|
من فوضى التعريـب إلى فوضـى المصطلحــات..مـن يضبــــط الإيقــــاع وكيـف.. وتخرج في جامعتنا الاف الاطباء والمهندسين الذين اثبتوا مهاراتهم وقدراتهم على التنافس والتحدي والانجاز العلمي، وبالتالي هذا يعني قدرة اللغة العربية على استيعاب العلوم العصرية، وبالتالي فان اللغة العربية التي تدرس بها هذه العلوم ليست لغة جامدة كما يحلو للبعض ان يصورها، ولم تضق ابدا بالمصطلحات العلمية والفكرية والفلسفية، وكانت ذات ماض،هي لغة العلوم والفلسفة والتجارة عندما كانت الدولة العربية في اوج ازدهارها وانصهرت في بوتقتها علوم ومعارف الامم الاخرى، ولانأتي بجديد اذا ما قلنا ان الاف المفردات التي نشأت في هذه الدولة انتشرت الى دول اخرى وبالتالي صارت من نسيجها اللغوي والثقافي والتاريخي، وبمعنى آخر من يصنع التقنية ويقدم الاختراع والعلوم هو الجدير بتسميتها وتصديرها مع تسمياتها الى العالم. هكذا كنا ذات يوم، ولكننا الان في اسوأ حال نستورد الآلة واسمها ومصطلحها وما تحمله من دلالات اخرى «لا نأخذ منها الا الجانب الاكثر ضرراً وبعداً عن التفاعل الثقافي والاجتماعي والحياتي», ولا يغرينا الا اسمها الاجنبي مهما مرادفه العربي جميلاً ومناسباً، وليس هذا فحسب بل انك تجد كل دولة عربية تخترع اسما جديدا لالة تصلها، او تترجم مصطلحا طبيا او علميا وتضعه في التداول اللغوي، وثمة دولة اخرى تترجمه ايضا (عربية) بمفردات اخرى ربما لاتتطابق مع ما ترجم في دولة يفترض انها شقيقة، او انها تنسق معها التعريب في كل شيء، وهذا ما اطلق عليه الاستاذ الدكتور محمود السيد فوضى التعريب والمصطلحات، وتوقف عنده طويلا في كتابه الهام جدا والصادر حديثا عن مجمع اللغة العربية بدمشق، وحمل عنوان: الخطة العامة لتنسيق التعريب في الوطن العربي (الواقع-المشكلات - الحلول). واذا كنا لا نريد ان نذهب بعيداً في الحديث عن واقع هذا التنسيق وهو ليس بسار أبدا, فانما علينا ان نقف عند عنوان واسع توقف عنده الدكتور السيد وجاء تحت عنوان:الفوضى في المصطلحات، يرى استاذنا الدكتور السيد ان ثمة ملاحظات على وضع المصطلحات على نطاق الساحة القومية، ومنها غياب التنسيق بين الجهات التي تضع المصطلحات، وعدم الاتفاق في الاعم الاغلب على مصطلح واحد يلتزم به على الصعيد العربي، اذ اننا نجد تعدد المقابلات للمصطلح الواحد. وحين يرصد الدكتور السيد أسباب هذه الفوضى فإنه يرى أنها نابعة من الاسباب التالية: - جهل الواضعين لها، إذ إن بعضها يصلنا عن طريق الأنباء الصحفية وغيرها وتقع مسؤولية ترجمتها على عاتق المترجمين بناء على اجتهاداتهم الشخصية ويصل الى السنة العامة قبل وصوله الى المعنيين به. - تعدد الواضعين:ثمة عشرات الهيئات العامة والخاصة في الوطن العربي تعنى بوضع المصطلحات ويغيب التنسيق فيما بينها. - تعدد مناهج الواضعين: فبعضهم كما يرى الدكتور السيد يميل الى المصطلحات العربية التراثية في الوقت الذي يتجه فيه بعضهم الاخر الى الالفاظ العربية الحديثة،وبعضهم يمنع التعريب، وبعضهم يشجع على النحت في الوقت الذي يعترض عليه اخرون. - غياب وسائل النشر المصطلحي الفعالة:ثمة قصور في نشر المصطلحات وبعضها لايكاد يخرج من الهيئة العلمية الواضعة له. - الجهل بالمصطلحات التراثية والحديثة: من حيث قلة الجهود للتعريف بالتراث العلمي للامة العربية وضعف وسائل النشر المناسبة للتعريب بما تنتجه المجامع اللغوية والهيئات العلمية الاخرى. - اختلاف الخلفية الثقافية واللغوية للمترجمين: فالآلة الواحدة قد تسمى اسمين تبعا للغة المصدر أو المترجم، ومثال على ذلك الحاسوب وما يقابله من مصطلحات متعددة. - غياب التنسيق العربي الفعال في مجال المصطلحات:وهذا يحدث في البلد الواحد وبين جامعاته ومؤسساته العلمية، كما ان هناك غيابا للتنسيق بين اتحاد المجامع اللغوية العربية، وبينه وبين مكتب تنسيق التعريب. - غياب الالتزام الصارم والدقيق من المؤلفين والمترجمين:وقد تكون ثمة مصطلحات تم الاتفاق على بعضها الا ان المؤلفين والمترجمين لا يلتزمون باستخدامها في مؤلفاتهم وترجماتهم، ويتقاعس في البحث عن المصطلحات العلمية الصحيحة والمناسبة. ويرى الاستاذ السيد ان ثمة دوراً هاماً يؤديه الاعلام كحالة سلبية في الاضرار باللغة العربية ويتجلى هذا الاضرار في اعتماد اللهجات المحلية المغرقة في عاميتها ومن المعروف ان العاميات اداة تفكيك لنسيج الامة الثقافي، في حين ان الفصيحة عامل توحيد كما ان هذه الفضائيات تقدم في احيان كثيرة خطابا دينيا وعظيا يعتمد العامية بحجة التبسيط وثمة ظاهرة أخرى انتشرت بين الشباب العربي وهي استخدام الحروف اللاتنية على انها بديل للحروف العربية في كتابة الرسائل النصية. ويضع الاستاذ الدكتور السيد فصلاً خاصاً بالحلول ولكن ترى من الذي سيأخذ بهذه الحلول التي تضع العلاج المناسب لما نراه من فوضى في التعريب والمصطلحات، ولم تعد فوضى مصطلحات، بل صارت فوضى حياة وفكر، واضطراب،ودفعت اوطاننا اكلافا باهظة لها، فالامر ليس مجرد مصطلحات لغوية عابرة، بل هو ثقافة وممارسة وخلفيات فكرية تتجلى الان في ارهاب يمارس علينا باسم الحرية، وهذا الطوفان الارهابي هو سليل هذه الفوضى ومناخها الفكري، فهل يلتفت من يهمه الامر الى واقع الحال ونبدأ فكريا وتربويا ونضع استراتيجيات موحدة في العلوم والثقافة والمصطلحات ونخرج مجامعنا اللغوية وهيئاتنا العلمية من اطار ان تكون مجرد ادوات تنظير يلقى على قارعة الطريق، الى ناخذ بما تقدمه من رؤى واستراتيجيات تصون مجتمعاتنا والامن اللغوي والثقافي اولا واخيرا ولا حصن يقينا القادم الا عمل تربوي وثقافي d.hasan09@gmail.com"حقيقي. d.hasan09@gmail.com">وعلمي d.hasan09@gmail.com"حقيقي. d.hasan09@gmail.com
|