فقد بلغ الفائض في الموازنة التركية ايار الماضي في ظل الانتعاش الاقتصادي الذي تعيشه 5.812 مليارات ليرة (3.68 مليارات دولار) وجاء ذلك عقب عجز بلغ 4.46 مليارات ليرة (2.821 مليار دولار) في نيسان وتعزز الفائض بانخفاض نسبته 2.1% في المصروفات مقارنة مع الفترة نفسها قبل عام.
وتعليقا على الإحصائيات المشجعة قال وزير المالية محمد شيمشك في مؤتمر صحفي إن أداء الموازنة جيد وهو مدعوم بشكل أساسي بزيادة الإيرادات وزيادة الإيرادات مرتبطة بشكل وثيق بالتعافي الاقتصادي، مشيرا إلى أن جميع الضرائب قد نمت.
ويشار هنا إلى أن الحكومة التركية شرعت العام الماضي بتنفيذ برنامج لكبح التهرب الضريبي ، وبلغت العائدات في أيار الماضي 24.866 مليار ليرة حيث ارتفعت عائدات الضرائب بنسبة 28% لتصل إلى 19.551 مليار ليرة وهذا ما أدى إلى انخفاض نفقات الموازنة خلال الشهر الماضي بنسبة 2.1% مقارنة بنفس الشهر من العام الماضي لتصل إلى 19.054 مليار ليرة.
من جانب آخر أفادت وكالة الإحصاء الرسمية توركستات بأن معدل البطالة في تركيا انخفض في نيسان الماضي إلى 13.7%، متراجعا بدرجتين مئويتين على أساس سنوي، ليصل عدد العاطلين إلى نحو 3.44 ملايين تركي.
ونتيجة هذه المؤشرات المتفائلة تأمل الحكومة أن تحقق نموا اقتصاديا خلال العام الجاري يتجاوز مستوى 6%، مقارنة مع انكماش بنسبة 4.7% في العام الماضي.
التكامل الاقتصادي
وتتزامن هذه الأرقام الاقتصادية السارة مع التعاطف العربي والعالمي الذي تحظى به تركيا اليوم لمواقفها السياسية المشرفة تجاه قضية حصار غزة.
وفي هذا السياق يأتي المنتدى التركي العربي الذي استضافته مدينة اسطنبول مؤخرا و الإعلان عن إقامة منطقة التجارة الحرة كثمرة طيبة لدعم الاقتصادين العربي والتركي معا .
وأكد وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو أن بلاده تستهدف إقامة منطقة تجارة حرة من دون قيود التأشيرة مع كل من سورية ولبنان والأردن ، مشيرا إلى رغبة أنقرة في تطوير علاقاتها بالدول العربية، بقوله «إننا نريد أن تتحرك العربة من تركيا وتصل إلى المغرب دون أن تتوقف عند أي بوابات حدودية».
كذلك اعتبر وزير المالية التركي محمد شيمشك أن الاقتصاديْن التركي والعربي يمتلكان الكثير من مقومات التعاون والتكامل منوها إلى أن التجارة بين الطرفين ازدادت في عام 2009 أربع مرات مقارنة بما كانت عليه في 2002.
ومن جانبها وصفت صحيفة « فايننشال تايمز» البريطانية مؤخرا تركيا بالدولة الجديرة بالإعجاب بفضل استقلاليتها و اقتصادها الديناميكي و ديمقراطيتها المتطورة ، وجاء في الصحيفة تحت عنوان «الخروج بدروس من الدور التركي» أن رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان كسب ود شعوب الشرق الأوسط وأضحى بطلا في الفضاء الاقتصادي الجديد من خلال تحديه لإسرائيل ووقوفه بوجه الولايات المتحدة الأمريكية ، معيدا إلى الأذهان تصويت تركيا ضد قرار مجلس الأمن الدولي المتعلق بتشديد العقوبات على إيران ورغبة أردوغان ضمان محاسبة إسرائيل على أفعالها .
مستقبل واعد ..
وبدورها أعلنت منظمة التنمية و التعاون الاقتصادي في تقرير لها أن اقتصاد تركيا أظهر قفزة نوعية من خلال الأداء الذي حققه منذ الربع الثاني من عام 2009 و حتى الآن مؤكدا على أن المصدرين الأتراك قد يتجهون في الفترة الجديدة نحو أسواق روسيا و شمال أفريقيا و الشرق الأوسط .
وتشير المعطيات الإحصائية إلى أن الاقتصاد التركي مر بعملية تحول كبيرة طيلة السبع سنوات الواقعة في الفترة ما بين الأزمة الاقتصادية الداخلية سنة 2001 والأزمة الاقتصادية العالمية سنة 2008.
وقد انعكس هذا التحول على النحو التالي:
قفز الناتج القومي الإجمالي بين عامي 2002- 2008 من 300 مليار دولار إلى 750 مليار دولار، بمعدل نمو بلغ 6.8 %.
وقفز معدل الدخل الفردي للمواطن في نفس السنة من حوالي 3300 دولار إلى حوالي 10.000 دولار.
تحققت مستويات ملحوظة من توزيع العائدات وتجاوزت الدولة إلى حد كبير المشكلات المتعلقة بالاختلالات الناتجة عن الاقتصاديات الأساسية الكبيرة مثل العجز والتضخم.
وتحسنت أجواء الاستثمار، حيث دخلت تركيا بين أكثر الدول جذبا للاستثمار الخارجي.
المرتبة 16
وأصبحت تركيا في المرتبة السادسة عشرة ضمن ترتيب أكبر الاقتصاديات على المستوى العالمي، والسادسة على المستوى الأوروبي، وبذلك ضاقت الفجوة ولأول مرة بهذه النسبة بين معدلات التنمية التركية ومعدلات التنمية الأوروبية
وإذا ما أخذنا بعين الاعتبار التغيرات بعيدة المدى التي يتوقع أن تطرأ على الخريطة الاقتصادية العالمية، والدور التركي المتنامي والرائد على المستوى الدولي، يتوقع من تركيا أن تشكل وضعا اقتصاديا مهما على المستوى العالمي لعدة أسباب في مقدمتها قدرة المنتجات التركية على المنافسة من خلال جغرافيتها التي تتوسط القارات الثلاثة أوروبا وآسيا وأفريقيا، ومن خلال قوتها الاقتصادية التي تتعمق.
ومما يدل على مستقبل مشرق لمثل هذه التوقعات هو تنامي حجم صادراتها من 30 مليار إلى 130 مليار دولار خلال خمس سنوات، وتنوع أسواقها حيث يباع نصفها إلى أسواق الدول الأوروبية الأكثر تطورا، ويباع النصف الآخر إلى أكثر من 180 دولة من دول العالم الأخرى.
Kassem58@hotmail.com