|
أسبوع مار اليان الثقافي الثاني في حمص... سحر المكان وألق الشعر و الموسيقا شؤون ثقا فية ها هي إحدى كنائسنا تحمل شعلة من نور تضيء جنبات الروح وتهذب النفس بالكلمة الطيبة لأن ( الكلمة أحدّ من كل السيوف ), وباللحن الراقي لأنه فصل الربيع, ولم تكن ( الألحان من صنع الأوتار بل كانت رجع صدى الكلمات التي ولدت في القلب ) ولأن الثقافة كما وصفها قسطنطين زريق: تبدل جذري في الفكر والسلوك ينقلنا من الوحشية والبدائية إلى مراتب الرقي الذاتي والتحرر الإنساني ما أحوجنا اليوم لكل جهد يصب في هذا المسار, وبالتعاون بين وزارة الثقافة ووزارة المغتربين ومحافظة حمص وتحت رعاية المطران جاورجيوس أبو زخم متروبوليت حمص وتوابعها للروم الأرثوذكس أقامت مطرانية حمص للروم الأرثوذكس أسبوع مار اليان الثقافي الثاني في الفترة الواقعة بين 7 حتى 12 آذار الجاري وكان أسبوعاً غنياً بفعالياته المميزة التي غطت مختلف الجوانب الروحية والثقافية والفنية والشعرية والموسيقية والصحية . بدأ الأسبوع بندوة طبية وابتداء العمليات الجراحية في المشفى الوطني ومشفى جمعية البر والخدمات الاجتماعية وتضمن أيضاً افتتاح معرض تصوير ضوئي ومعرضاً تشكيلياً لعدد من فناني حمص ومعرض رسوم أطفال مع ورشة رسم وخط عربي وعرضاً مسرحياً للأطفال ( خيط حرير ) بالإضافة إلى ندوة حوارية للأطفال مع الأستاذ فايز فوق العادة عن خيال الطفل وندوة أخرى عن حماية الطفل من العنف عرض خلالها فيلم ( حياة موت ) وزيارة لمركز الأحداث الذكور , كما تضمن البرنامج زيارة لمركز الأرض للمعوقين قام بها الأطفال ذوو الاحتياجات الخاصة ولم يغفل القائمون على الفعاليات تأسيس حديقة بيئية خاصة بالطفل وغرس أشجار في حدائق حمص , أما الموسيقا وفي ذلك المكان البهي الخاشع حيث الأضواء الخافتة والرسوم الملائكية التي توحي لمن يراها بأن المكان كله على وشك التحليق فقد حلق الجمهور الذي فاق عدد الواقفين منه عدد الجالسين مع موسيقا الأوركسترا السيمفونية السورية فرقة موسيقا الحجرة بقيادة فيليب جيرار, وألحان سداسي وشاح الوتري ,ومع جوقة ألوان بقيادة حسام الدين بريمو وكم كان رائعاً أداء طلبة معهد صلحي الوادي للموسيقا, أطفال يجعلون الأمل بالمستقبل أكثر تفاؤلاً وأن كل ما تشهده ساحة الفن والموسيقا من تشويه ليس إلا غيماً زائلاً بقوة الشمس القادمة المشرقة من بين أصابعهم الغضة, وتوج عازف العود الجميل جوان قرجولي - مدير معهد صلحي الوادي - اليوم قبل الأخير بألحان ممزوجة بنبض القلب ووهج الروح ليختتم الشاعر العربي الكبير محمود درويش ذلك الأسبوع بحشد جماهيري قلّ نظيره فقدمه الشاعر المعروف نزيه أبو عفش بما يشبه دراسة مستفيضة, وقامت وزيرة المغتربين بتكريم درويش الذي أعاد للحضور الذي كان أغلبه من الشباب ألق الأمسيات المفقود, فألقى بعض القصائد الجديدة بينما طالبه الجمهور بقصائد أخرى مثل ( حاصر حصارك لا مفر ) و ( أنا يوسف يا أبي ) التي أثارت جدلاً كبيراً وقضية ضد المبدع مارسيل خليفة الذي غنّاها, وحين سأله البعض عن رأيه بالاقتتال الذي دار بين فتح وحماس لخص إجابته بقصيدة . في كل تلك الفعاليات والأنشطة كان مشهد الجمهور المحتشد لافتاً يدعو للتساؤل: أين هذا الجمهور في أنشطة المراكز الثقافية ومن المسؤول عن غيابه! هل فقد ثقته بما تقدمه تلك المنابر? أم أن القائمين عليها مقصرون أو غير مبالين ربما بوجوده أصلاً فالمهم أن خطة هذا المركز أو ذاك تتحقق أما كيف ومتى ومن فليس من يتابع أو يسأل أو يتحقق - هنا نحن لا نعمم لكن الاستثناءات للأسف قليلة - لاحظنا في الآونة الأخيرة أن الكنائس بدأت تلعب دوراً هاماً في المجال الثقافي وهذا ليس غريباً عليها بطبيعة الحال إذ لا يمكننا أن ننسى أن الموسيقا والمسرح أولاد شرعيون للطقوس الكنسية ولطالما لعب المسيحيون دوراً تنويرياً هاماً فالسريان كانوا أول من نقل إلينا فلسفة اليونانيين عن طريق الترجمة ونشير إلى أول مطبعة بالعربية ظهرت مع بدايات القرن الثامن عشر ( آل الزاخم ) وطبعت الكتاب المقدس, ودورهم أيضاً في بناء الدولة الأموية أيام معاوية ووزير ماليته البطريرك يوحنا الفم الذهبي وكذلك الغساسنة في دمشق, أما مار اليان الذي حمل الأسبوع الثقافي اسمه فهو طبيب حمص وشافي مرضاها والقديس الراقد بحماها, وها هو دير الآباء اليسوعيين يعدّ اللمسات الأخيرة لتقديم فعالية ثقافية موسيقية !! فشكراً لكل من يضيء شمعة بدلاً من لعن الظلمة.
|