تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


الاتحاد الأوروبي.. السير على خيط رفيع مشدود!

شؤون سياسية
الأحد 20-6-2010م
بقلم: نواف أبو الهيجاء

في اجتماع بروكسل الأخير للاتحاد الأوربي: (14 حزيران الجاري)، كان على وزراء خارجية الاتحاد الكثير من الموازنات حيال ملفين رئيسين: القضية الفلسطينية- والملف النووي الإيراني،

وكان على الاتحاد السعي لإعادة تموضع في المنطقة، وبحيث لايكون الموقف نائياً عن موقف الإدارة الأميركية- وإن ابتعد جزئياً في جزئية متعلقة بالقرصنة والتحقيق- ولكنه كان يوازن ذلك بالتماهي تماماً مع الموقف الأميركي حيال (العقوبات على طهران).‏

فأمام الغضبة العالمية إزاء القرصنة الصهيونية في المياه الدولية- وفتح ملف المجزرة المستمرة ضد شعب فلسطين في القطاع منذ أكثر من أربع سنوات- كان أمام الاتحاد الأوروبي تحقيق ما يأتي:‏

أولاً: محاولة تبرئة الذمة من الحصار ومن آثاره لكونه جريمة ضد الإنسانية، وهو قرار من طرف واحد- وجاء منافياً وقفزاً من فوق الشرائع والقرارات الدولية ومبادئ حقوق الإنسان.‏

ثانياً: عدم الذهاب بعيداً في (رفض الحصار وإنهائه) بل السعي إلى (تخفيف حدته) لإرضاء الطرفين الصهيوني- والأميركي في وقت واحد- والتخلص من وجع الضمير- وتداعيات الحصار في الشارع الأوروبي عموماً.‏

ثالثاً: الموازنة- حتى في هذا- بين متطلبات (تنفيس الغضب العالمي) على الحصار- ومتطلبات أمن المحتلين.‏

رابعاً: عدم الذهاب بعيداً في مسألة التحقيق إلى حد تأييد القرار الصادر من تل أبيب (ليكون المجرم هو القاضي والمدعي والحكم والمنفذ) في وقت واحد.‏

هنا كان توني بلير (الذي يمثل الرباعية الدولية في فلسطين المحتلة- التي ظلت ساكتة ومؤيدة ضمنياً للحصار طوال أربعة أعوام- يهرع إلى بروكسل لإنقاذ ما يمكن إنقاذه- ولفرملة الموقف الأوروبي المعبر عنه من خلال إسبانيا- وإلى حد ما فرنسا، وبالتالي كان لتوني بلير ما أراد: صدر بيان بروكسل- مجرد بيان مهلهل، لأنه تضمن جملة من المتناقضات- في المقدم منها: محاولة تبرير الحصار (الصواريخ الفلسطينية- وحركة حماس- وعدم الرضوخ لمتطلبات الرباعية الدولية)- و(قضية جلعاد شاليط) الجندي الصهيوني الوحيد الأسير لدى الفلسطينيين- دون التطرق، وإن بكلمة واحدة، إلى نحو أحد عشر ألف أسير فلسطيني يقبعون في سجون الاحتلال.‏

لكن هي عملية (التوازن).. والاتحاد الأوروبي استعان (بخبرة - توني بلير) الذي حاول أن يجعل الاتحاد يسير على خيط مشدود في مكان عال (في السيرك) مع أن الاتحاد- لايملك الكثير من القدرات على التوازن والفعل دون أن يفقد المواصلة فيسقط حيث تتلقفه شبكة الأمان، وهذا بالضبط ماكان:‏

أولاً: الاتحاد الأوروبي: أدان الجريمة العنصرية في المياه الدولية- كيف لا وهي جريمة في وضح النهار وعلى عينك ياتاجر كما يقال؟.‏

ثانياً: الاتحاد الأوروبي دعا إلى (رفع شكلي للحصار) ولكن بشروط متضمنة ومضمرة منها (أن يفتح الطريق وتتم التسهيلات) أمام المساعدات الإنسانية لأهلنا في القطاع- ومن دون أن يكون هذا (الانفتاح) وسيلة لتوصيل (الأسلحة) وأدوات العنف إلى (غزة) -ولضمان أمن (إسرائيل).‏

ثالثاً: قال الاتحاد إنه مستعد للمساهمة في (مراقبة) مايمكن أن يمر إلى الفلسطينيين في القطاع -برا وبحرا وجوا (ربما مستقبلاً)- ولكنه في هذا لم يمضِ بعيداً.‏

فالموازنة تقتضي عدم إغضاب الجانبين (الأميركي- والإسرائيلي) ومن هنا خلا البيان من (آليات التنفيذ) من جهة ومن (القول الصريح إن الحصار جريمة ضد الإنسانية بموجب القانون الدولي- كما أن القرصنة في المياه الدولية جريمة ضد الإنسان وحقوقه كذلك من جهة أخرى).‏

في كل الأحوال كانت هناك (شيفرة) بسبب اختلافات في تفاصيل سياسات دول الاتحاد- وجاء توني بلير لإحداث المزيد من التسهيلات والمرونة بحيث يتم امتصاص غضب المحتلين وغضب الشارع العالمي والإبقاء على الحصار (بشرعنته) مع فسح المجال أمام مداخلات متناقضة وإضاعة مزيد من الوقت في جدلية (لجنة التحقيق)، ولكن الرابح أيضاً هو الموقف الأميركي- الإسرائيلي من (الملف النووي الإيراني) حيث تمت المزايدة على القرار الأممي الرابع بفرض عقوبات على طهران وتبرع الاتحاد بفرض المزيد من العقوبات على طهران.‏

في المحصلة النهائية لايمكن حساب الموقف الصادر عن الاتحاد في بروكسل لمصلحة حقوق الشعب الفلسطيني- ومنها بالتأكيد حقه في التمتع بالحرية والأمن والسيادة في وطنه وبموجب القرارات والقوانين والثوابت الدولية، والسؤال هو: هل ينجح الموقف الأوروبي هذا في تنفيس الغضب وإفلات المجرم من العقاب؟.‏

nawafabu lhaija@ yahoo.com‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية