تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


الثرثـــرة .. بـــين الفــراغ والمتعـــــــة

مجتمع
الثلاثاء 27-4-2010م
ابتسام هيفا

«الثرثرة» صفة التصقت بالمرأة على مر العصور، ابتداء من ظهور الإنسان على وجه الأرض/ آدم وحواء/ وصولاً إلى أيامنا هذه.

« دريتوا عن فلانة، سمعتوا شو عملت علانة» كلمات لا تكاد تفارق مجالس النساء.‏

وأحاديث طويلة تقولها هذه لتلك، وتلك لغيرها. وغالبا ما تكون عن الموضة أو المستقبل ثرثرة جميلة.‏

الثرثرة مفيدة وهي أفضل من السكوت فلنتخيل تلك الجلسة المملة بدون ذاك الشخص الذي يخلق جواً من حوله ويشجع الآخرين على الكلام والضحك فتلك/ ثرثرة جميلة/ تزيل الهم من القلب وتضيف، فالإنسان كائن اجتماعي وفضولي يحب معرفة تفاصيل حياة الآخرين من باب الفضول والتسلية أحياناً والأذية أحياناً أخرى.‏

ولعل أكثر مظاهر « الثرثرة» شيوعاً في العصر الحالي هي اجتماعات القهوة الصباحية في مكتب إحدى زميلات العمل ، حيث تتجاذب النساء أطراف الحديث، بين انتقادات اجتماعية وأحاديث شخصية أو عائلية وأحياناً تطال بعض الزملاء بالعمل.‏

ليست ثرثرة وإنما « ملء الفراغ»‏

تقول « لميس موصللي» وهي تعمل في إحدى دوائر الدولة أنها بحاجة للاستراحة بين ساعات العمل الطويلة مع احتساء فنجان القهوة مع زميلاتها لتأخذ دافعاً لمواصلة العمل بهمة ونشاط .‏

بينما ترى« ربا بركات» التي تعمل في أحد معامل القطاع الخاص بأنها تعشق الأحاديث الصباحية، فمعرفة أخبار الناس هي متعة لها وهي لا تؤذي أحداً فقط تستمع وتعلق تعليقات ناعمة.‏

وفي ذات السياق ترى « أماني الناطور» صاحبة مركز تجميل أن هذه الأحاديث المطولة وسيلة لاكتساب الخبرة والتزود بالمعلومات في كافة شؤون الحياة وخاصة المتعلقة بالنساء.‏

قسم كبير من النساء رفضن فكرة الثرثرة لأنها تؤدي إلى «المشاحنات بين الزملاء على الصعيد الشخصي والاجتماعي بسبب النميمة ونقل الكلام» وبالمقابل أقررن بوجود الأحاديث الطويلة لملء الفراغ.‏

الرجال: بعض الثرثرة مفيد‏

أنيس حيدر مدير شركة خاصة، يكره الثرثرة ويعتبرها شيئاً سلبياً، ويقول « أنا لا أقبل بأي نوع من أنواع الثرثرة في منزلي وأقابله بالعنف والتوبيخ، وقد يكون أهم وأخطر أسبابه الفراغ الذي تعاني منه النساء في مجتمعنا.‏

أما أحمد وهو طالب جامعي فيقول نحن ضد الثرثرة داخلياً لكننا نساير الفتيات لبعض الأسباب ومنها قربهن منا ورغبتنا في المساعدة للتفريج عن همومهن بالنسبة للبعض، وحتى نأخذ فكرة عنهن بالنسبة للأخريات».‏

ويؤيده فادي الذي يرى أن « للثرثرة مواسم» أيضاً فهي تكثر في الأفراح والأحزان، حيث تتناول الأحاديث الفتاة وحياتها وإعدادها للزواج ابتداء من أيام الخطبة وهمومها وانتهاء بالأطفال، أما أيمن ابراهيم وهو موظف فيقول أنه يحب ثرثرة النساء خاصة في أوقات استراحة العمل لأنها مسلية، ولكنها مزعجة في البيت وفي أوقات العمل الجدي، وأضاف الثرثرة في العمل في بعض الأحيان تفيد في نقل الأخبار المفيدة.‏

