تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


ليبرمان.. الاسم الأكثر زيفاً هذه السنة!

ترجمة
الأربعاء 6/12/2006
ترجمة رندة القاسم

الأصل الالماني لاسم (ليبرمان) يعني: (رجل محبب) ومن الصعب تخيل اسم أقل ملاءمة لنائب رئيس وزراء إسرائيل, لكن ليبرمان غير محبب لا من جهة شخصيته ولا من جهة آرائه وكلمة (ليبرمان) هي الأكثر زيفاً في هذه السنة.

ويمكن الحكم على مدى كون شخصيته محببة من حقيقة أنه اعتقل ذات مرة لضربه صبياً دخل في عراك مع ابنه, ومؤخراً جسد وصول ليبرمان إلى مركز النظام السياسي بداية فصل جديد في تاريخ إسرائيل.‏

الوقت ليس مصادفة, فخلال السنوات الست والخمسين من وجودها, لم تكن الديمقراطية الإسرائيلية في مرحلة متدنية كما هي عليه اليوم.‏

وفي الانتخابات قبل نصف سنة لم يشارك نحو أربعين بالمئة من الناخبين مما يمثل ضعف النسبة المعتادة.‏

ومنذ ذلك الحين وقضايا الفساد تتبع إحداها الأخرى, فرئيس الدولة ينتظر مواجهة عدة اتهامات متعلقة باغتصاب وإساءات جنسية, ورئيس الوزراء موضوع سلسلة من التحقيقات حول الفساد بالتواطؤ مع مجموعة من أصحاب المليارات المحليين والأجانب.‏

وعلى أي حال يخضع وزيران للمحاكمة, وعند إصابة شارون كانت ترفرف سحابة سوداء من الفساد فوقه وفوق أسرته, ويسود شعور عام بأن المجموعة الحاكمة في إسرائيل فاسدة ومعنية بمصالحها فقط.‏

إن فساد وانتهازية هذه المجموعة أمور تظهر في تصرفاتها العلنية ولم يعرف عن السياسيين في إسرائيل (ولا حول العالم) ايفاؤهم بوعودهم الانتخابية, ولكن الأمر وصل ثانية إلى درجة متدنية فكل شيء يظهر علناً وعلى مشهد الشعب.‏

حملة (ايهود أولمرت) كانت على أساس خطة محددة ومفصلة وهي (التقارب), والآن ودون أن ترمش له عين, أعلن تخليه عنها وبقي عنده خطة واحدة ألا وهي البقاء في السلطة مهما كلف الأمر.‏

وجمع (عمير بيريتز) الأصوات كقائد سيقود ثورة اجتماعية حقيقية تضع حداً لاضطهاد الضعفاء والفقراء والعجائز والمرضى والعاطلين عن العمل وكل البقية, فالهوة بين الاغنياء والفقراء في إسرائيل واحدة من الأوسع في العالم الصناعي.‏

كما وعد (بيريتز) بالعمل تجاه السلام مع الفلسطينيين وغداة الانتخابات خان (بيريتز) وعوده علناً ودون خجل ولدعم مصلحته الشخصية, فلم يطالب بأي وزارة اجتماعية وعوضاً عن ذلك قبل بوزارة الدفاع.‏

ومنذ ذلك الوقت وهو يطالب بزيادة الميزانية العسكرية على حساب النفقات الاجتماعية, وعوضاً عن السلام قام بالحرب.‏

كما أنه نقض عهده بعدم الجلوس في حكومة تضم (افيغدور ليبرمان) وكان كل وزراء حزب العمل تقريباً شركاء في هذه الخيانة الوقحة.‏

وأول عمل جدير بالذكر قام به فريق أولمرت -بيريتز هو جر إسرائيل إلى حرب غير ضرورية وبائسة وهذه اللامسؤولية في اتخاذ قرار ببدء حرب صعبة ومعقدة توازيها فقط اللامسؤولية في قيادة الحرب خلال جميع مراحلها.‏

ولزيادة الطين بلة, اعاقوا تعيين لجنة تحقيق قضائية مستقلة, لقد تركت الحرب (الشعب )مع إحساس عميق بالأسى, إضافة إلى اشمئزاز من الخيانات السياسية وقضايا الفساد.‏

ديمقراطيتنا الآن نتنة تماماً وفاسدة وغير كفء ويقول المثل: (الثغرة في الحائط تستلزم لصاً) والوضع الحالي يستلزم قوى فاشية وهنا يأتي (ليبرمان), لقد حاول اتباع أولمرت وبيريتز تهدئتنا وسألونا: (ما الشيء المختلف في ليبرمان?).‏

حسناً, لقد أيد ترحيل المواطنين العرب من إسرائيل, وهدد بتدمير مصر بنسف سد أسوان, كما طالب بإعدام اعضاء الكنيست من العرب الإسرائيليين للقائهم قادة سوريين ومن حماس, وماذا في الأمر?‏

رحبعام زئيفي الذي أحيت الكنيست ذكراه في جلسة خاصة, اقترح تطهيراً عرقياً والجنرال (ايفي ايتام) رئيس حزب الاتحاد الوطني استخدم لغة مشابهة, وهل لن يسمح لشخص مثل ليبرمان بدخول الحكومة? لما لا?.‏

