تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


قبل أن تبهت الصورة

إضاءات
الثلاثاء 28-8 -2018
سعد القاسم

حقائق ووثائق، هو العنوان الفرعي للكتاب الصادر عن الهيئة العامة السورية للكتاب بإشراف السيدة الدكتورة نجاح العطار، ومشاركة أربعة عشر باحثاً وباحثة من عدة بلدان عربية يجمع بين دراساتهم وضوح الرؤية،

ونزاهة الموقف، والحرص على تقديم المعلومة، والتحليل المبني عليها، على حساب الخطاب العاطفي، والنص الإنشائي الذي يجنح إلى استحضار الأمنيات، وتكرار المقولات السائدة.‏

(سورية في مواجهة الحرب الكونية) هو العنوان الأساسي لهذا الكتاب، والعنوان يترجم طبيعة دراسات الكتاب المشار إليها، فهو يحدد منذ البداية حقيقة ما تتعرض له سورية منذ سبع سنوات ونيف، بعيداً عن التزييف والتلفيق الذي يمارسه الإعلام الغربي، وتوابعه، والذي يعمل منذ سنوات بعيدة سبقت الحرب الأحدث على سورية لتشويه صورتها وصورة شعبها وتوجهاتها، وحتى ثقافتها وتاريخها وإرثها الحضاري، تهيئة لتنفيذ مشاريعه التي تستهدف وحدة سورية وسيادتها وطموحها التنموي، والعمل لأجل ذلك بكل الإمكانيات المتاحة، وهي إمكانيات هائلة، لتقديم صورة مضللة عن واقع ما كان يجري على أرضها، وما يجري الآن. وفي الخطوة التالية يقوم الكتاب كاملاً بعرض مقدمات ما يجري، وأهدافه، والتحضيرات المسبقة له اعتماداً على الحقائق الموثقة، وقسم غير قليل منها متاح لمن يريد تبيان الحقيقة، لقناعة الدارسين أن (هذه الحرب العدوانية متعددة الوجوه والأبعاد والمصادر والأذرع والأشكال التي لا سابق لها من الشراسة والهمجية والظلامية والإرهاب والتدمير الممنهج التي شنت - ولا تزال تشن - على سورية إنما تشكل تهديداً مباشراً للعرب ومستقبلهم جميعاً) وفق تعبير الدكتور خلف الجراد منسق الدراسات.‏

ينقسم الكتاب الصادر في ثمانمئة صفحة من القطع الكبير إلى قسمين، يتضمن الأول منهما خمس عشرة دراسة تتناول أوجهاً متعددة في الحرب الكونية على سورية، ويضم الثاني قراءات في ثلاثة من خطابات السيد الرئيس بشار الأسد في ثلاث مراحل مختلفة من الحرب. قد أهدى الباحثون كتابهم إليه متمنين إلى الله تعالى أن يحفظه ويأخذ بيده إلى طريق النصر، تحقيقاً لآمال الأمة العربية. وبحكم طبيعة تخصص أصحاب الدراسات المشاركين وتنوعها فقد تنوعت الزوايا التي تم منها تناول الموضوع ذاته، بما حقق تكامل رؤية الصورة العامة بتفاصيل وقائعها ومقدماتها وغاياتها ونتائجها، وساهم في منح الكتاب أهمية إضافية المصداقية العالية التي يتمتع بها المشاركون فيه، والتي عبّرت عن نفسها من خلال أبحاث وتحليلات عميقة معلنة، أو منشورة، منذ بداية الحرب، حيث كانت هذه الأبحاث والتحليلات، ولا تزال، قادرة على استخدام المعلومة الموثقة، والوثيقة المتوفرة، لإيضاح رؤيتها بدرجة كبيرة من المصداقية والقدرة على الإقناع.‏

