على نغم الأصالة وإحياءً للصوت الأصيل الذي لم تغيبه السنون وفي الذكرى الخامسة والأربعين لرحيله, أقام مركز ثقافي كفرسوسة بحضور مدير ثقافة دمشق الأستاذ وسيم المبيض معرضاً وندوة بعنوان (من بلدة القريات إلى مدن الفن الكبرى).
افتتحت الندوة مديرة مركز ثقافي كفرسوسة السيدة نعيمة سليمان بكلماتها:
غنى الفريد فأحكم الأوزانا
والعود فاض عواطفا وحنانا
لقب بملك العود وموسيقار الأزمان والمغني الحزين, كان صوته وأسلوبه الحزين فريداً من نوعه, يضبط أوتاره ويرتب فوقها النغم الجميل. تنقّل بين مدن الفن الكبرى وكانت مسيرته الفنية حافلة بالعطاء, وبالرغم من ظهور التأثير الغربي إلا أنه بقي متمسكاً بقواعد الموسيقى العربية.
رحل ومازالت روحه تغرد في حياتنا تاركاً بصمة واضحة في الغناء العربي لذا فإن إحياء ذكراه هو إحياء للأصالة والتراث.
وسام الخلود
أكد الدكتور علي القيم أن الموسيقار السوري الكبير فريد الأطرش فنان أصيل أثّر في الوجدان العربي وفي الذائقة الفنية العربية,على مدى نصف قرن من العطاء والتجدد من خلال شتى ألوان الموسيقى والغناء.
هو الفنان العربي الأول في الوطن العربي الذي استطاع الوصول بالموسيقى العربية نحو العالمية من خلال ألحانه وموسيقاه التي تشكل سجلاً رائعاً لإبداع الفنان العربي على امتداد المعمورة,وكان أول من غنّت أوروبا وروسيا وتركيا أغانيه وألحانه.
حصل على وسام الخلود من فرنسا إلى جانب بيتهوفن وشوبان, نال وسام أحسن عازف عود من تركيا عام ١٩٦٢, كما حصل على /٢٠/وساماً من مختلف دول العالم.
فريد الأطرش أول من أدخل فن الأوبريت إلى السنيما العربية, وأول من أدخل قوالب الفالس والرومبا والتانغو وغيرها,ويشهد بذلك أول عمل أذيع له في الثلاثينات من القرن الماضي وهو تانغو (بحب من غير أمل) الذي غناه في ٣١ أيار عام ١٩٣٤, فكان أول تانغو عربي لا اقتباس فيه, كما كان له دوره الريادي في إدخال المقدمات الموسيقية العربية, وهو أول موسيقي عربي سوري في العصر الحديث والمعاصر يدوّن اسمه مع أعماله في الموسوعة الموسيقية الفرنسية.
نال وسام الاستحقاق السوري, وأطلق اسمه على المعهد العربي للموسيقى في السويداء.
التجديد والابتكار
أكدت الأستاذة همسة فوزي عليوي أن فريد الاطرش القادم من جبل العرب تمتع بالقيم الكريمة والأصالة الفنية النابعة من الفطرة والموهبة والعبقرية الفذّة.
فعندما وصل فريد الأطرش إلى مصر برفقة والدته علياء المنذر إلى جانب شقيقه فؤاد وشقيقته آمال المعروفة بالمبدعة أسمهان بدأ مشواره الفني، عند ذاك كان تلميذاً في المرحلة الإبتدائية,ثم التحق بنادي الموسيقى الشرقي وكان من أساتذته كبار الملحنين (رياض السنباطي, فريد غصن, داود حسني) حيث أتقن العزف على آلة العود وأصول الغناء ودراسة النوتة الموسيقية.
أنتج فريد الأطرش/ ٣١/ فيلماً سينمائياً كان أولها فيلم (انتصار الشباب) مع شقيقته أسمهان, وآخرها فيلم (نغم في حياتي) الذي تم عرضه قبل وفاته بثلاثة أيام.
صور ووثائق نادرة
رافق الندوة معرض من تنظيم وأرشيف الفنان والناقد التشكيلي الزميل أديب مخزوم الذي أشار إلى أن المعرض ضمّ أكثر من مئتي صورة ووثيقة نادرة, بعضها يعرض لأول مرة, وهو يشكل حصيلة وثمرة خمسين عاماً من البحث والمتابعة والتقصي عن كل ما يتعلق بفريد الأطرش.
تابع مخزوم: ركزنا في الندوة والمعرض على ألحان الموسيقار فريد الأطرش التي حققت شهرة واسعة في الشرق والغرب وفي الشمال والجنوب، حيث قدمت بعض أغانيه بعشر لغات في أكثر بلدان العالم، بأصوات مطربات ومطربين أجانب، ومن ضمنهم فيردي تيفور وأورهان كنجاباي وغيرهما الكثير، فالأول أدى منذ عقود أغنيته «nasihat» على لحن أغنية «نجوم الليل».
وكان بذلك أحد المساهمين بنشر ألحان وموسيقا فريد الأطرش في العالم أجمع, إلى جانب عدد من كبار المطربين والمطربات والموسيقيين الأجانب، من أمثال «دافيد اسراف» الذي أدى بصوته الأغنية ذاتها، وسجل التركي «فيردي أوزبيكين» أغنية «حبينا», وأعاد المطرب الروسي الشهير «نيقولا نيكيتا» غناء لحن فريد الأطرش «يازهرة في خيالي» عام ١٩٦٠ بالروسية تحت عنوان «التانغو العربي», كما فعل الروسي «باتير زكيروف» أيضاً, واستعاد فريق إسباني لحن أغنيته «ياحبايبي ياغايبين» بأداء وتوزيع حديث.
اختتم الندوة الفنان هيثم الحامض الذي قدم بصوته وعلى أوتار عوده مختارات من أغاني فريد الأطرش الشعبية, رافقه على آلة الرق الأستاذ محمد تيرو.