|
شباب حداثوي البلد لوجيا
أخيراً استطاعتا الإفلات في شارع فرعي,ولكي يكتب القدر لي مقابلة المشكلة كان طريقي خلفهما,عند زاوية يقف ثلاثة شبان ما إن رأوا الفتاتين حتى بدأ الصفير والهمهمة , ثم سائق سيارة أجرة يعترض الطريق برعونة مع صوت فرامل قاس ويوجه لهما كلاماً بذيئاً ودعوة أشد بذاءة,أجابت عليها إحداهن بصراخ مع كلمات غير مفهومة ولكنها تبدو سباباً عنيفاً. حتى هذه اللحظة كنت أظن أن اللباس المثير هو السبب,ولكن خاتمة المشهد مرور سريع لشاب على دراجة هوائية وبحركة سريعة من الخلف شد شعر احداهن بعنف وجمت له الفتاتان ووجمت معهما. المشهد أثار تداعياً غريباً عن علاقة جيلنا مع المرأة في الشارع أو المدرسة أو الجامعة,بحشمتها وفجورها,كان اللقاء مع فتاة تحتاج الى تحضير طويل.كنا مترددين وخائفين,عبارة التعارف من كلمتين عاثرتين مع خفقان وتوقع للرفض حاجز طويل من التلكؤ والانكسار هو مانتوقعه,أما في الشارع فنسترق النظر الى أية فتاة جميلة,وعند تلاقي العيون تنكسر نظراتنا,هل كان جبران سبباً أم التربية أم صورة المرأة في الشارع الذي يرفض التحرش والتمادي? وقد تكون الفتاتان الأولى والثانية هما السبب,فقدمت المرأة طوال سنين عديدة امرأة تحب بقدر,وتحتشم وأكثر ما تذهب إليه هو لقاء في (كافتيريا)أو ابنة الجيران في شرفتها وتلويحتها. وبدأ انفراط المراقبة مع (كاساندرا) ثم هجمة الديجيتال المرعبة والصور المثيرة عن المرأة في كل مواقعها من( شكل مثير وغواية هائمة). فالتلفزيون قدم إحساساً صارخاً ومثيراً عن المرأة,والكتب التي قرأناها قدمت أنموذجاً هادئاً عن شوقنا إليها,وفي أشد لحظاته إثارة كان عميقاً في دواخلنا. نحب سريعاً ونبكي سريعاً ونصدم سريعاً فنكتب قصيدة شعر,أما الآن فهم أيضاً يحبون سريعاً ولكنهم لا يبكون ولا يصدمون ولا يحبون الشعر ولا يقرؤون وإنما برسالة (SMS) ينهون المشهد مع أغنية لشاكيرا. مشهد التحرش الذي ذكرته في المقدمة لم يستغربه أحد ولم يحرك فيهم ساكناً تقبله البعض بابتسامة بلهاء والأغلبية كانت محايدة. حتى نتفق أن الشارع صورة عن سلوكنا,كما البيت والمدرسة , نمارس فيه انسجاماً مع ما نعلن وما نبطن,ما نرفض وما نحب وبأنه عالم ينسحب على مبادئنا.?
|