كلمات قدمت فيها الشاعرة ليلى منير أورفه لي لمجموعتها «رسائل من اوراق الدمع» التي ضمت قصائد بثتها من روحها وتجربتها وحملتها الكثير من آثار الاضطراب والظلال الممزقة تقول:
ومرة أخرى.. أسكن شمس عينيك..ويسكن قلبي الدفء والامان
ومن رسالة الغربة التي تقول فيها:
لن يكتب لميلاد النور عمر جديد..
فقد رأيت حبي قتيلا.. في غابة عينيك
ندرك كم تستطيع شاعرتنا أن تختار المفردات الشعرية لحالتها النفسية وابداع الصورة الشعرية التي تدافع بها عن صدقها في الحب حين يتهمها الحبيب ويلومها في حبها تقول:
جريمتي كلها.. أني أكلت من تفاحة الصدق
وجئتك عارية من كل الاقنعة
ليلى أورفه لي شاعرة متألقة اختارت قصيدة النثر لأنها تشبهها روحا وفكرا إلى حد التطابق حملت رسالة إنسانية تقوم على نشر قيم الجمال والحب والحق والعدل فجاءت كلماتها مضيئة بإشعاع خاص ميزها وأعطى نتاجها الشعري بريقا خاصا.
وترى صاحبة المجموعة الشعرية «الرحيل في العيون الخضر» أن المرأة في العصر الحديث تحاول رد اعتبار وجودها في المجتمع بكونها إنسان له حق الحياة بغض النظر عن صفات الأنوثة التي حاول المجتمع أن يجعلها قيودا عليها وكأنها عبء على كاهل المرأة.
وتحمل الشاعرة نفسها مسؤولية حمل رسالة الإنسان الأساسية في الحياة وهي نشر قيم الجمال والحب والخير والحق مركزة على كلمة الإنسان التي تشمل بمفهومها المرأة والرجل معا متجاوزة صفات الذكورة والأنوثة لتصبح الكتابة الإبداعية لدى أورفه لي هي الارتقاء من الأنوثة إلى الإنسانية انطلاقا من خصائصها بنقل التجربة الشخصية الذات الفردية بصفاتها وميزاتها الفريدة بذاتها إلى الذات الإنسانية لإغنائها والاغتناء بها وتكوين نسيج إبداعي يرتقي أكثر فأكثر بالذائقة الفنية الإبداعية في المجتمع.
وتؤكد الشاعرة أن قصيدة النثر امتلكت قاعدة شعبية واسعة مشيرة إلى أن القارئ هوالذي يهتف مسحورا أومنتشيا بعد كل قراءة قائلا: هذا حقا شعر.. ولولم يكن القراء من هذا النوع لما كان عدد كتاب قصيدة النثر في تزايد مستمر ولما كانت الإصدارات الشعرية لهذا الشكل من أشكال الكتابة تصدر باضطراد على امتداد الوطن العربي لدرجة أن بعض الشعراء أصبحوا يصدرون مجموعات شعرية تتضمن الومضة الشعرية فقط بينما يلون البعض الآخر في مجموعته بين الومضة وبين القصيدة الطويلة والقصيرة كما تطالع القارئ الصحف والدوريات العربية كل يوم بالجديد من هذا الشكل الإبداعي وإصدارات اتحادات كتاب العرب العربية بوصفها مؤسسات حكومية معنية بالشأن الثقافي تصدر العديد من المجموعات الشعرية لشعراء قصيدة النثر مقارنة مع إصداراتها لشعر القصيدة التقليدية.
وتعتبر أورفه لي أن اللغة هي حالة بحد ذاتها وطريقة استخدام اللغة والتعبير بها تعكس حتما الحالة الداخلية للإنسان كما تعكس توجهه الفكري والثقافي والجمالي والرسالة التي يريد أن ينقلها من خلال كلماته مشيرة إلى أن الرمزية المغرقة العصية على الفهم تماما إما أن تكون في الأصل حالة غير واضحة المعالم بل متقوقعة داخل شرنقتها وتعبر عن هذا الغموض بلبس يوقع المتلقي بمتاهة تأخذه إلى اللامكان وتقوده إلى اللاشيء وتوصل له اللارسالة أوأن تحمل في رمزيتها بعض المفاتيح التي على المتلقي أن يجهد ذهنه كثيرا أوقليلا لاكتشافها وبالتالي تمكنه من دخول عوالمها والوصول إلى مكان ما وهي بذلك تتوجه إلى فئات مختلفة من المتلقين حسب درجة ثقافتهم وذائقتهم الفنية والحياتية. وتصف حالة اللغة التي تكون كلاما لمجرد الكلام ورمزية لمجرد الرمزية بأنها نوع من الشلل النفسي واللغوي وضرب من ضروب العبثية غير المبررة التي تعبث بقوانين الحياة والكون وانطلاقا من أن الشعر رسالة فإن الشاعر يختار اللغة التي تناسب رسالته وتعبر عن رؤيته الفكرية والثقافية وعن حالته الشعورية ويختار بالتالي المتلقين الذين يريد الوصول إليهم بتجربته الشعرية.
وتشير صاحبة المجموعة الشعرية «رذاذ الكلام «إلى أنها رغم عشقها الكبير لقصيدة النثر إلا أنها تقرأ كل أنواع الشعر إغناء لثقافتها ولكنها في النهاية آثرت على نفسها الكتابة بقصيدة النثر وفي مجموعتها هذه نلحظ القصائد القصيرة جدا والتي تمتاز بالتكثيف والشعرية والغنائية، حيث تقول في بضع كلمات ما لا تقوله في المطولات، وهي بذلك تشبع نهمك في الاستمتاع بالشعر من خلال بضعة سطور معبأة بألفاظ قليلة تختزل أكمل المعاني وأجملها فتقول:
لأنك أنت ما أنت.. أحرقت كل الاقنعة ولبستك
وتقول ايضا:
نصف قديس أنت.. وقلبي نصف إله.. أحب اللاقديس فيك.. لتكتمل الوهة قلبي
بمثل هذه القصائد الساحرة تبحر ليلى في ديوانها «رذاذ الكلام» فتدق على ابواب القلب والعقل والروح بسحر بيان الكلمة الشعرية.
يذكر أن ليلى منير أورفه لي من مواليد حلب وتحمل ماجستيراً في علم السكان الاقتصادي - الاجتماعي/ كلية الاقتصاد جامعة حلب وتعمل محاضرة في جامعة حلب.
صدر لها مجموعات شعرية هي «الرحيل في العيون الخضر»، «رسائل من أوراق الدمع»، «محترقة بالورد»، «رذاذ الكلمات».