تبدأ دراسات الكتاب بدراسة تقدم نبذة عامة عن وثائق المؤامرة على سورية تستعرض عدداً مهماً من الوثائق الغربية الرسمية، والأميركية أساساً، تثبت أن هذه المؤامرة وجدت قبل بدء الحرب بالوكالة عام 2011، ومن ثم على امتداد سنواتها. تليها دراسة تضع الحرب في إطار المؤامرة الكبرى التي تستهدف الهوية والانتماء، والتي يمثل الكيان الصهيوني رأس حربتها، مستعرضة نماذج أساسية من هذه الحرب التي شارك فيها الغرب والصهيونية وجهات عربية، وأخطارها على المستقبل العربي. الدراسة الثالثة التي حملت عنوان (استراتجيات المجابهة العسكرية في مواجهة العدوان) قدمت سرداً دقيقاً لاستراتيجيات المواجهة مع العدو الصهيوني منذ اغتصابه لفلسطين، وخاصة في عام 1978 وما بعده حين خرجت مصر من معادلة الصراع بتوقيعها اتفاقية الصلح، وصولاً إلى الحرب التي شنت على سورية منذ عام 2011 بمراحلها المختلفة، والجهات الكثيرة المشاركة فيها. أما الدراسة الرابعة فتتناول الحرب على سورية من وجهة القانون الدولي باستعراض الحجج التي ساقتها دول العدوان، وبيان تعارضها مع القانون الدولي. وتتناول الدراسة الخامسة إحدى أسوأ وسائل الحرب الكونية وهي الفكر التكفيري، مسترجعة تاريخ نشوء هذا الفكر في منطقتنا، ووقائعه على الأرض. فيما تتناول الدراسة السابعة الحرب في المجال الثقافي، والاختراقات الصهيونية للحياة الثقافية العربية. فيما تتناول الدراسة التالية لها الحرب في المجال الإعلامي، وتقدم دراسة عن الفصائل الإرهابية في سورية عرضاً دقيقاً للمرجعية الفكرية والسياسية (التمويلية) لهذه الفصائل، وعن الدعم الذي تلقته من الخارج بالتزامن مع وقائع الميدان. ويسرد تفصيلاً دقيقاً لتشكيلاتها وتحولات كل منها.‏

القضية الفلسطينية التي كانت، ولا تزال، أساس الصراع في المنطقة تطرقت إليها الدراسة التاسعة من زاوية تداعيات الحرب (السورية) عليها عبر سرد وثائقي عن علاقة سورية بقضية الشعب الفلسطيني ونتائج وتداعيات هذا الدعم. لتدخل الدراسة العاشرة في استعراض حقائق وأبعاد دور الكيان الصهيوني في الحرب على سورية. ثم تتحدث الدراسة الحادية عشر عن أثر النصر السوري في تغيير ميزان القوى الإقليمي. وتستعرض الدراسة الثانية عشرة دور الحلفاء في هذا النصر. وتنتقل الدراستان التاليتان للحديث عن سياسة القيادة في الميدان الاجتماعي، وعن آثار الحرب على الاقتصاد السوري. فيما تتحدث دراسة أخيرة عن دور الصمود السوري في بناء ركائز نهضة عربية مستقبلية.‏

شارك في كتابة الدراسات: د.إبراهيم علوش، د.خلف الجراد، العميد الركن د.أمين حطيط، د.حسن جوني، د.ناديا خوست، د.حياة الحويك عطية، العميد الركن تركي حسن، د.طلال ناجي، د.رفعت سيد أحمد، أ.تحسين الحلبي، أ.أنيس نقاش، د.إسماعيل مروة، د.حيان سليمان، د.محمد أشرف البيومي. وما تم عرضه هنا لا يتعدى كونه عناوين دراساتهم الثرية والجادة، عرض لا يغني بحال من الأحوال عن القراءة الدقيقة المتمعنة لما جاء في الكتاب - الوثيقة - المرجع، الذي قُدم - بحق- على أنه مساهمة علمية في إعادة بناء الوعي المعرفي السياسي - الثقافي - الاستراتيجي الشامل.‏

وهي دعوة لهذه القراءة، وللمساهمة في هذا البناء.‏

www.facebook.com/saad.alkassem

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية