تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


قراءة...محمد الفراتي.. قيثارة النهر الخالد..أعماله الكاملة تبصر النور..

ثقافة
الخميس2-1-2020
هل كان ماؤك فراتا ذات يوم, ووقفت على ضفتيه تقرأ لوحة خالدة مذ كان النهر الخالد,إذا فعلت ذلك وشربت ماءه فلن يكون لك صدى حينها إلا أن تذكر شاعره الأصيل محمد الفراتي, وتتدفق رائعته الخالدة (الفرات الخالد)

فليس أحمد شوقي وحده من جعل النيل أسطورة جمالية في الشعر, هاهو محمد الفراتي ينسج من ماء النيل غيما للأرض وللعطاء وللكلمة معنى فريدا..‏

حين وقعت عيناي على الأعمال الكاملة للشاعر الفراتي, لا أدري كيف قضيت الساعات التي تفصلني عن فرصة الحصول عليها من الهيئة العامة للكتاب ذات الفضل الواسع بإصدارها كما غيرها من الكتب والمؤلفات, مجلد ضخم يضم الاعمال الكاملة للشاعر الكبير الفراتي تصدر كما أسلفت عن الهيئة العامة السورية للكتاب, وهي ختام مسك وعنبر لعام 2019م بعد أكثر من 280 إصدارا في مختلف الفنون والآداب والفكر.‏

أشرف على العمل المميز والمتقن: د.ثائر زين الدين, د.محمد شفيق البيطار. د.محمد قاسم, أ.سراج جراد, وقبل الحديث عن هذا العمل أو السفر الضخم, لابد من الإشارة إلى أنه يقع في 650 صفحة من القطع الكبير, ويقدم أعمال الشاعر الفراتي.‏

النهر الخالد‏

لمن لايعرف فالفراتي ليست كنية أو اسم أسرة ينتمي إليها الشاعر أبدا, بل هو نسبة خاصة كما يقول المعدون, كان يلحقها باسمه محمد حين كان طالبا للعلم في الأزهر حتى غلبت على نسبه, وهو: محمد بن عطا الله بن محمود بن عبود ولد في دير الزور عام 1880م لأب كان يعمل بناء في الميادين, تعلم في المدرسة الرشدية ثم تلقى علوم اللغة والمنطق والفقه سنتين من الشيخ حسين العزاوي, ثم سافر إلى حلب سنة 1908م فالتحق بمدرسة (العريان ) وأخذ علوم اللغة والادب والدين من علمائها, عام 1911م ارتحل إلى مصر والتحق بالازهر, وأخذ عن علمائه, تعرف في مصر على شعرائها وكتابها, ومنهم: احمد شوقي وطه حسين, وخليل مطران, وحافظ ابراهيم, والمازني وزكي مبارك وعلي محمود طه, احمد الكرمي.‏

عام 1916 سافر للمشاركة بالثورة العربية الكبرى, وشارك أيضا عام 1919م في مصر بالثورة ضد الانكليز, وفي سورية شارك النضال ضد المحتل الفرنسي, فاضطر للهروب إلى العراق, ومن محطات حياته انه مثل سورية عام 1949 في المهرجان التأبيني لخليل مطران في القاهرة, عين في العام نفسه مشرفا في مكتبة الاوقاف بدير الزور, عام 1959م عينته وزارة الثقافة والارشاد القومي بالتعاقد مترجما من اللغة الفارسية فانتقل إلى دمشق مع اسرته, فكان من المؤسسين للوزارة, وعمل فيها لعام 1974م.‏

توفي عام 1978م وقد حظي اواخر عمره بالتكريم اللائق إذ كرمه اتحاد الكتاب العرب عام 976م وفي العام نفسه أصدر القائد المؤسس حافظ الاسد مرسوما تشريعيا يمنح بموجبه الشاعر الفراتي راتبا تقاعديا استثنائيا, وكرمته وزارة الثقافة من جديد عام 2007م بندوة دامت ثلاثة ايام وتناولت جوانب متعددة في حياته وإبداعه.‏

وها هي الهيئة العامة السورية للكتاب تكرمه من جديد وتعيد إحياء أعماله الكاملة.‏

أما بالعودة للعنوان الفرعي (بحثا عن الفرات) حين وقعت يداي على الديوان, كان أول ما فعلته أن بحثت عن رائعته الخالدة (الفرات الخالد ):‏

ذاك نهر الفرات فاحب القصيدا‏

من جلال الخلود معنى فريدا‏

ذاك نهر الفرات ما إن له ند‏

على الأرض إن طلبت نــــــديدا‏

باسماً للحياة عن سلسبيل‏

كلمــــــــا ذقته طلبت الـــــــــمزيدا‏

جرعة منه في قرارة كأس تترك‏

المرء في الحياة سعيـــــــدا‏

نحن قتلاه في الهوى وقديماً‏

شفّ آباءنا وأصبى الجـــــــدودا‏

يعكس الدوح في الأصيل عليه‏

أينما شمت ظلّه الممــــــدودا‏

وعلى الدوح للبلابل شدو هجن‏

الشعر لحنه والـــــــــــنشيدا‏

يا جناناً على الفرات هي الخلـد‏

لمن رام في الجنان خلـــودا‏

أنا لولاك ما طلبت لنفسي رغم‏

بؤسي الحياة عمراً مــــــديدا‏

يا ليالي بالفرات استنيري‏

وانفحي بالجمال هذا الــــــوجودا‏

قد شهدنا عرس الطبيعة‏

لما أن لمحنا لواءك المعـــــــــقودا‏

منظر رائع يريك جلال اللـه‏

في مسرح الحياة فريــــدا‏

إيه يا بلبل الفرات ترنم فوق‏

شطآنه وحي الــــــــــــــورودا‏

وتنقل على الغصون مدلا واملأ‏

الأفق في الصباح نشـــــيدا‏

أنت مثلي وكم عهدتك في الدوح‏

طروباً بل شادياً غريــــدا‏

أما عن بعض صفاته الشخصية فيسرد المعدون قول أحدهم: (في مكان خاص من مقهى في هذا البلد ترى شبحا عليه علائم الشيخوخة الباكرة, وتلحظ علائم الفقر المدقع وتدرك أول ما تراه أن مقرورا يرتعش من البرد, فجمع جسده وداخل اعضاءه في أصغر فضاء ممكن ذاك هو الفراتي, هادىء, وديع في الأحوال الطبيعية فإذا جرحت كبرياءه الشخصي أو الوطني أو شعر بأنك تريد الحط من كرامته, فإنه ينقلب إلى نار لاهبة وبركان تتدفق منه النيران, وسرعان ما يفقد توازنه حتى ليخيل إليك أن به مسّا من جنون )..‏

دائرة الثقافة‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية