وقد كانت مضارب النفط والغاز الجسر لكل مشاريع أميركا هذه كانت البداية مع قيام صدام حسين بدعم خليجي كامل، ومباركة أميركية بشن حرب ظالمة دامت ثماني سنوات انتهت بمئات آلاف القتلى من البلدين المسلمين، ودمار شامل للشعبين تبعه تآمر خليجي بالتعاون مع الأميركي لتدمير العراق وتشريد شعبه بعد غزوه للكويت الذي جاء نتيجة توريط لصدام من جهة وتواطؤ خليجي من خلال تخفيض أسعار النفط ومطالبة العراق بالديون من أجل أن يحارب إيران لينتهي الأمر بتقديم كل الإمكانات من أجل تسهيل غزو العراق واحتلاله من الولايات المتحدة.
لم يتوقف الأميركي عن شيطنة ايران طوال هذه الفترة ومحاولة استهدافها بكل السبل والوسائل وكان مشايخ النفط والغاز أدواته في تلك، إذ اعتبرت إيران عدواً وبدأ حكام الخليج وبشكل أساسي (السعوديون) بنسج سياسة قائمة على العداء مع ايران وإقامة التحالفات على هذا الأساس أي على أساس أنه مادام الأميركي يحارب إيران فيجب أن نحاربه أيضاً حتى تحول السعوديون إلى ملكيين أكثر من الملك فعمل اعلامهم على معاداة ايران وسياساتها وعلاقاتها وتحالفاتها معتقدين أن الأميركي سيرضى عنهم وهو الأمر الأكثر أهمية بالنسبة للسعوديين وبعض حكام الخليج.
ظلت السعودية تتبع هذه السياسة البلهاء وتسير خلف الأميركي الذي كعادته يستخدم الأداة حتى يصل إلى أهدافه فخاضت معه كل الحروب لتدمير محور المقاومة فكانت حرب العراق 2003 واغتيال الرئيس الحريري 2005 ومن ثم حرب تموز 2006 ضد المقاومة (ألم يتهم سعود الفيصل المقاومين بأنهم مغامرون) ثم حرب غزة 2008-2009-2012-2014 وأخيراً الحرب الإجرامية على سورية والتي لم تقل واشنطن أبداً عنها أنها من أجل الديمقراطية والحريات وحقوق الإنسان بل أعلنت منذ نيسان 2011 الناطقة بلسان البنتاغون (أنه إذا أرادت سورية أن يعود الاستقرار لها فلابد أن تفك تحالفها مع حزب الله وإيران) وعمل الأميركيون والإسرائيليون والسعوديون على استخدام الفتنة المذهبية كأحد الأدوات الأساسية لتفكيك هذا التحالف وتدمير المنطقة وهو مانرى تداعياته الآن في مجتمعاتنا وحياتنا.
ماذا يعني الشرق الأوسط الجديد؟ وما المتغير الذي يجعل من شرقنا الذي نحن فيه شرقاً جديداً؟! المختلف الوحيد هو قبولنا بانصهار اسرائيل في نسيجنا العربي بل تحولها إلى حليف يمكن اللجوء إليه ساعة الضيق وإذا كنا نتفق بأن التعريف السابق يمثل المحور الأساس الذي يقوم عليه مشروع الشرق الأوسط الجديد فكيف لنا أن نقول إن المشروع هزم أو إنه إلى اندحار لاعودة فيه؟
ألم تذهب الرياض بعد حالتي الهستيريا التي أصابتها جراء توقيع الاتفاق الكيميائي السوري وبعده الاتفاق النووي الإيراني مع مجموعة 5+1 وبعد أن فقدت الثقة بواشنطن جراء موقفها من طهران ودمشق، ألم تذهب إلى القول إن هناك «تقاطعاً» في المصالح بين تل أبيب والرياض وهو ملحوظ ولاعيب فيه؟!.
ألم يصل حد الوقاحة السعودية إلى تقديم الاغراءات التي قدمتها للغرب وواشنطن إلى تل أبيب لكي تقوم هذه الأخيرة بتوجيه ضربة عسكرية ضد طهران هكذا وعلى الملأ؟!.
إن المتغيرات بين الأمس واليوم كبيرة وهي أكبر من أن يحدها تصور إلا أن مسارها التدريجي وقف حائلاً بيننا وبين ملاحظتها بعكس مانفعل عندما تكون تلك المتغيرات انكسارية ومفاجئة.
وعليه «اسرائيل» باتت في صلب القرار وفي أهم محاور تنفيذه على الأرض، لم تعد الحساسية التي كانت عام 1991 تعتبر أن اشتراك تل أبيب في العمليات العسكرية من المحرمات التي لايمكن السكوت عليها لم يعد مستتراً الاستعانة «اللوجستية» بـ «اسرائيل» في غزو العراق 2003 واليوم في اليمن.
مسار المعركة القائم الآن لقوات التحالف ضد «داعش» ليس مهماًَ إلى أين سيفضي ولانتائجها مرتقبة من القائمين عليها فهذه الأخيرة (النتائج) تحصلت قبل بدء المعارك على الأرض هناك «ثغر» وحيد صامد يهدد بإفشال المشروع برمته فيما إذا استطاع الصمود إلى النهاية.
من هنا، نفهم التصلب (الخليجي- الغربي- الأميركي) تجاه دمشق وتجاه قيادتها، وقد يقول قائل: إذاً لماذا خيضت تلك الحرب مادامت نتائجها تحققت قبل قيامها؟
هو سؤال يوجه إلى شركات الأسلحة الغربية والأميركية وإلى راسمي دورة الدولار الأميركية وآرائهم في اتمام دورتها واللحظات التي يجب أن يمر فيها؟!.