ولو استعرضنا تاريخ العنف والتطرف والإرهاب في منطقتنا لوجدنا أن الكثير منه جاء من مناطق بعيدة على شكل حملات وغزوات استعمارية بأسماء ومواصفات مختلفة، بينما القليل منه جاء على شكل ردود فعل عكسية حاولت أن تواكب ما يفرض بقوة القهر والسلاح، وحتى الحركات الإرهابية التي تنسب للمنطقة وتحسب عليها تشكلت ونمت في أحضان الاستعمار وفي مناخاته غير الطبيعية كما هو حال الحركة الوهابية وحركة الإخوان المسلمين اللتين أنتجتا معظم التنظيمات الإرهابية المحلية، في حين بقي الكيان الصهيوني ـ الاختراع الغربي الخالص ـ الأخطر بين التنظيمات الإرهابية في العالم.
في حالة «داعش» الذي يشغل الحيز الأكبر من اهتمام العالم اليوم يلاحظ الشبه الكبير بينه وبين إسرائيل من حيث استغلاله للدين وتمدده على الأرض دون ضوابط، واعتماده على متطرفين من جنسيات مختلفة ليكونوا رأس حربته الإرهابية، وانتهاجه أساليب همجية لبسط سلطاته، وارتباطه بدول تدعمه وتموّله وأجهزة استخبارات توفر له كل ما يحتاجه من معلومات، ما يجعله أقرب إلى «إسرائيل» ثانية.
ما يدعونا للسؤال هل يريد الغرب فعلياً أن يقاتل هذا التنظيم أم أنه يريد أن يكرسه واقعاً جغرافياً يحقق له مكاسب جديدة كإضعاف دول المواجهة مع إسرائيل وتوفير الذريعة الجاهزة للتدخل العسكري في شؤون منطقتنا متى دعت الحاجة..؟!
كل المعطيات تقول إن الغرب ينوي استنساخ صورة ثانية عن إسرائيل في منطقتنا لتكون أنموذجاً منافساً لها، ومن ثم وضع العرب أمام خيارين لا ثالث لهما إما التبعية له عبر الصلح مع إسرائيل أو الوقوع في فخ داعش وهذا ما يحدث فعلياً..؟!