أو يحزن إذا ما كان حظنا ليس فيه ما يسر وما يسعد ،فالبعض يقف عندما يقرأ موقف المؤمن بما هو مكتوب أو مسموع من خلال تلك الوسائل الإعلامية المرئية أو المسموعة ،أو غير مؤمن ولكنه يقول للتسلية والترفيه ،ورغم كل الأصوات المضادة للتنجيم والتي منحت القوة وزودت بالحجة مازال التنجيم له رواده .
الدكتور علي موسى أستاذ مادة الجغرافيا الفلكية وعلم المناخ في جامعة دمشق قسم الجغرافيا بحث في هذا الموضوع وأصدر الكثير من الكتب من أهمها التنجيم في الميزان في هذا المجال تحدث بالقول :
لم يكن التنجيم يوما علما صحيحا ،وإنما كان علما ناقصا ،بل مزيفا لا سند علمي له ،ولا أفكار واضحة تظهره ،بل اعتمد على مرتكزات خاطئة وأفكار خاطئة وضلالية جهنمية ،بحيث لا يختلف عن السحر وأساليبه والشعوذة وطرائقها ،والتدجيل وألاعيبه ،وكانت غاية المنجم وهدفه الحظوة بالشهرة وكسب المال .
ثالوث المنجمين
ويحدد الدكتور موسى بأنه يجب على المنجمين معرفته والذي غالبيتهم لا يعرفونه وأهمها :
البروج الإثني عشر والتي تستوجب على المنجم معرفة طبائعها وخصائصها وأبعادها عن الأرض وعن بعضها البعض ومواقعها بالنسبة لبعضها ومطالعها ومنازلها وأقسام كل برج .
والأمر الثاني هو معرفة الكواكب الذي لابد من معرفة خصائصها العامة ومواقعها في السماء وتغيرات هذه المواقع ومواقعها بالنسبة إلى بعضها البعض وبالنسبة إلى البروج وحركاتها المختلفة.
أما بالنسبة لمنازل القمر التي لابد من معرفة طبيعتها ومواقعها في البروج وتغيراتها ومواعيد طلوعها وغروبها والدراية الواسعة بالتقاويم وأنواعها المختلفة .
ليتابع بأن التنجيم ينطلق أساسا من النجوم ،وهذا يعني أنه لابد للمنجم من أن يكون عالما بالفلك وبهيئة العالم وبالتقاويم وخبيرا «بالأزياج» وعارفا بعروض البلدان والأقاليم وارتفاع الشمس وغير ذلك من الأمور التي لها صلة بعلم الفلك وهذا يعني أن على المنجم الماهر ومن يمكن اعتباره منجما أن يكون عالما بالفلك وليس العكس إذ ليس من الضرورة أن يكون العالم بالفلك على دراية بالتنجيم كما عليه أن يكون على معرفة واسعة بعلم الفلك الذي يتطلب منه دراية بعلوم الفيزياء والرياضيات والاحتمالات مما يجعل المنجم يتعامل مع ثوابت ذات دلالات وإن كانت خاطئة يمكن ترجمتها إلى علاقات ترابطية تستلزم بالضرورة نتائج وهذا يتوافق عموما مع مفهوم العلم الذي لم ينطلق عبثا على التنجيم والأصح على علم أحكام النجوم ،كما ويشير الدكتور علي إلى أن التنجيم بمفهومه الحالي حسبما يتعامل فيه ألوف المنجمين أو أكثر أبعد ما يكون عن العلم فهو اليوم حرفة أو صنعة وهكذا كان قديما عند ممتهنيه لأنه يقترن بالمال فهو صنعة للتعيش والارتزاق أو للتقرب من بلاط الرؤساء والملوك فالمنجم اليوم أجهل ما يكون بمكونات الكون المرئية التي يتعامل معها.
تجارة أم ارتزاق؟
ويتابع قوله بإن علم الفلك الحديث يرفض كل أنواع التنجيم رفضا باتا ،حيث أنه لا يستند إلى خبرة حقيقية من جهة ولا تؤيده قوانين طبيعية من جهة أخرى وبهذا فان التنجيم غير علمي كلية وهذا الكلام لا يعني أن التنجيم انقرض بل على العكس من ذلك فقد استعمل في ابتزاز أقوات ضعاف الإيمان والمتشائمين من الناس ونظرا لكون التنجيم صنعة بلا علم ولا رأسمال فقد دخل عليها الدخلاء وأصبحت ومنذ القديم محالا للارتزاق والغنى والثراء وهذا ما هو سائد في يومنا الحالي .
إن الغالبية العظمى من الناس يلجؤون إلى التنجيم تحت ضغوط نفسية واجتماعية كبيرة يعيشونها ،فالإنسان نتيجة لجملة من التراكمات التي يعانيها لاسيما في حياة المدينة المليئة بالإرهاق والتوتر ،وما يرافقها من ضغط نفسي يفوق قدرة الإنسان على تحمله ،يحاول الهروب من هذا الواقع الثقيل إلى حيث الراحة والطمأنينة التي في ظنه أنه يجدها عند المنجم الذي يجيد التعامل مع هذا الإنسان المقهور ،ولكن سيكتشف ذلك الإنسان بأنه خرج من إحباط مأمول إلى يأس مجهول ويختتم بقوله :
إذا ما أردنا الحكم على دجل المنجمين وأكاذيبهم ،وبأنه لا قانون ولا قاعدة تحكم تكهناتهم فمن استبيان أجراه على عينة عشوائية تتكون من 1000 شخص من الذكور والإناث ومن أعمار مختلفة ومهن مختلفة كانت نسبة عدم المطابقة كليا لإحدى المنجمات المشهورات نحو 75%وأن 24%كانت بين بين و1%فقط كانت لهم صحيحة ولتصل للخطوط العامة .إضافة إلى أنه عند مقارنة بسيطة بين ما يقوله منجم وآخر لكل مولود على حد سواء يتبين عدم مطابقة منجم على آخر.