تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


جاكلين سلام في ( المحبرة الأنثى ) الأنا في مقبرة الآخر

كتب
الاربعاء 14-4-2010م
إبراهيم حسو

نص الشاعرة السورية جاكلين سلام ( المحبرة أنثى ) يتوخى الحذر من اجتياح اللغة أو سيلانها , فهو نص منفلت على مساحات حرة لا يحدها سياق أو نسق , ينطلق كأنه في لحظات طيران منظمة ,

هادر في ثراء كلماته و كثيف في استرسالاته التي لا تقف عند طاقة أو زخم شعري مفاجئ , ثمة روح أنثوية تخوض معركة البقاء لأجل انتمائها أو لنقل روحاً تقاتل لفرض اشتراطاتها الوجودية , انه صراع خفي ما لمواجهة الأنا و لكشف الذات المتأججة, روح تطلق العنان لتمردها و انفلاتها الجمالي دون أن يكون ذلك تهشما و تهشيما لكيانها الشعري و بوحها المستمر على طول القصيدة ( لستُ رومانسية بما يكفي لبناء قصيدة حبّ أبدي لقد أصبح عندي أصدقاء من العالم، وعشاق موتى أيضاً ) هذه الرومانسية القاتلة التي طغت على مجمل 50 صفحة ألغت تلك الحدود بين النص الشعري و النص النثري في عملية إفساح المجال للتعبير التلقائي العفوي الماضي في جريانه و اندفاعاته و تشكيل مساراته عبر جز اللغة من شوائبها التي تتراكم عادة من كتابة هكذا شكل من الشعر و تتكاثف على أطرافه لتؤلف برهات سردية سريعة منتعظة بحالات شعورية فيها الألم و الغربة و الحيرة عناوين مضمرة , فيها الأنثى وحيدة في غرفة مليئة بالكلمات و سماء لا تشبه سماء ديارها ( المالكية ) أناس يعيشون على أطراف الحياة أو صميمها دون أن يهتموا و يكترثوا بالمستقبل (لا أدري إن كان لقلبك نوافذ تطل على سماء الكلمة والشفاه العاشقة. سماء الكلمة بئر مقلوبة، سماء الحروف ليست هناك . كتابة جاكلين في جديدها ما هي إلا رحلة البحث عن الذات الأخرى المهاجرة التي تخلت عن كل شيء في سبيل إيجاد جاكلين أخرى لكنها اكتشفت طفولتها الممحوة و نوافذها المفتوحة على الأبدية و العالم للتخلص من تلك الوحدة و العزلة التي رسمتها على مجمل كتبها الشعرية الأخرى (رقص مشتبه به، بيروت 2005 ) (كريستال بيروت 2002 ) (خريف يذرف أوراق التوت) نصوص، نشرت الكترونياً في «شبكة الذاكرة الثقافية» 2001 ) .‏

تضيف جاكلين لمجموعتها ( المحبرة أنثى ) تداخلات بين حالة السرد و حالة الخطاب أو بين الوصف الشعري لحالات إنسانية غائرة و بين تشكيل حوارات ضمنية تجري على شكل مفاتيح لإظهار النص و الولوج إليه و كل ذلك في سبيل بناء قصيدة تعكس أحوال الأنا الشاعرة البسيطة و تقدم حساسية جديدة تنهض على أداء الكلام العادي البسيط الممكن مثال ذلك نص ( محبرة البلاد ) الذي يدعم مقولة الناقد السوري جمال باروت حول نثرية الحياة و قصيدة الوقائع اليومية التي تفشت ظاهرتها إلى نص جاكلين و كشفت فيه المعنى الإنساني للحظة الحوار و اللقاء و التواصل و فتحت حوارا و علاقة مع نثر الحياة و الموقف الجمالي من العالم ( نص محبرة جيم ) و من هنا فإن شعرية جاكلين لا تقوم على بناء الصورة إلا نادرا و قليلاً على المخيلة الجمالية بقدر ما تتأسس على المجازات البنائية التي تقطفها من التفاصيل الخاصة من حياتها ذات خصوصية عالية و هي تحاول قدر إمكانها الشعري من تخطي خطوط اللغة التي حرمتها من لذة الكشف عن بلاغة ما أو علاقة جمالية تحتفي بصورة شعرية عابرة و لقطات شعرية خاطفة ( أزيح الثوب عن جسد الكلمات أنتَ لا تعرف ما يكفي عن حبي أنا لا أعرف خاتمة هذه الهجرات وهذه الحروب لا أحد يعرف كيف يقضي المهاجرون عطلتهم الأسبوعية وماذا تكتب امرأة مهاجرة برفقة الحقائب والرغبات) إن نصوص جاكلين سلام الأخيرة ارتأت أن تكون ضمن مسميات تعبيرية متنوعة بدءاً من النثري العادي ذات التوترات العالية الشعرية و انتهاء بالشعري اليومي التفصيلي الإخباري الذي يحتضن كما قيل المجموعة في آخر الغلاف ( المحبرة أنثى) هي لرغبات وهواجس امرأة تقيم بلا بوصلة ولا خارطة في المساحة القلقة بين هويتين، جغرافيتين ولغتين، محمّلة بأصداء الحروب، العواصف، الأعاصير والأوبئة التي تحيق بالإنسان، وفي الآن ذاته تصيخ السمع لتحولات الجسد، الذاكرة).‏

المحبرة أنثى - شعر - جاكلين سلام - عن دار النهضة العربية بيروت 2010‏

تعليقات الزوار

لطيفة حليم |  latifa halim | 15/04/2010 04:31

جاكلين سلام موجة بحر هادئة تحول الجليد إلى دفئ عربي منعش جاكلين الحب والسلام في كندا

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية