وعلى هامش الحفل كان الحوار التالي مع الفيلسوف وعالم الاجتماع الفرنسي إدغار موران:
< ما هي في نظركم أهمية هذه الجائزة؟
<< كما تعلمون فإن وسائل الإعلام تكتسي أهمية بالغة في عالمنا اليوم. وتأتي هذه الجائزة كتتويج لعمل مختلف وسائل الإعلام في حوض البحر الأبيض المتوسط التي تعمل على منح بعض العناصر التي تساعد على فهم اختلاف الآخر. على اعتبار أن مشكلة حوض البحر الأبيض المتوسط تكمن في تعدد الثقافات والأديان واللغات. وذلك على الرغم من وجود فضاء مشترك. تتجلى قيمة هذه الجائزة في الفهم المتبادل.
< في نظركم ما هي المسؤولية الأخلاقية والمهنية الملقاة على عاتق الصحفي؟
<< طبعاً، على الصحفي نشر الأخبار ولكن عليه بالأساس أن يضع الأشياء في سياقها. إن الخبر المحض غير كافٍ وعلى الصحفي الإحاطة بالسياقات التاريخية والجغرافية. تتجلى المسؤولية إذن في توفير معرفة ذات أهمية بالغة من شأنها المساعدة على فهم أوضاع البلدان والشعوب الأخرى.
< نرى أن وسائل الإعلام الحديثة من انترنت ومواقع التواصل الاجتماعي لعبت دوراً أساسياً في الحراك العربي. هل تشكل هذه الوسائل بديلاً عن المؤسسات التقليدية كالأحزاب السياسية والنقابات؟
<< بكل تأكيد، لأنها تلعب دوراً كبيراً في الأحداث، بل إنها تغير مسارها وتؤثر فيها. وفي هذا السياق فإن التواصل السريع الذي توفره وسائل الاتصال الحديثة ومواقع التواصل الاجتماعي لها دور حاسم في مجريات الأحداث، خاصة لدى الشباب. إن للشباب علاقة قوية بهذه الوسائل التي هي بالنسبة لهم بمثابة الطريقة المثلى لنقل تطلعاتهم وتذمرهم وغضبهم أيضاً.
< ما تفسيركم لتراجع دور الشباب الليبرالي في دول الربيع العربي لما بعد الثورة؟
<< لنأخذ نموذج المغرب مثلاً الذي عرف أيضاً حراكاً شبابياً وإن لم يذهب بعيداً. وذلك راجع لخصوصية البلد. توجد أحزاب سياسية كبيرة في المغرب غير أنها فقدت العلاقة مع الشعب وبعضها مرتشٍ إلى حد ما. وجاءت نتائج الانتخابات مطابقة لما حصل في تونس وفي بلدان أخرى.
شخصياً أرى أن هناك تطورات تاريخية مختلفة جداً. وإذا أردنا التطرق إلى العلاقة مع الدين, نجد أن أوروبا والغرب ومنذ عصر النهضة بدأ التعامل فيها مع النصوص الدينية كنصوص تاريخية. مما ساهم في الدخول إلى مسلسل ما نطلق عليه العلمانية, بحيث أن المجتمع والدولة يمارسان السياسة. وأصبح الدين قضية خاصة وشخصية تستوجب الاحترام والحفاظ عليه. هذا التحول لم يحصل في العالم الإسلامي على الرغم من محاولات بعض المفكرين من أمثال المرحوم محمد أركون الذي حاول من جهة انتقاد الغرب وانتقاد الدوغمائية الإسلامية من جهة أخرى.
يجب العمل على تفادي صراع الحضارات. كما تعلمون أن المتطرفين في العالم المسيحي والإسلامي ينسقون فيما بينهم ويدفعون في نفس الاتجاه ألا وهو الحرب والصراع. لا يوجد اليوم تنسيق شبيه بما يقوم به المتطرفون فيما بينهم. لذلك ينبغي لنا تشجيع قيم التفاهم والتسامح.
< كجندي سابق كيف تلقيتم فوز الاتحاد الاوروبي بجائزة نوبل للسلام؟
<< صرحت في حوار سابق بأنني أتمنى ألا يكون الأمر مجرد مجاملة. إن هذا التتويج في نظري هو إشارة قوية لتفادي الانتحار الذي كان سيد الميدان إبان الحرب العالمية الثانية والذي لم تنج منه أوروبا سوى بتدخل أمريكي وسوفيتي. إذن هي ولادة لأوروبا من أجل تفادي الدمار حتى وإن لم تنجح فيه الوحدة السياسية. وجاءت المحاولة بعدها من أجل إقامة وحدة اقتصادية والتي تظل هشة. ونعيش اليوم أزمة تجعل خطر التشتت قائماً. من هذا المنطلق فإن الجائزة في نظري لا يجب أن تكون مكافأة فقط بل دعوة إلى النهضة.