وأوصى المؤتمر في بيانه الختامي مساء أمس بأن تنبثق عن هذا المنتدى محكمة اممية شعبية يجري اختيار قضاتها وتتحدد اختصاصاتها والمحامون الذين يترافعون أمامها بالتنسيق بين اعضاء المؤتمر مؤكداً ادانة كل من يقوم بتمويل الإرهاب أو دعمه ماديا او معنويا سواء أكان دولة ام منظمة دولية ام اي شخص من أشخاص القانون الدولي ام فردا بصرف النظر عن الحصانات والامتيازات التي يتمتع بها.
وشدد المشاركون في المؤتمر في بيانهم على وجوب أن تتم مكافحة الإرهاب على المستوى الدولي من خلال الامم المتحدة دون الاخلال بحق السيادة أو جواز التدخل في الشؤون الداخلية لدولة ما بذريعة مكافحة الإرهاب اضافة إلى عدم جواز تفسير قرارات الامم المتحدة بشكل انتقائي او ان تكون هي المرجع الوحيد لتفسير هذه القرارات مؤكدين على حق الشعوب في مقاومة الإرهاب والاحتلال وعدم جواز التدخل في الشؤون الداخلية للدول.
وأوصى المشاركون في المؤتمر الدولي لمناهضة الإرهاب والتطرف الديني في بيانهم بـ تكليف نقابة المحامين في الجمهورية العربية السورية وبالتنسيق مع وزارتي العدل والخارجية والمغتربين باقامة الدعاوى المتعلقة في ما تعرضت له الدولة من إرهاب امام المحاكم المختصة ولها في سبيل ذلك الاستعانة بمن تراه داخل سورية أو خارجها في سبيل انجاز المهمة الموكلة.
ودعا المؤتمرون إلى اعادة النظر في الخطاب الديني والمناهج الدراسية بما يناهض العنف والفكر المؤدي اليه ويقوم الاخلاق ويساعد على بناء المجتمعات بدلا من تغذية الاجيال الناشئة بالافكار الإرهابية المتطرفة بشكل مباشر او غير مباشر وابراز الجوانب المضيئة والمشرقة في التراث الديني.
وطالب المؤتمرون بالعمل على اعادة احياء قرار الجمعية العامة للامم المتحدة رقم 3379 والذي يعتبر الحركة الصهيونية حركة عنصرية كون العنصرية سببا من اسباب الإرهاب مطالبين الامم المتحدة باعتبار الحركة الوهابية وكل من يرتبط بها حركة إرهابية.
واكد المؤتمرون ان الحصار المفروض على الدول لاسباب سياسية ومنها سورية وقطاع غزة من قبيل الاعمال الإرهابية وأن العقوبات الاقتصادية أحادية الجانب المفروضة من قبل الولايات المتحدة الامريكية والاتحاد الاوروبي وغيرها من الدول تجاه سورية غير مشروعة وتخالف القانون الدولي والشرعية الدولية لحقوق الانسان داعين إلى العمل على الغائها فورا مع اتاحة الحق لسورية بالمطالبة بالتعويض عن الاضرار المادية والمعنوية.
وطالب المؤتمرون بادانة وملاحقة كل من ينهب ثروات الشعب السوري النفطية والتراثية والتاريخية والاقتصادية واعتبار ذلك دعما مباشرا للإرهاب داعين الامم المتحدة ووكالاتها المتخصصة والشرطة الجنائية الدولية إلى اجراء ما يلزم والتعاون مع الحكومة السورية لادانة الجناة ومن يتعامل معهم من دول ومؤسسات وافراد واستعادة المسروقات والثروات المنهوبة.
وختم المشاركون في المؤتمر الدولي لمناهضة الإرهاب ومكافحة التطرف الديني بيانهم بالتأكيد على رفض ازدواجية المعايير في كل الامور المتصلة بقضايا الإرهاب وخاصة الجانب الاعلامي واحترام ارادة الدول والشعوب في التعبير عن رأيها بحرية ضمن نطاق النظام العام الدولي وميثاق الامم المتحدة واحترام ميثاق الشرف الاعلامي واعتبار حصار القنوات الاعلامية ولا سيما السورية منها انتهاكا جسيما للقانون الدولي.
وقبيل صدور التوصيات الختامية قدم رئيس مجلس أمناء مؤسسة بصمة شباب سورية أنس يونس أمام المؤتمر ورقة عمل للمؤسسة تحذر من الخطورة الحقيقية للإرهاب التي تهدد المجتمعات الامنة قبل غيرها مؤكدا أن ما تتعرض له سورية هو إرهاب مدرب ومنظم وممول من دول خارجية.
بدوره وصف الاعلامي البلجيكي لوك ميشيل المؤتمر بالمهم جدا مبينا أن سورية ليست معزولة عن العالم فهناك الكثير من الدول والقوى الداعمة لها ولحربها في مواجهة الإرهاب حيث ان العديد من البلجيكيين والمؤسسات في بلجيكا يتعاطفون مع سورية ويقفون إلى جانبها في قضيتها ضد الإرهاب.
من جانبها بينت عضو المكتب الدائم لاتحاد الحقوقيين العرب المحامية بشرى الخليل أن المؤتمر شكل فرصة أطلعت من خلالها الوفود والشخصيات الاجنبية المشاركة على حقيقة ما يجري في سورية من إرهاب دولي على امل ان تطلع هذه الوفود الرأي العام في دولها على ما تواجهه سورية.
وكان المؤتمر الدولي لمناهضة الإرهاب والتطرف الديني تابع أعماله صباح أمس في فندق داما روز بدمشق بمناقشة قضية الإرهاب والسيادة الوطنية وعدم شرعية العقوبات الاقتصادية أحادية الجانب المفروضة على سورية حيث استعرض رئيس المركز الوطني للطب الشرعي في وزارة الصحة الدكتور ياسر صافي على امكانيات الطب الشرعي ومساهمته في كشف الظاهرة الإرهابية والجريمة المنظمة العابرة للحدود كتحديد أسباب الوفيات وتوقيتها في الهجمات والاعمال الإرهابية وحالات المجازر والمقابر الجماعية وتحديد هوية ضحايا الإرهاب.
من جهته لفت الكاتب الفرنسي جان كلود انطالكي إلى الاسباب الخفية وراء الهجمة الإرهابية التي تتعرض لها سورية منذ أكثر من ثلاث سنوات مشيرا إلى أن مشروع الشرق الاوسط الكبير الذي دعت اليه الولايات المتحدة الامريكية يرمي إلى السيطرة على منابع النفط والغاز وتنظيم داعش الإرهابي أحد أدوات تنفيذ سياسة الامبريالية العالمية في المنطقة.
وأوضح الشيخ علي خازم عضو تجمع العلماء المسلمين في لبنان ضرورة تغليب مصلحة الوطن وسيادته على الاجندات السياسية والدينية داعيا إلى اعادة النظر بالمناهج الشرعية والدينية في المدارس والجامعات والتركيز على القيم الاخلاقية والوطنية المشتركة داخل كل بلد مشددا على أن الدفاع عن السيادة الوطنية مسؤولية مشتركة بين جميع أبناء الوطن باعتبارها رمزا للحرية والكرامة الانسانية.
وبين استاذ الفلسفة في جامعة دمشق الدكتور سليم بركات ان محاربة الإرهاب تبدأ من تفكيك حواضنه الاجتماعية عبر المصالحة والحوار الوطني بين السوريين أنفسهم بعيدا عن التدخل الخارجي مشيرا إلى أن التحالف الدولي الذي تترأسه الولايات المتحدة الامريكية يجب الا يضم دولا تدعم الإرهاب وتموله بالمال والسلاح كالسعودية وقطر وتركيا.
ولفت الباحث والمحلل الاستراتيجي الدكتور سليم حربا إلى أن انعقاد المؤتمر في دمشق تأكيد على صوابية موقف الدولة السورية الرسمي والشعبي تجاه الإرهاب الدولي المنظم الذي تتعرض له مؤكدا ضرورة مطالبة الامم المتحدة بتحمل مسؤولياتها وادانة الجرائم الإرهابية في سورية وتطبيق القرارات الدولية الصادرة بهذا الاطار والدعوة إلى وقف جميع أشكال التحريض السياسي والعسكري الذي تمارسه بعض الدول الاقليمية.
ودعا المشاركون في المؤتمر خلال المناقشات إلى ايجاد تعريف غير مسيس للإرهاب الدولي في الامم المتحدة يتبناه مجلس الامن بارادة واضحة لاحلال السلام والامن الدوليين والابتعاد عن ازدواجية المعايير عند النظر بقضايا الإرهاب.
وأكد المشاركون ضرورة محاربة الفكر التكفيري الظلامي الوهابي الذي اساء للدين الاسلامي والتأكيد على قيم التسامح والمحبة والتعاون بين الامم والشعوب والتعاون الدولي لتجفيف منابع الإرهاب وايقاف الدعم الفكري والمادي له معتبرين أن اختلاف الدول على مفهوم الإرهاب منح البعض فرصة للتذرع بمسالة مراعاة حقوق الانسان عند ايوائهم للتنظيمات الإرهابية.
واقترح وزير العدل الدكتور نجم الاحمد خلال مشاركته باعمال المؤتمر تشكيل منتدى أممي شعبي مقره دمشق لمكافحة الإرهاب يضم أعضاء من مختلف الدول ولاسيما ممن شاركوا في هذا المؤتمر ويفتح بابه لاي شخص في العالم يقف ضد الإرهاب وينبثق عنه محكمة شعبية اممية لمحاسبة من يدعمونه ويمولونه.
