كل ما يمكن كشفه من جوانب الحقيقة التاريخية والاجتماعية والسياسية والدينية والفلسفية, وتطوره في المكان والزمان ,واستنباط , ما أمكن من مجالات النشاط الإنساني, وأقصد العلم الطبيعي , الدين,
الفلسفة , التاريخ, إنما أسعى نحو غاية كشف الحقيقة الغائبة عن مدينة حلب التراث والثقافة, ولو اختلفت طرقها وطرائقها , إنها ليست متناقضة , أو متقاطعة ,أو متوازية ,إنها متلاقية , فهي تنطلق من أرضيات ونقاط ومبادىء متباعدة , لكنها تتحرك جميعاً نحو تاريخ حلب القديم والحديث,علامة الثقافة الإسلامية في كل مراحل نموها وتطورها بصرف النظر عن إخفاق بعضها ونجاح بعضها الآخر في هذه المرحلة التاريخية أو تلك من الزمن إنها في حقيقتها الشمولية الموضوعية , متكاملة ثم متلاقية . لقد أكدت جميعها وحدة هذه المدينة ووحدة الأصل الإنساني ,وجوداً ثم تطوراً وثقافة وحضارة وكان هذا من شأنه أن يأخذ أبعاده الاجتماعية بين كافة فئات الشعب في عمق الظاهرة الحضارية الواحدة ورسوخها في الواقع, إن هذا تحديدا هو ما دفع ببعض العلماء إلى القول بوجود مركز للإنسان ألا وهو حلب عاصمة الثقافة العربية والإسلامية عبر العصور . كانت حصناً منيعاً ( القلعة ) تعاقب على اشغاله الحثيون والآراميون والسلوقيون والرومان والبيزنطيون مرتفعة تشرف على المدينة من جميع جهاتها , هذه القلعة العربية الإسلامية هي من أشهر قلاع العالم وأقدمها, ومما لا شك فيه أنها أقيمت على أنقاض قلاع متتابعة قديمة , يعود تاريخ بناء أهم أقسام القلعة إلى عصر الملك الظاهر غازي ابن صلاح الدين الأيوبي,وقبله الأمير سيف الدولة الحمداني الذي أسس بلاطاً ثقافياً مختلفاً. وإذا ما تابعنا الإمعان والنظر في فن العمارة الإسلامية سنصل إلى مسجد إبراهيم الخليل الذي أنشأه الملك الصالح إسماعيل بن محمود بن زنكي سنة 563هـ 1179م وعلى المدخل المسجد وجدرانه كتابات تأريخية ويلي هذا المسجد بناء آخر هو مسجد ذو مئذنة مربعة الذي رمم مؤخرا , ومن القصور التي مازالت قائمة قصر يوسف حفيد غازي, مزين مدخله بمقرنصات جميلة , وأمامه ساحة مرصوفة بأحجار صغيرة ملونة ذات رسم هندسي بديع. منذ عام 1950تجرى في القلعة ترميمات وتجديدا ت من قبل المديرية العامة للآثار , كما أجريت فيها حفريات أثرية للتعرف على تاريخ هذه القلعة قبل الإسلام وأحدث اكتشاف في قلعة حلب ,جدار من معبد إله الأمطار والأنواء وكان معبود جميع شعوب المنطقة ويتألف الجدار من سبعة مشاهد تمثل الإله وكائنات أخرى بأسلوب فني متميز, ولقد تبين أن الرابية كانت مقراً لمعابد حثية وآرامية , وفي العصر الإغريقي أصبحت الرابية اكروبول المدينة واستمرت كذلك حتى اقتحمها العرب المسلمون وعلى رأسهم خالد بن الوليد مع عدد من الفدائيين العرب . واستقر الحكم العربي الإسلامي منذ ذلك الوقت في حلب وقلعتها المنيعة التي صدت هجوم الروم والمغول والتتار , وأول من استعملها بعد الفتح الإسلامي سيف الدولة الحمداني ثم المرداثيون وبعدهم آل سنقر ثم رضوان بن تتش أصلح فيها , ولكن الأيوبيين هم بناتها كما هي اليوم . أبواب مدينة حلب: تسعة أبواب بعضها مازال قائماً وهي 1-باب قنسرين أو باب السجن 2- باب المقام أو باب دمشق 3-باب النيرب 4- باب الأحمر 5- باب الحديد أو باب بنقوسا 6- باب النصر 7- باب الفرج 8- باب الجنان أو العتمة 9-باب إنطاكية . أسواق مدينة حلب : أسواق حلب سبعة كيلومترات وتعود إلى القرن الثالث عشر وتمتد من باب إنطاكية غرباً وسوق النيرب شرقاً بطول 750وعرض 350م وهي على شكل شوارع وأسواق متوازية ومتعامدة تضم تسعاً وثلاثين سوقاً , يختص كل سوق بنوع من البضائع , وكانت أسواق حلب مفتوحة للتجار من أنحاء العالم ولهم خانات مخصصة . أسوار مدينة حلب : تعود أسوار حلب إلى العصر السلوقي في القرن الثالث ق.م ثم رممها جوستنيان, أعاد ترميمها سيف الدولة الحمداني 353هـ962م ومن بعده ابنه سعد الدولة, ثم قام نور الدين محمود بن زنكي بعمارة جديدة لأسوارها سنة 592هـ1195م . اعتبرتها منظمة الأونسكو مدينة تاريخية إسلامية هامة لاحتوائها على تراث إنساني إسلامي عظيم, يجب حمايته , خاصة وأن فيها أكثر من 150 من الأوابد الأثرية تمثل مختلف الحضارات الإنسانية والعصور السياسية والدينية التي مرت بها , وفي عام 1978 سجلت مدينة حلب في السجلات الأثرية الرسمية ووضعت الإشارة على صحائفها العقارية . يوم 6 تشرين الثاني 2001 وفي احتفال عقد في قلعة حلب التاريخية أعلن الآغاخان كريم ابن الأمير علي خان بن سلطان محمد شاه آغاخان , عن المشروعات التي حصلت على جائزة آغاخان لفن العمارة كانت تظاهرة إسلامية في دورتها الثامنة منذ عام ( 1998- 2001 ) أعقب حفل توزيع الجوائز في اليوم التالي , ندوة مطولة استعرضت فيها المشروعات الفائزة ونوقشت جوانبها المعمارية والاجتماعية كافة بحضور أصحابها من مهندسين ومصممين ومنفذين . أنشئت جائزة الآغاخان للعمارة الإسلامية عام 1977 م للعمل على تعميق فهم الثقافة الإسلامية وتقديرها من خلال العمارة المعبرة عنها وفي سبيل ذلك تقوم الجائزة بالبحث عن نماذج معمارية متميزة وتقدير أوجه تميزها, ويغطي ذلك مجالات متنوعة تشمل التصميم المعاصر والإسكان الاجتماعي وتنمية المجتمعات المحلية وأعمال الترميم وتحسينها وإعادة استخدام المناطق والحفاظ عليها ضمن مدينة حلب وإحياء حياة جديدة في مبانٍ قديمة .