ولم يكن هذا اليوم عاديا على أسرة البطل الرائد منهل ديب أيضا الذي استشهد في هذه الغارة عندما أصاب صاروخ غدر عربة هذا البطل ورفاق السلاح أثناء قيامهم بواجبهم المقدس برد العدوان عن سماء دمشق وأهلها ،والذي كان خلال سنوات الحرب الثمانية العين الساهرة على أمن الوطن وسلامته.ٍ
بعد الإصابة وأثناء قيام زملاء وأصدقاء الدرب بإسعافه قال رفيقه في السلاح النقيب علاء دوابة .. عندما ركضت باتجاه الرائد منهل طلب مني الذهاب لنجدة الأصدقاء الآخرين وما إن لفظ عبارة «أنا استشهدت حتى ارتقت روحه مع لفظ الشهادتين»..
رفيقه النقيب علي شبيب كتب في رثائه ..كان أكثرنا التزاما وانضباطا وثقة كاملة بالنصر ..لا يزال صدى كلماتك في أذني وأنت تعبر عن ثقتك بالنصر ها أنت اليوم احد أركان هذا النصر في كل مرة كنت تضغط زر الإطلاق وكنت تعرف انك منعت شرا عن دمشق التي أحببت .
وبعينين غارقتين بالدموع تقول زوجة الشهيد رشا قاروط.. أشعر أن النار مشتعلة في قلبي على فقدان زوجي .. بغيابه فقدت الحبيب والصديق والسند .. كان محبا لي ولابنتنا الوحيدة تالا ، قبل استشهاده بأيام بقي معنا لمدة أسبوع في إجازة .. وكان يتحدث عن الشهادة باستمرار ويقول أنا مشروع شهيد .. ولن استشهد إلا ضد العدو الإسرائيلي .. في كل مرة وعند حدوث ضربة إسرائيلية تستهدف دمشق كنت أرسل له رسالة نصية بأن يطمئني عليه وانتظر رده بفارغ الصبر وعندما يرسل لي انه بخير يرقص قلبي فرحا إلا يوم حدوث العدوان أرسلت له لكن دون أي رد منه وفي الصباح أتاني الخبر بأنه مصاب وفي العناية المشددة .. دعوت الله أن يرده لنا سالما ولكن بعد مرور يومين قدر الله ونال شرف الشهادة التي أعتز بها أنا وابنتي .. هذه الشهادة هي تاج على رأسي ووسام على صدري وفخر لي بأنني زوجه الشهيد البطل الذي قارع العدو بكل شجاعة.
ابنة الشهيد تالا في المدرسة تقول لرفيقاتها .. بابا شهيد وتطلب من والدتها أن تأخذها لزيارة ضريح والدها حاملة بيديها الصغيرتين الورود والرياحين ، وتقوم بقراءة الفاتحة على روحه.. وفي المساء يزورها الحنين وتقول لوالدتها اشتقت إلى صوت ورائحة بابا أريد أن أراه وأضمه وفي النهاية تعانق وسادته وتغفو حتى الصباح على أمل أن يزورها في المنام ويلعب معها.
شقيق الشهيد الذي قاتل العصابات الإرهابية المسلحة في دير الزور العقيد المصاب علاء الدين ديب رثى شقيقه الشهيد منهل بهذه الكلمات..
لمقامكم الرفيع أكتب سيدي الشهيد .. طلبت الماء لتروي جسدك الذي طالما تعب وأنت تقارع العدو الإسرائيلي غير آبه بنصر مؤزر..وكما عرفتك كنت بارعاً في التخطيط لهذا اليوم الأغر ، وقبل بليلة واحدة كنت مترقبا وحازما بقرارك حين حدثتك في ساعة متأخرة من الليل ولكنك آثرت الوطن على كل شيء.. آثرته على عقلك وقلبك بحبك له بشغف وقلتها لي ولرفاقك سلاحنا جسدنا
قرة العين أنت .. كنت الإنسان الوفي والصادق والآن أصبحت المؤمن الصدوق .. حملت جسدك ورحلت ولكن اقسم لك لقد خلدك وطنك ومن احبك بأرفع الأوسمة وأسمى المقامات فارتقى جسدك معراج السماء لتتزين ببريق نجمة مضاءة كما أرادك الله .. قرة عيني وحبيبي ستظل روحك معنا وبنا ما حيينا .. منك السلام وعليك السلام.. إلى أعلى العليين يا قامة الشرف الباسقة ..وطن دفعت روحك له وعمدت ترابه بدمك إلى جنان الخلد يا أنبل البشر.
وتضيف شقيقة الشهيد بشرى .. كان أخي يملك كل صفات الرجولة .. وكان يحظى بشعبية كبيرة من قبل أهل قريتنا «بسيسين» والأصدقاء وكل من يعرفه .. وقد شيع في موكب مهيب شارك فيه حشد كبير ضم كبار الضباط من الجيش العربي السوري وقد حمل النعش على أكف رفاقه إلى مثواه الأخير .. تاركا غصة في القلب وحزنا على فراق أخ محب .. ولكن شهادته هي مصدر فخر وعز لي ولأسرتي ولقريتي.
سلاما طأطأت حروفه رؤوسها خجلة .. وتحية ملؤها المحبة والافتخار بكل شهيد قدم روحه ليحيا الوطن .. فالشهيد نجمة الليل التي ترشد من تاه الطريق .. هو من جعل من جسده جسرا لنعبر بسورية إلى النصر والحرية ..أولئك الذين عبدوا الحرية بدمائهم وأرواحهم.