واشار الوزير إلى ضرورة محاربة ومكافحة الفكر التكفيري الدخيل والبعيد عن مجتمعاتنا التي طالما تمتعت بروح المحبة والتسامح بين مختلف الاديان والطوائف محملا بعض وسائل الاعلام مسؤولية تشويه الحقائق وزرع بذور التفرقة والفتنة والعنف واصفا ما تتعرض له سورية والعراق بالإرهاب العالمي المنظم الذي تقف وراءه دول ومسهلون وداعمون بدأت ارتداداته تصل إلى الدول الاوروبية ودول الخليج وغيرها.
ودعا عضو هيئة التجمع العربي والاسلامي لدعم خيار المقاومة وسفير المنظمة العالمية لحقوق الانسان في مصر وافريقيا الدكتور حسن ابراهيم عبده من مصر إلى انشاء مجلس دولي عربي للسلام ومكافحة الإرهاب تكون له فروع في دول العالم ومكاتب تنفيذية لمناهضة الإرهاب بشتى اشكاله بوعي فكري وقومي وديني والتوعية من خطر الفكر التكفيري على ان ينبثق عنه محكمة شعبية تضم رجال قانون وخبراء لمحاسبة ومحاكمة الإرهابيين وداعميهم.
من جهته أكد النائب السابق في البرلمان الفرنسي روبير سبيلر ان فرنسا ودول اوروبا تعاني من إرهاب فكري من خلال وسائل الاعلام التي لا تنقل الحقيقة وتفرض أحكاما جائرة بحق من يقولها والجامعات والمدارس التي تمرر للاطفال والشباب افكارا مزيفة وخاطئة محملا مسؤولية ذلك لمجموعات الضغط واللوبي اليهودي المعادية لكل طرح يتعلق بالهوية الوطنية مؤكدا وقوف القوميين الفرنسيين إلى جانب الوطنيين في سورية.
واشارت عضو التحالف الوطني والقيادية في تيار الاصلاح الوطني في العراق الدكتورة منال فنجان إلى ضرورة رفع دعاوى قضائية ومحاسبة القنوات الاعلامية التي اساءت إلى الشعوب العربية وحرضت وبثت الكراهية وبذور الفتنة بينها لخرقها ميثاق شرف العمل الصحفي.
واكد الشيخ موفق محي الدين غزال من سورية ان سورية بثقافتها وحضارتها كانت دائما مثالا للمحبة والتسامح حيث استقبلت المسيحية والاسلام ونشرتهما في العالم على اساس المحبة والتعاون والالفة بين الناس لافتا إلى أهمية الغاء كتاب التربية الدينية في المدارس بتسمياته الاسلامية والمسيحية واستبداله بكتاب الاخلاق.
من جهته دعا الشيخ حسن الجناني من الازهر في مصر إلى تعاون ابناء الامة العربية والاسلامية وتوحيد كلمتهم لنبذ التفرقة ونشر المحبة لجمع شمل هذه الامة وحمايتها مما تتعرض له اليوم.
بدوره رأى نقيب الاشراف في محافظة البحيرة بمصر طاهر الهاشمي ان ما حدث ويحدث الان هو نتاج قائم على محاولة التوفيق بين الوهابية السعودية والسلفية الجهادية مبينا انه لا يمكن حماية بلادنا الا من خلال الوحدة الوطنية ودعم الجيش للدفاع عن تراب الوطن وتعزيز مسيرة المقاومة والممانعة ضد العدو الصهيوني وامتداده المتمثل بالعدوين القطري والتركي اللذين وسما نظاميهما بالخيانة والعار واصبحا اعداء الانسانية.
من جهته اشار رئيس محكمة جنايات دمشق القاضي ماجد ايوبي إلى ان التطرف الديني دخيل على المجتمع السوري الذي يتسم بالفكر الوسطي المعتدل والمنفتح على الاخر وقبوله داعيا إلى محاربة الإرهاب عسكريا وفكريا.
بدوره لفت الشيخ محمد خلدون عادل الخاني من سورية ان مواجهة التطرف الديني والإرهاب التكفيري والاعلامي والاقتصادي لا يتم الا بالعودة إلى الثوابت الوطنية والقومية وتوحيد القوى والرؤى في مواجهة الهجمة الإرهابية التي تستهدف سورية والمنطقة خدمة للكيان الإرهابي الصهيوني.
من جانبه وصف البروفيسور الاميركي المختص بالجغرافيا السياسية وليام ستانلي الازمة في سورية بأنها «عابرة للحدود» وانتقلت إلى بلدان أخرى مشيرا إلى أن المسلحين يأتون إلى سورية من مختلف دول العالم لقتل الشعب السوري باسم الاسلام وبدافع الحصول على المال.