وتشكل الأسرة الوعاء التربوي والثقافي الذي تتبلور داخله شخصية الطفل كونها تلبي حاجاته البيولوجية من تربية وتنشئة وتهذيب وغرس الفضائل والقيم.
إذاً المعيار الأساس لثقافة الطفل ينبع بالدرجة الأولى من مؤسسة الأسرة لأنها الركيزة في عملية التوجيه الواعي والعقلاني نحوالمثل العليا في المواطنة والمشاركة والحوار، أضف إلى ذلك التسامح والتعايش والانتماء إلى ذاك الوطن الذي يضمنا بين جناحيه، وخصوصاً بعد تصاعد حملات الغزوالثقافي للعالم وعمليات التغريب التي تجتاحنا بألف شكل ولون.
فالاهتمام بثقافة الطفل هوأحد جوانب الرعاية السليمة للطفولة، حيث نتطلع جميعاً إلى ثقافة إيجابية جديدة تحلق بنا في الاجواء والفضاء والمثل، فالثقافة هي التي تدفع الحياة في الإنسان وهي صمام الأمان الذي يحميه من غوائل أي غزوثقافي، وإن أي أمة تتجاهل أطفالها فهي تتجاهل كنوزها.
ولا بدّ أن تتضافر الجهود للعناية بثقافة الطفل بدءاً بالأسرة مروراً بالمدرسة وليس انتهاء بالمؤسسات الثقافية التي تعمل على تفعيل الأنشطة التي تحفز على القراءة والإبداع وملء الفراغ بشكل إيجابي يعمق ثقافتهم ويربطهم بمجتمعهم وبإرثهم الحضاري ليكون لبنة صالحة في المجتمع وحجر زاوية في بناء حاضر الأمة ومستقبلها.
والأمل لا يزال كبيراً لكي نمدَّ الجسور بيننا وبين الأطفال وأن يكون الكتاب هوالوسيط بين ماض عريق وحاضر حي ومستقبل سيكون مشرقاً بتألقهم وإبداعهم، فالتربية الثقافية للطفل لا شك أنها تطرح قضية الثروة البشرية المستقبلية، فهل نسعى لرعايتها وتنميتها لنصبح أشدّ امتلاكاً لمصيرنا أم نستمر في إهمالها وهدرها ثم نأسف على ما سيصل إليه حالنا من الضعف والجهل ؟!!.