ففي النهاية أضحى على كل الأحوال عضواً في الحكومة وكذلك كان كل من (زئيفي) و(ايتام) هذه المناقشة لا زالت حتى الآن قاصرة عن الاحاطة بالموضوع ف (ليبرمان) الذي انضم لحكومة شارون قبل خمس سنوات كان يمثل مجموعة هامشية من المهاجرين الجدد ولم تكن تؤخذ بمحمل الجد.‏

شارون كان قائداً قوياً ووزراؤه غير هامين ولكن (ليبرمان) الذي انضم لحكومة (أولمرت) شيء مختلف فهو قائد لحزب قوي يزداد قوة تحت قيادة رئيس وزراء تابع لحزب صغير سأم منه الشعب.‏

حزب ليبرمان مختلف تماماً عن حزب (كاديما) وحزب العمل المنحل, فهو منظم وفق خطوط عسكرية مع وجود ليبرمان كقائد لا يناقش.‏

لقد ضم معظم المهاجرين من الاتحاد السوفيتي سابقاً كما يتوسع تجاه مجموعات أخرى ومع ازدياد الاستياء الشعبي من النظام الديمقراطي وانتشار الرأي بأن السياسيين كلهم لصوص وأن النظام فاسد حتى العظم, يغدو هذا الرجل خطراً حقيقياً على الديمقراطية.‏

تقول حكمه قديمة إن إسرائيل تستطيع تحقيق اثنتين فقط من رغباتها الثلاث وهي: أن تكون دولة يهودية وأن تكون دولة ديمقراطية ولكنها لن تكون دولة يهودية.‏

وتستطيع أن تمتلك كل الأراضي وتكون يهودية ولكنها لن تكون ديمقراطية كما وتستطيع أن تكون دولة يهودية وديمقراطية ولكنها لن تملك كل الأراضي.‏

هذا كان جوهر السياسة الإسرائيلية منذ بداياتها, والفكرة الأساسية في سياسة (الفصل) التابعة ل (شارون) وسياسة (التقارب) التي نادى بها (أولمرت) هي أنه ولأجل أن تبقى إسرائيل يهودية وديمقراطية يجب التخلي عن الأراضي المحتلة الفلسطينية ذات الكثافة العربية ولكن اليمين المتطرف يقول أنه بالتأكيد يمكن تحقيق الأهداف الثلاثة كلها والحل هو تطهير عرقي وطرد كل السكان العرب.‏

وهذا أمر يصعب القيام به في نظام ديمقراطي, لذا فإن هذا الهدف يعني بشكل تلقائي وجود (قائد قوي) ما يعني ديكتاتورية علنية أو مخفية.‏

معظم هذه الأمور لا تقال علناً, ولكن بالاشارات والغمزات, وليبرمان أيضاً لم يقل هذا علناً ولكن إن استمع المرء جيداً لما يقوله فإنه سيخلص لهذه النتيجة بنفسه.‏

والظاهرة الأكثر احباطاً الآن هي انعدام ردة الفعل الشعبية, إذ يمكن توقع خيانة حزب العمل.‏

فبيريتز أقسم فعلاً أنه لن يجلس أبداً في حكومة تضم ليبرمان ولكن ولأجل بقائه وزيراً كان مستعداً تماماً لبيع مبادئه.‏

وأيضاً لا يبدو الشعب مصدوماً, فهنا وهناك تظهر بعض المقالات, ولكنها لا تشير إلى خطر وجودي يهدد الشعب الإسرائيلي, وحتى السكان العرب في إسرائيل والذين يتعرض وجودهم للخطر من قبل ليبرمان لم يقوموا باحتجاج حقيقي.‏

في يوم الأرض عام 1976 عندما احتج العرب على مصادرة أراضيهم كان الأمر مختلفاً وكذلك كان في تشرين الأول 2000 عندما احتج العرب (الإسرائيليون) على تهديد متوقع للمسجد الأقصى.‏

ما سبب ردة الفعل الضعيفة هذه? هناك ازدراء متزايد للنظام الديمقراطي واجهاد عام بعد صدمات العام الماضي, لذا كان هذا الانسحاب تجاه الاهتمامات الخاصة فبالنسبة للناس في الشارع يصعب تخيل المخاطر فهم معتادون على الديمقراطية ولا يعلمون ماذا يعني أن يكونوا بدونها, إنهم واثقون بأن هذا لن يحدث.‏

ربما يكونون على حق?‏

فمع نهاية القرن التاسع عشر كان هناك جنرال فرنسي اسمه (جورج بولا نفير) وكان الجميع يتوقعون منه القيام بانقلاب عسكري في أي لحظة, لكن الجنرال كان متردداً وكان يؤجل الموضوع مرة إثر الأخرى, إلى أن قال له أحدهم مباشرة: (جنرال في عمرك كان نابليون قد مات).‏

ويقولون إن هذه العبارة أزالت آثار السحر وبدأت السلطات باتخاذ الاجراءات وهرب الجنرال للخارج.‏

ربما أيضاً لن يكون ليبرمان أكثر من فزاعة ولكن لا يمكن المراهنة على ذلك إن لم يستيقظ الشعب الإسرائيلي في الوقت المناسب.‏

الانترنت- عن موقع: counter punch‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية