بعد جملتها الشهيرة (اخبرهم أن يخرجوا من أمريكا هؤلاء الناس محتلون وهذه ليست ألمانيا أو بولندا.) هكذا طلبت عميدة الصحافيين في البيت الأبيض من الإسرائيليين العودة من حيث أتوا.
فما الذي حدث في أرض حرية الإعلام والتعبير أمريكا؟
باسم البيت الأبيض روبرت غيبس اعتبر تصريحاتها «عدائية وغير مسؤولة، وتستدعي التوبيخ» وطالبها بالاعتذار. ثم توالت حفلات التبرّؤ منها، ورفضها شخصياً، من قبل محافل كثيرة، فما كان منها إلا الاستقالة من مؤسسة (هيرست) الإعلامية... لتدفع ثمن تعدّيها الخطوط الحمر الأمريكية.
الجزيرة ..لم تعد الفيلم خصيصا لهذه المناسبة،بل كان معداً سابقا،إلا أنها أعادت فيلما كانت قد بثته سابقا يتحدث عنها،منذ قدومها إلى أمريكا_الفيلم أتى ضمن سلسلة بصمات-
دمج ما بين الحياتي والإعلامي ..من خلال عرضها لمقاطع أظهرت مكانتها الإعلامية التي حظيت بها وهي تمارس مهنتها على مدار خمسين عاما هي عمر عملها كمراسلة في البيت الأبيض حيث عاصرت عشرة رؤساء .. بدءا من عهد الرئيس جون كيندي...إلى الوقت الحالي...
هي التي تفتتح عادة أسئلة المؤتمر الصحفي في البيت الأبيض،وهي التي تحتل في الصفوف الأمامية مقعدا في المنتصف كتب عليه اسمها دلالة على مجدها الصحفي وتاريخها العريق ومكانتها الإعلامية الرفيعة...
الفيلم يركز على تلك الأسئلة المحرجة التي كانت تسألها للرؤساء الأمريكيين ..الأمر الذي عرضها لمشكلة كبيرة خاصة مع الرئيس بوش حين كانت تلح عليه بسؤالها (لماذا يريد غزو العراق رغم أن الأسباب التي كان يرددها دائما غير مقنعة..)وأسئلة أخرى عن التعذيب في سجون أمريكية ..ولماذا غزا أفغانستان....
أسئلة محرجة ليس لبوش فقط،بل لليمين الأمريكي كله..فعاشت تحريضا كبيراً ضدها وصل إلى نعتها بأبشع الصفات حين يقتطع الفيلم بعضا من تعليقاتها على ماحدث..نراها هادئة إلى أقصى حد،لايهمها مايحدث المهم أن تستمر في طرح أسئلتها،معتبرة أنك لكي تصبح صحفياً جيداً ،عليك بطرح أسئلة متميزة..
ترد على أحد الأسئلة(بوش كان منحازا لإسرائيل،رغم أنها تحتل أراضي الفلسطينيين..)إذا هذه الحقائق التي كانت تطرحها يوميا على الرأي العام،هي التي كانت تزعجهم منها إلى هذه الدرجة ..إلى الوقت الذي أسرت فيه أنها تغطي أخبار أسوأ رئيس على الإطلاق...
في صورة معبرة..ينقلنا الفيلم لنرى كيف نقلت هيلين توماس إلى الخلف في عهد الرئيس بوش،فلم تعد تحضر ولم تعد تطرح السؤال الأول في المؤتمر..
بين حين وآخر وبينما يعرض الفيلم لمواقفها الإعلامية..يعود ليذكر بجذورها العربية حين هاجر والدها من لبنان مخاطرا بحياته ،ليبدو أنها ورثت شجاعة المواجهة منه،شجاعة دفعت ثمنها في النهاية إلا أنها كشفت زيف ذلك الإعلام الحر!