قد لا نضيف أي جديد عندما نتحدث عن أهمية تفعيل الدعم الزراعي وخاصة أننا أصبحنا اليوم أكثر من أي وقت مضى مدركين تماماً وعلى يقين أن الاقتصاد السوري زراعي بامتياز ولا بد من الاستفادة من مزاياه للمرحلة القادمة لتحقيق الاكتفاء الذاتي الذي سيمكننا من تجاوز أي صعوبات أو حصار اقتصادي.
لن ندخل بتفاصيل الدراسة والمقترحات العديدة التي خلصت لها على المدى القريب والبعيد بل سنركز على أهمية مخرجات الخطة الزراعية التي تم اعتمادها للعام الحالي والمبالغ المالية الكبيرة لدعم القطاع الزراعي بشقيه النباتي والحيواني مع التركيز على دعم الزراعات الأسرية.
في القراءة الأولية للخطة التي يبدو أنها تحاكي مستقبل بلادنا نصل لنتيجة حتمية لجهة الاستقرار والاكتفاء الذاتي وتحقيق الأمن الغذائي إذا ما نفذت وفق ما رسم لها وخاصة أن هذا القطاع تميز بالمرونة خلال سنوات الحرب رغم كل ما لحق به.
دعم القطاع الزراعي الذي يعد من أولويات البرنامج الحكومي وصمام أمان اقتصادنا فرغم الحرب والحصار كان الدور الكبير لفلاحي سورية بتأمين المواد الغذائية، الأمر الذي يفرض الانتقال به إلى المربع الأول لجهة مساهمته بالناتج المحلي الإجمالي الذي وصل إلى أكثر من 30%.
بالمقابل ما زلنا نسمع العديد من الإنذارات التي أطلقت من هذه الجهة أو تلك تفيد بأن الدعم الزراعي لم يقدم مساهمة حاسمة في تطوير هذا القطاع وتحسين كفاءة أدائه رغم أن ذات الدعم حافظ على القاعدة الأساس التي ضمنت استمرارية العملية الإنتاجية الزراعية وبقاء المزارعين والمنتجين على أرضهم وقيامهم بأعمالهم.
بغض النظر عن الخطط والاستراتيجيات التي توضع في كل موسم زراعي ما زال ينقصنا رؤية تنموية مستقبلية مستدامة تطول جميع المنتجين وتقدم لهم حوافز تشجيعية لزيادة الإنتاجية مع التشجيع على اتباع الأساليب الحديثة في الزراعة.
باختصار لا بد من جعل الزراعة قطاعاً تنافسياً يعتمد على الميزة النسبية للإنتاج الزراعي وله القدرة على تحقيق الأمن الغذائي والتنمية المستدامة وهذا لا يتحقق من خلال الكلام فقط بل يحتاج لتوفر عناصر أبرزها تأمين مستلزمات الإنتاج بأسعار تشجيعية مدعومة وتسهيل تسويق الحبوب وتسعير المحاصيل الاستراتيجية بأسعار مجزية واعتماد أصناف جديدة ذات إنتاجية عالية لبعض المحاصيل المقاومة للأمراض والجفاف يضاف إلى ذلك كله مسألة القروض التشجيعية للفلاح بفوائد مناسبة.