تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


عمــل الخريجيـن.. بحـث فــي متاهــة الفـرص

شباب
الخميس 8-4-2010م
لينا ديوب

ربما نشرنا على هذه الصفحة عشرات المقالات عن البطالة بين الشباب وأشكالها وأسبابها، وفي ذات الوقت تابعنا اهتمام الحكومة والعديد من المؤسسات الأهلية لإيجاد الحلول الملائمة،

سواء بالعمل على تغيير النظام التعليمي، أم نشر ثقافة ريادة الأعمال، أم عن طريق القروض للمشروعات الصغيرة. إلا أننا عندما نسمعهم يتحدثون عن معاناتهم مع عدم وجود فرص عمل وتفاصيلها نجد أنه لابد من الكتابة مجددا وباستمرار طالما أن المشكلة تمس أكثر شرائح المجتمع حيوية واتساعا، فهم يشكلون 22،2%من السكان في العمر من 18إلى 24سنة.‏

وأن البطالة في أحد أسبابها أنها ترتبط بنوعية التعليم الذي يقدم اختصاصات غير مطلوبة في سوق العمل، وأن البطالة بين المتعلمين تزداد عنها بين الشباب ممن لم يحصلوا الا على الثانوية العامة وأقل.‏

لم يكن يخطر ببال لؤي وهو خريج كلية التجارة أن يبقى دون عمل لفترات طويلة كما يقول لي ويضيف: أنا أعرف أن تخصصي مطلوب الا أنني بقيت سنتين دون عمل بعد خدمة العلم، وبعد أن عينت محاسباً في احدى المؤسسات الخاصة وعملت حوالي السنتين بدوام من الثامنة والنصف صباحا حتى الخامسة مساء، حتى وجدت نفسي دون عمل بعد أن دربت أحد أقرباء صاحب الشركة على عملي فأخذ مكاني، ولم أتقبل العمل بوظيفة أخرى لاتناسب شهادتي وتشكل تراجعا بالنسبة لي، كما لم أستطع ان أدخر من رواتبي شيئا لأنني أساعد أهلي، وها أنا الآن في انتظار السفر للعمل هناك.‏

ويقول وائل: إن أصعب شيء يعانيه هو عدم الاحساس بالأمان في الحياة الاجتماعية فقد مضى على تخرجه من كلية الصحافة سبع سنوات لم ينقطع خلالها عن العمل لكن بشكل متقطع، مرة تقفل المحطة التي يعمل بها، وأخرى يتقاضى فيها الاستكتاب في فترات متباعدة، ويضيف قائلاً: إن القلق وعدم الإحساس بالأمان يحاصرانني، تمر فترة أعمل بشكل متواصل وأتقاضى أجوراً أكثر من جيدة، ثم أعود وأجد نفسي بلا عمل وهكذا.‏

وتختلف مدة البطالة بين الشباب حسب درجة تحصيلهم العلمي فهي تزداد بين الجامعيين، وعندها تصبح أكبر إهانة يتعرضون لها وخاصة اذا كانوا من النشيطين، كما تسبب لهم إحراجا في حياتهم الاجتماعية وصدمة لإحساسهم بالمستقبل وتفاؤلهم به، يقول فؤاد:رغم تخوفي أثناء الدراسة من عدم حصولي على عمل لأن اختصاصي هو الفلسفة، إلا أنني كنت أقول أنا نشيط وأحب العمل، خاصة أنني عملت طوال فترة الدراسة في أعمال متقطعة، الا أنني أشعر بالإهانة لعدم قبولي حتى الآن في المسابقات التي تقدمت لها، وعدم حصولي على عمل دائم حتى الآن. ومع ذلك فإن حالة فؤاد أفضل من زميلته وداد التي مضى على تخرجها من نفس القسم تسع سنوات، لم تعمل خلالها الا قرابة السنتين في احدى رياض الأطفال، وتقول: إن الفراغ الذي أعيشه هو كابوس و صراعي مع البطالة جعل اليأس أحد مكونات شخصيتي، وهذا يجعلنا نتذكر ظاهرة عزوف الطلاب قبل حوالي عشر سنوات عن اختيار الفرع العلمي وتفضيلهم الفرع الأدبي عليه، حيث ارتفعت نسبة هجر الاختصاصات العلمية خلال خمس سنوات بوتيرة خطرة، ففي العام 2000كان عدد الطلاب المسجلين بالفروع الأدبية مساوياً تقريباً لعدد الطلاب المسجلين في الفروع العلمية في الثانوية العامة وفي العام 2005أصبح عدد طلاب الاختصاصات العلمية الثلث في حين أن الثلثين الباقيين كانا من طلاب الفرع الأدبي، لأنه هل سيستمر الطلاب في دراسة اختصاصات لاوظائف لها؟‏

وإذا كان هذا يقودنا إلى تلافي الخلل بين منظومة التعليم العالي ومنظومة العمل، ما يجعل التحديات التي تواجه الخريجين الشباب متعددة، ويقول الباحث أيهم الأسد في بحث عن تحديات الخريجين الشباب: تصبح هذه التحديات «بنيوية» تعكس وتجسد الاختلالات السابقة، وقد تحولت تلك التحديات إلى مشكلات مزمنة نتيجة لعدم قدرة منظومتي التعليم والعمل على تذليلها، وهذا معناه أن فائض قوة العمل المتعلمة التي لا تجد سوقاً تمتصها تعكس بوضوح عدم قدرة رأس المال المتاح على تشغيلها، أو إنها تعكس تشغيلها في مجالات ضعيفة الإنتاجية بسبب تدني التجهيز الرأسمالي للأسواق (تخلف بنية السوق التمويلية والتكنولوجية)، كما يورد من خصائص منظومة التعليم العالي التي تبقي المشكلة قائمة ومنها ابتعاد الجامعة عن الحراك الاجتماعي من الناحيتين البحثية النظرية والتطبيقية، مما قلل التغذية المعرفية الراجعة للجامعة عن المجتمع وعزلها عن مشكلاته وتغيراته، وأبقى الأستاذ والطالب رهن التنظير الأكاديمي والمعارف النظرية البحتة، وحرمت الجامعة من نقد وتطوير المعارف والنظريات المرجعية.‏

إلا إنه وكما قلنا في البداية يجري العمل وفق خطين الأول لتعديل المناهج لربط مخرجات التعليم بسوق العمل والثاني التشجيع على العمل الخاص من خلال القروض الصغيرة والمتناهية الصغر، بالإضافة للتشجيع على الاستثمار بشكل عام، مما يتيح المجال لظهور المزيد من فرص العمل وخاصة للخريجين والذين ستكون حظوظهم أكبر.‏

تعليقات الزوار

مراقب  |  qudaimi63@yahoo.com | 08/04/2010 14:19

بالرغم من الجهود المبذولة لتأمين وظائف للعاطلين عن العمل,لا زالت اعداد الباحثين عن عمل في ازدياد,واحد الاسباب هو قصور قوانين العمل في سوريا عن حماية العمالة الوطنية,ويتجلى ذلك في الاعداد الكبيرة للعاملين من جنسيات عربية واجنبية ,في مختلف قطاعات النفط والاتصالات و البنوك ,بدون تراخيص عمل نظامية ,مستغلين رحابة صدر سوريا التي تمنح اذونات الدخول ولمدة تصل ل 3 اشهر تمدد تلقائيا بمجرد الخروج و الدخول لسوريا,

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية