرون الماضية يؤكد ذلك ، لقد أكل بعضهم البعض الآخر ثم وجدو الحل في تعميق الصراع فيما بينهم ولكن بهذا التمدد والامتداد على الشعوب المسالمة وصاحبة الإنتاج الحضاري غير الغاضب، وقد اقتسموا العالم واعتقدوا انهم بذلك يثبتون خاصية الصراع فيما بينهم ولكنهم يقبضون الثمن غالياً وكافياً من دماء الشعوب ومن نفط الأمم ومن خيرات الأرض كلها، وتطورت مناهجهم بعد ذلك ومارسوا الغزو الاستعماري كما في أفغانستان وفي الصومال وفي العراق واستقربهم المقام في العدوان الراهن على سورية وتؤكد كل المعطيات في هذا الصراع على الخاصية الحضارية والمصيرية في سياق واحد لذلك فإن مجمل مشاريع الغرب في العدوان هذه الأيام تقوم على الصلف ونزعة الاحتقار القديمة ولاسيما حينما اوجدوا في قلب الوطن العربي الكيان الإسرائيلي فصار امتدادهم في قلب بلاد الشام وأمنوا لهذا الكيان كل مقومات الذات المتضخمة وأدوات العدوان والتكافل المباشر مع هذا الكيان في اللحظات الصعبة هي تجربة حرب تشرين المجيدة.‏

على ان الأمر لم يقف عند هذا الحدّ لأن التطور الغربي المادي صار متوحشا وعميقا ولأن الضياع العربي بما فيه من هذيان وعملاء وكيانات وأنظمة سياسية وجدت أمانها عند الغرب بصورة مباشرة في بريطانيا وفرنسا أولا وفي أمريكا في المآل الأخير وعند هذه اللحظة اهتدى الغرب ( المبدع) بخياله وتطبيقاته الى قصة الإرهاب فأعدوا له كل الأسلحة ودربوه في اوكارهم واطلقوا عليه اللبوس الإسلامي واحترموا له مبررات من داخل كل قطر عربي نظيف ثم اعتمدوا الإرهاب وسيلة مؤثرة وقاتلة هي التي يحقق الغرب أهدافه بصورة مريحة وهذا مايفسره الموقف الغربي من الإرهاب الآن .‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية