وكي تحقق ذلك فإن إدارتها تزور الحقائق وتخترع الأزمات وتصنع الحركات الإرهابية وتنشرها في منطقتنا ، ثم تدعي محاربتها ووضع الخطط لتدميرها المزعوم .
ومثل هذا الكلام لم يعد تحليلاً سياسياً يطلقه أعداء الولايات المتحدة بل بات لسان حال الكثير من المسؤولين الأميركيين السابقين والحاليين الذين بدؤوا بفضح هذه السياسات التي بدأت ترتد على بلدهم وشعبهم ، وآخرهم الموظف السابق في الاستخبارات الأميركية ادوارد سنودن الذي أكد أن واشنطن تمارس سياسة مجافية للواقع منذ هجمات الحادي عشر من أيلول اعتمادا على معلومات مزيفة ، وأن أكبر مآسي الفترة التي تلت أحداث أيلول هي أن ما حصل حينذاك هو شن الحرب اعتماداً على معلومات مزورة بمعرفة المسؤولين على أرفع مستوى في الحكومة الأميركية عن تزويرها.
ولم يكتف سنودن بذلك فقط بل اعتبر أن الملايين من الأميركيين يعتبرون أن سياسة واشنطن القائمة على التفرد بالعالم وإملاء القرارات على الآخرين مضرة للشعب الأميركي نفسه وتشكل سياسة نزاع ويجب التخلي عنها ، وأن بإمكان الرئيس أوباما وضع حد لهذه السياسات العدوانية إلا أنه منخرط في مشاريع المحافظين الجدد التوسعية والتي تسعى لنهب خيرات الشعوب وثرواتها .
وتتقاطع وجهة النظر هذه مع رؤية الكاتب والمحلل السياسي ميشيل شوسودوفسكي الذي يؤكد أن أميركا تجهد نفسها للسطو على الشعوب ويشير إلى واحد من أخطر مزاعم الإدارة الأميركية والتي تتمثل في تهديد الإسلام للحضارة الغربية لتمرير هذه السياسات وليس هذا فحسب بل إن مفهوم الحرب العالمية على الإرهاب أشبه بـرسول الولايات المتحدة للعالم فهو يسهل مساعيها لتحقيق أهدافها غير المعلنة ، ويبرر دخولها إلى منطقة الشرق الأوسط.
وحتى تحقق الولايات المتحدة أجنداتها المذكورة نراها تعطي لنفسها ظاهرياً مسؤولية حماية الشعوب من الإرهاب ، الأمر الذي سهل لها التحرك بحرية في سبيل تحقيق مطامعها تحت ستار ما سمته الحرب الإنسانية بحجة القضاء على الإرهاب.
ولم تكن وسائل الإعلام الأميركية بعيدة عن هذه المسرحية بل ساهمت بدق طبول حرب واشنطن ولاسيما أنها تعمل على تسويق مخططات أوباما العسكرية على نطاق واسع، حيث يعد اختلاق العدو واحداً من الأهداف الرئيسية لحربها الدعائية، التي تعتمد أيضاً على غرس أكاذيبها في (لا وعي ) الشعوب لتبدو مع الزمن حقيقة، وذلك من خلال ما تبثه من تقارير إعلامية كاذبة ومزورة .
والأدلة على ذلك أكثر من أن تحصى على أن معركة واشنطن هي من أجل النفط، حيث تمتلك دول المنطقة أكثر من أكبر الاحتياطيات النفطية وبالمقابل فإن الولايات المتحدة بالكاد لديها 2% من إجمالي الاحتياطيات النفطية العالمية، فالعراق على سبيل المثال لديه ما يزيد على خمسة أضعاف نفط الولايات المتحدة ولذلك نراه مشتعلاً سواءً حكمه هذا الطرف أو ذاك وسواء وقعت حكومته الاتفاقات مع أميركا أم لم توقع .
ولهذا تبدو حرب أميركا الحقيقية هي سرقة النفط والاستيلاء على الاحتياطيات النفطية ، ولهذا عملت واشنطن من أجل تحقيق مطامعها على استهداف تلك البلدان ونشر الفوضى و زعزعة استقرارها ، ولذلك فإن حروب واشنطن تلقى كل التأييد والدعم من وسائل الإعلام الغربية وكبار السياسيين الذين يعملون بقوة على طمس حقيقة مفادها أن الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي يقودان حرباً سوف تدمر الإنسانية والعالم، ويجب ألا تصبح الكذبة التي أطلقتها واشنطن لتبرير حروبها حقيقة لأن العودة إلى الوراء غاية في التعقيد والصعوبة، وهذا ما بدأ المحللون الأميركيون الاعتراف به قبل غيرهم .