بسبب ذاكرتهن القوية‏

البعض يعيد سبب « ثرثرة» المرأة إلى ذاكرتها القوية والتي تكون أكثر قدرة من الرجال على تذكر الأمور خصوصاً العاطفية، والأشخاص والمواقف حيث تقوم المرأة بمعاتبة الأشخاص المقربين منها بموقف حدث بينهم منذ فترة كبيرة ، فتتهم أنها لا تنسى شيئاً وأنها تحاول إيجاد فرصة أكبر للكلام، فذاكرة المرأة القوية قد تكون أحد الأسباب التي ألصقت بها تهمة الثرثرة فيما يعيد البعض السبب لسرعتها في الكلام، فالنساء أسرع بالكلام، أما الرجال يأخذون فترة أكبر من الزمن للتحدث بنفس الجمل أو ربما أقل.‏

ومن جهة أخرى يرى البعض أن حديث المرأة أكثر إثارة، ويقول أحد الرجال« إن النساء يتنن في سرد الأحداث أكثر من الرجال، فحديثها أكثر تشويقاً، ولهذا نجد بعض الرجال تروق لهم أحاديث النساء والاستماع لها على الرغم من أن بعض أحاديثها قد تكون تافهة وبلا معنى.‏

المرأة... وبعض الدراسات‏

أثبتت دراسة علمية نشرت نتائجها صحيفة« بيلد» الألمانية في موقعها الالكتروني أن متوسط عدد الكلمات التي تنطق بها النساء في اليوم الواحد يبلغ ستة عشر ألف كلمة بينما لا يتجاوز العدد لدى الرجال سبعة آلاف كلمة.‏

والسبب في ذلك أن مخ الأنثى يحتوي على 11 بالمئة من الخلايا العصبية أكثر من الرجل وبخاصة في المنطقة المسؤولة عن مراكز الإحساس والذاكرة.‏

وفي دراسة مشابهة نشرت في لندن قالت إن المخ يتعامل مع أصوات النساء في مكان محدد لترجمة الأصوات، وأنه يتعامل مع الأصوات الذكرية في مكان آخر.‏

وأوضحت الدراسة أن المخ يتعامل مع الصوت الأنثوي بطريقة مختلفة عن تعامله مع الصوت الذكري، ما يفسر السر وراء الاستماع إلى الصوت الأنثوي بوضوح أكثر من الصوت الذكري.‏

وأظهرت الدراسة أيضاً أن المخ يقوم بتشكيل الصورة حسب الصوت المسموع، وتقدم الدراسة تفسيراً مقنعاً لانزعاج الرجال من كثرة حديث النساء والسبب أن المخ يبذل مجهوداً أكثر عندما يتعامل مع الصوت الأنثوي.‏

ووجد العلماء أن الصوت الأنثوي ينشط بمنطقة معينة في المخ تعرف بالمنطقة السمعية، أما الصوت الذكري فينشط في منطقة أخرى خلف المخ.‏

ويفتقر المجتمع العربي لوجود دراسات حول« ثرثرة» النساء، إلا أن دراسة مصرية متواضعة اعتبرت أن المرأة المصرية الأكثر «ثرثرة» في العالم، حيث تتحدث المرأة المصرية بمعدل أربعة آلاف كلمة زيادة عن المرأة في أوروبا وباقي الدول العالم.‏

الكلام غريزة إنسانية‏

يرى علم النفس أن الكلام يمثل غريزة إنسانية يتميز بها الإنسان عن بقية المخلوقات وثرثرة النساء سببها أوقات الفراغ الكبيرة والشعور بالملل لدى ربات البيوت لإنشغال الزوج بالعمل ويضيف علم النفس إن المرأة بطبيعة الحال أكثر تفوقاً على المستوى اللفظي من الرجال، وبالتالي فهي تجيد تبادل أطراف الحديث ولكنه شدد على إمكانية تعديلها عن طريق الإرشاد والتوجيه.‏

ملاحظة‏

طالعتنا مؤخراً دراسة تشير إلى أن لدى المرأة هرموناً أطلق عليه اسم« أوكسيتوسين» ووصفه العلماء بأنه هرمون ضبط المزاج، وهو الذي يدفع المرأة إلى التحدث مع الأهل والصديقات والجارات وغيرهن للتخلص من الضغوط دون الانسحاب للصمت أو الاندفاع إلى العدائية، كما يفعل الرجال، وبالتالي هذه الثرثرة تجعل المرأة أقل عرضة من الرجل للوقوع فريسة للإدمان أو الاضطربات العصبية...‏

فهل فعلاً الثرثرة وسيلة صحية تحمي المرأة من الاضطرابات؟ وهل الكلام الزائد أمر بالغ الصعوبة بالنسبة للرجل ولا يليق بمقامه؟‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية