الشيشة والسياسة
ملحق ثقافي 25/4/2006 زياد علي كرسي جمر يحرق القلب يامعلم.. تطلعت إلى مصدر الصوت.. شاب نحيل ابتسامته لا تحمل بطاقة هوية.. يربت على كتف صديقه النوبي ويدخل مع صبي المقهى في (قافية). يكتم صاحبه ضحكته التي تنفلت على دفعات. - اسمعني.. الفقر حشمة والغنى قلة أدب! المقهى ضيق كالقلب..
الكراسي في حدود أصابع اليدين، زحام (شارع المساحة) يخف بعد الحادية عشرة.. كنت وصديقي (علي القبلاوي) نفضل الجلوس أمامه. تقترب خطوات الامتحانات.. الورود تتفتح مطلة من بيت الطالبات. تندفع الكلمات سريعة من فم الشاب النحيل كمؤنة كلاشنكوف ويرد عليه صاحبه النوبى بضحكات عالية يطعمها بقرقرة الشيشة. ما تبصش في العالي ياخالي واسمع كلامي.. دنا من العالي.. ما ماجرالي.. عيناي تتسلقان سطور قصة لتشيخوف اليمن محمد عبد الولي قفشات النوبي وصديقه تطرق بابي. - لقد اشتغلت راعي بقر ببنغازي يضحك الأول - يلعن أبو سيارات البيجو يضحك الثاني - كرسي جمر (..) يا برنس يضحكان معا.. يحضر لهما طلبهما، صديقي علي يرفع رأسه.. حركته تدل على الضيق من النوبي الذي يستخف دمه.. الدقائق تهرب متوترة.. ونسمات الليل تتوقف عند نقطة الحدود للتفتيش، يصل صوت الكلاب التي تعوي في المذياع، صديقي يهز رأسه وهو يراقب خطوات النوبي مبتعدة بجسمه، ابتسم فيما تندفع كلماتي كخيول غير مسرجة. الجاي ماشي وخليها ماشية والعمر ماشي والأرض ماشية وحزن الغلابة مش ماشي ليه؟ ماهي ماشية حتعمل إيه؟ جرحك يابلدي زايد شجوني وحزن قلبي جارح جفوني واصبر ياصحبي على نصيبك يكفي حبيبي ما ينكش ماشي! قبيلة من الغجر في داخلي تحتل مساحاتي الجوانية الحزن يستعمرني يا جرحا منبطحا على بطنه حين تحررت شفتاي من بعضهما قفزت بعض الكلمات متعانقة. يارب الأقيانوس الأزرق لا داعي أن يحدث ذلك على الرصيف الآخر.
|