حصد تميزاً واعترافاً على مستوى الرواية العربية، تأكد بفوز الروائي السعودي (عبده خال) ببوكر العربية في دورتها الثالثة عن روايته (ترمي بشرر)، بعد تنافس مع روايتي كل من اللبناني ربيع جابر (أميركا) ومحمد منسي قنديل (يوم غائم في البر الغربي).
يعتبر الخال الذي أصدر إلى الآن (12) عملاً، واحداً من الأسماء المعروفة وذوي الأقلام الجريئة المتمردة التي قدمتها شبه الجزيرة العربية على صعيد فن الرواية.
ولد الروائي في إحدى قرى جازان عام 1962م، حصل على الإجازة في العلوم السياسية عام 1987م، وكان قد بدأ بالعمل الصحفي منذ عام 1982م، له نشاط ملحوظ في التجمعات الثقافية السعودية، ويدير تحرير جريدة عكاظ في جدة ويكتب فيها عموداً يومياً مناقشاً خلاله الكثير من المشكلات الاجتماعية.
من أعماله (طين، نباح، فسوق، الموت يمر من هنا، الأيام لا تخبئ أحداً، مدن تأكل العشب...).
روايته (ترمي بشرر) تحيل مباشرة إلى الآية القرآنية (ترمي بشرر كالقصر)، ولاسيما أنه يجعل فصلها الأول بعنوان (القصر).. ينقل عبرها التناقض القائم مابين عالمين، القصر والحارة، استغلال العالم الأول واستنزافه لأبناء العالم الثاني ممثلاً بحارة (الحفرة)، كما جاءت تسميتها عبر السرد..
تروى أحداث الرواية في ذهن بطلها طارق فاضل الذي سيتذكر تفاصيل حياته منذ انتقل من حارة (الحفرة) إلى مدينة جدة.. وهو لا يعدو كونه عند (الخال) رمزاً لتلك الطبقة (الأداة) بيد الطبقة البرجوازية (الأقوى).
فسيد القصر يستغل أبناء الحارة، ويستخدم طارق صاحب القوة الايروتيكية و الصيت العنيف، جاعلاً منه وسيلة يعاقب من خلالها من يشاء أمام عينيه.
وبذلك يتجاوز الخال تصويره موضوعة الفقر والبيئة الفقيرة (الحارة)، داخلاً عوالم الطبقة البرجوازية، مندفعاً لهتك حصانة مجتمعية سرابية الملامح...
تثير الرواية جدلاً في الأوساط الاجتماعية، باعتبارها تتطرق، كما يرى البعض، إلى جوانب غير ملحوظة مخبأة، غير مرئية لها منحى إشكالي عام.. ويزيد البعض الآخر فيرى أنها تشويه للمجتمع لأنها لم تنقل جوانبه الإيجابية، يقول عبده في حوار قبل الفوز بالجائزة فيرد على هؤلاء: (هم لا يقرؤون، ولهم مندوبون يجتزئون مقولات من داخل الروايات ودواوين الشعر أو كتب النقد الثقافي..
هم نسخ معادة لمن وقف ضد طه حسين ومحمد عبده وجمال الأفغاني وقاسم أمين وزندق ابن رشد وابن عربي، هؤلاء يقفزون على الأسطح ويتسللون من النوافذ ويسرقون المقولات من سياقها ليؤكدوا بها وجهة نظرهم. يستحلون البيوت الآمنة، بحجة أن بها طائراً يغني، ولأن الغناء حرام لابد من نسف الحياة برمتها).
ويختصر مقولة روايته الفائزة قائلاً:
(«ترمي بشرر» تمزج قذارة النفس حينما تغتسل بالمال والسلطة وتظن أنها تطهرت بهما، بينما يكون الواقع أكثر قذارة مما تحمله الصورة وفي الأصل وفق النظرة الفيزيائية تستقبل العين الأشياء مقلوبة فيقوم موقع الإبصار في المخ بإعادة إرسالها إلينا كشكل سوي، (ترمي بشرر) هي التقاط الصورة الخام وتقديمها في أصلها الأولي، ولذلك فصورة النار والجنة جاءت معكوسة كواقع حقيقي قبل تعديلها وبمعنى آخر هي لحظة وقوف على أصل الصورة والإشارة للتزوير الذي حدث لها عند رؤيتها في حالها الأخيرة).
تألفت لجنة تحكيم الجائزة من الروائي الكويتي طالب الرفاعي رئيساً، والذي رأى في الرواية (استكشافاً للعلاقة بين الفرد والدولة)، والتونسية رجاء بن سلامة، والعماني سيف الرحبي، والفرنسي فريدريك لاغرانج، وتنظم الجائزة بتعاون ما بين مؤسسة الإمارات ومؤسسة جائزة البوكر البريطانية.
ويأتي عبده خال في قائمة الفائزين ثالثاً بعد المصريين: بهاء طاهر ويوسف زيدان.