تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


نافذة.. حزب البعث.. مستوجبات الولادة ..وضرورات الاستمرار

آراء
الخميس 8-4-2010م
سليم عبود

إذا كانت الأوضاع السياسية في العالم العربي بعد سايكس بيكو، وتحديات الواقع الاقتصادي، وقسوة الواقع المعيشي للطبقات الفقيرة وظروف التجزئة، وتبعية أنظمة ما بعد الاستقلال للمستعمر وأخطار الصراع العربي الاسرائيلي قبل نكبة1948،

وبعدها، استدعى ولادة حزب البعث كحزب قومي جماهيري وحدوي، فإن المرحلة الحالية التي تمر فيها الأمة العربية هي أكثر حدة وقسوة وخطورة على مستقبل الأمة العربية،،فالأمة مهددة بوجودها وثوابتها القومية والعروبية.‏‏

خطورة المرحلة الراهنة، تتطلب نهوض حزب البعث ليس كحزب سياسي جماهيري يعمل على تحقيق تطلعات الجماهير الكادحة وحسب، وإنما كقوة إنقاذ للأمة كلها بكل أطيافها الاجتماعية والاقتصادية والحضارية والثقافية، عبر مشروع نضالي عروبي مقاوم يضم بين جناحي مشروعه القومي العروبي كل الطاقات القومية العروبية المقاومة، فالبعث هو المؤهل نضالياً وقوميا وتاريخياً لحمل مشروع الأمة القومي والحضاري، وهو الآن كما كان دائما بمثابة نسغ للوجود العروبي في زمن جفاف هذا النسغ في الأحزاب السياسية الأخرى، وفي زمن ضمور دور المثقفين النهضويين بين الجماهير، فالمتغيرات التي حصلت بعد سقوط المنظومة الاشتراكية، وظهور أمريكا كقطب أوحد تتلاقى مصالحه مع مصالح اسرائيل، وضمور الحركات والأحزاب الوطنية على الساحتين العربية والدولية، كل ذلك بات يستدعي أن يحمل البعث مشروعه النضالي القومي العروبي المقاوم، وأن ينشر خطابه النضالي في هذا الصمت العروبي المهزوم، لمنع سقوط الأمة العربية وتلاشي وجودها الثقافي والحضاري.‏‏

الأمة العربية تعيش أقسى ظروف التحدي،‏‏

فهي تعاني من خطر يتهدد وجودها عبر تحديات داخلية وخارجية لم تصل الى هذا المستوى من الشراسة والخطورة في أي وقت مضى، حتى في زمن التحدي المغولي والصليبي والعثماني والاستعمار الغربي، في الماضي، كانت الأمة العربية تعيش تحديات التجزئة القطرية، والتخلف الثقافي والاجتماعي والاقتصادي بسبب ظروف الاحتلالات المتتالية، لكنها اليوم تعيش تحدي الوجود للغتها وحضارتها وجغرافيتها وثوابتها القومية والعروبية، ولذاكرتها وتاريخها في إطار مشروع صهيوني أمريكي خطير، ممنهج ترسمه وتقوده دوائر استخباراتية ومراكز ابحاث ودراسات يهدف الى تحويل سايكس بيكو القديم الذي ناضل حزب البعث ضده، وضد الأحلاف التي انتجها فيما بعد، الى مجموعة من مشاريع سايكس بيكو، اي تقسيم ما هو مقسم، بإحياء الثقافات المذهبية والاثنية والطائفية والقطرية تحت مظلة حماية الخصوصية الثقافية للأقليات والمذهبيات والطوائف، كما هو الحال الآن في العراق وفي كثير من البلدان العربية، اذ بات لكل حي أو حارة في المدينة الواحدة هوية طائفية ومذهبية وأثنية.‏‏

العالم العربي اليوم في وضع مزر جداً، والثقافة القومية العروبية في مواجهة حرب ضروس مع أعداء كثيرين، ثمة حروب ثقافية واعلامية تستهدف الفكر القومي واتهامات بالارهاب للعرب والمسلمين، وفضائيات ووسائل اعلام للتشكيك بوجود الأمة، ونشر ثقافة اليأس والتفكيك، فالسماء العربية تزدحم اليوم بأكثر من خمسمائة فضائية، وثمة وسائل اعلام مقروءة ومسموعة، أغلبها تناهض العروبة بشكل متعمد مدعومة بملايين الدولارات الأمريكية المعلن عنها أمريكيا وغير المعلن أو عن جهل من قبل بعض هذه الوسائل، وجميعها تستهدف عقل وذهن المشاهد العربي لتخريبه وتفكيكه وإلغاء الانتماءات الكبرى وإحياء الانتماءات الضيقة، وللأسف أن أغلب المناهج التربوية في المؤسسة التربوية العربية باتت مناهج قطرية وبات الخطاب السياسي في كثير من البلدان العربية خطابا انفصاليا تخريبياً لذاكرة الأجيال الجديدة.‏‏

حزب البعث الذي استمد قوته واستمراره على مدى كل العقود الماضية، من ارتباطه بالواقع العربي، ومن قدرته على حمل أمانٍ وتطلعات جماهير الأمة، ونضاله الدؤوب في مواجهة مشاريع الاستسلام والتطبيع والتفكيك، ومن خلال اعتباره القضية الفلسطينية قضية مركزية للعرب جميعا، ومن خلال دعوته الى وحدة الأمة وتضامنها في وجه الخطر الصهيوني..‏‏

هذا الحزب اليوم في موضع المواجهة بحكم مسؤولياته النضالية والأخلاقية والفكرية والتاريخية مع مجموعة كبيرة من التحديات الثقافية والفكرية والسياسية والمشاريع والدعوات المشبوهة للتطبيع والاستسلام وافكار تحويل وجهة الصراع مع اسرائيل والغرب الاستعماري.‏‏

حزب البعث مطالب اليوم باحتضان المثقفين العروبيين والقوى العروبية الحية في كل مكان من الوطن الكبير عبر مشروعه النضالي المقاوم لموت الأمة، لأن حزب البعث لا يعني اليوم البعثيين وحسب، بل بات يعني كل العرب في أي مكان، لأنه قوة الوجود والتحدي، بات الروح المقاومة للموت، وحامل مشروع المقاومة والاستمرار، للأسف.... أغلب الأحزاب الوطنية والتقدمية التي نشأت على الساحة العربية بفكر وطني أو يساري تقدمي في الماضي، انهارت اليوم، أو ضعفت، وتلاشت فاعليتها، وبعضها تحول الى أحزاب فئوية ضيقة، وبعض مثقفيها النهضويين في زمن ما بات مثقفا مأجورا للمشروع المعادي للأمة، كل مقال بأجر وكل حديث بأجر، وبالدولار.‏‏

يوم دخل الأمريكيون بغداد كان قرار بريمر الأول اجتثاث البعث، فالنظام انتهى، وصدام انتهى بموته، لكن البعث ظل مستهدفاً، لأن فكر البعث القومي كان المستهدف، لأنه الفكر العروبي الذي يمنع الامريكيين من تفكيك العراق الى دويلات، وهو الفكر الذي يناضل لمنع الأنظمة العربية، وقوى الاستسلام من الهرولة الى مشروع الشرق الأمريكي الصهيوني القديم، الجديد.‏‏

إن حزب البعث في هذه المرحلة العصيبة من تاريخ الأمة لم يعد حزب الجماهير العربية الكادحة وحسب، بل بات حزب الجماهير العربية بكل أطيافها،وتنوعها الاجتماعي والاقتصادي، وحامل مشروعها التحرري الاستقلالي ، وحامل خطاب الكرامة والنضال والمواجهة القومي العروبي، بقيادة الرئيس بشار الأسد.‏‏

تعليقات الزوار

علي، حمص |  ale.ab@hotmail | 08/04/2010 08:59

أقرأ في المقال رؤية تطويرية ، فالبعث لم يعد للجماهير الكادحة وحسب ، بل بات روح الأمة كلها ، وحامل نبضها العربي ، وأظن إن مات البعث ماتت العروبة ، وعلى البعثيين مضاعفة تمنسكهم بالعروبة وعلى العرب التمسك بالبعث .

احلى إماراتيه  |  a7la_emarata@hotmail.com | 24/04/2010 13:34

يعــطيكم العافيــه و فالكم الجنه -- احلى إماراتيه

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية