تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


تجريم قصيدة النثر

كتب
الاربعاء 14-4-2010م
انور محمد

كأنَّه ليس عندنا ثقة بالعقل-عقلنا, فلا ننشغل باستقلالنا و تاريخنا و هويَّتنا, فنتنكَّر لما أنجزه المبدعون- مبدعونا. لماذا نئد/نقبر حياتنا العقلية وبهذا الشكل العنيف كما فعل الشاعر(عبد القادر الجنابي) في كتابه الذي صدر منذ أسابيع»قصيدة النثر وما تتميَّز به عن الشعر الحر» .

وكأنَّه عدوٌّ لعقل أمَّته. ففي أقلِّ من أربعين صفحةٍ من القياس الوسط من أصل مئةٍ وستة وسبعين صفحة, وفي أربعة فصولٍ – لأنَّ الفصل الخامس يكمِّل فيه ترجمة قصائد وسيرة حياة شعراء أجانب- يستهزئُ, يلغي كلَّ ماكتبه شعراء قصيدة النثر العربية, لأنَّ مصادرهم هي من أصولٍ ومرجعيات ليست عربية !!. فيشيد بتجربة شارل بودلير ووالت وايتمان وبقصيدة النثر الأوروبية تلك: البارناسية, الرمزية, التكعيبية, السوريالية, الظاهراتية, والأميركية الغارقة بقضية اللغة والسرد الغرائبي. ما المانع؟.. لتكن مصادرهم أجنبية, وليكن عملهم هذا من قبيل التلاقح المعرفي, أم أهو الشعورُ بالنقص والافتخار والتحزُّب للقوَّة الباطشة . مع أنه و اللهِ ثمَّ و اللهِ –عقلنا- سواءً في تجارب لاتزال حيَّة أم على التجريب والآنْ هو ضدَّ كلِّ موقفٍ أو رؤية ثقافية مثقلة بالتمييز والعرقية, ولمَّا أنتج علومه وفنونه وآدابه ومعارفه منذ فجر الحياة العقلية الإنسانية وإلى الآن لم يزاود على أحد.‏

ماذا يريد الشاعر عبد القادر الجنابي إذ ودون براهين مقنعة - بل وبجرَّة قلم- يجهِّل عدداً من الشعراء والمترجمين العرب ويخص منهم «جبرا إبراهيم جبرا» . ففي حين كان يعتبره فاهماً/ فهيماً, ومطَّلعاً بعمق على تاريخ المصطلح(الشعر الحر) فإذا هو أقل جهلاً من قرَّاء لايعرفون لغة ثانية . كما يتحامل على الشاعرة نازك الملائكة, ويعتبر أنَّ كتابها(قضايا الشعر المعاصر) ماهو إلا صورة(كوبي) عن مقالتين للشاعر«ت. س. إليوت» صاحب قصيدة»الأرض الخراب»المشهورة؛ الأولى بعنوان(الموسيقي في الشعر) والثانية(تأملات في الشعر الحر), ويعتبرها مدَّعية على أنَّها رائدة الشعر الحر- العربي. وبالمقابل يرى أنَّ ماقالته«سوزان برنار» عن قصيدة النثر هو قولٌ مقدَّس!!.. فيُبارك قصيدة النثر الأوروبية والأمريكية, فيما يذمُّ, بل ينظر بدونيةٍ إن لم يكن بتحقيرٍ لقصيدة النثر العربية, لأنَّها لاتشتغل وفق تنظيرات/ وصايا النقاد الأوروبيين الذين يتبنَّى عبد القادرالجنابي مقولاتهم, وفي هذا يناقض نفسه. إذ كيفما اشتغل الشعراء- النثريون والحريُّون – العربَ قصائدهم سواءً على اتبَّاعهم وصايا سوزان برنار أم مانسيل جونز أم روبرت بلاي أم خروجهم عليها!!.‏

ماالذي يريده عبد القادر الجنابي فيقوم بتقديم رأيٍ / نظريةٍ نقدية,عمل, فعل يُصفِّي فيه العقل الشعري العربي, يدمِّره بدلَ أن يأخذَ به نحو نوافذ الأمل؟. ألا يرى ماذا حلَّ بالشعر؛ فلا أحد يسمعه ولا أحد يقرأه وفوقها إن ظهرت «لمعات» لشاعرٍ هنا أو هناك لاأحد يرعاها ويحميها؟.‏

anouarm@aloola.sy

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية