هذا ما لا يمكن تحديده بدقة لأننا مهما تشاركنا في تلك الانفعالات والتفاعلات تبقى النفس البشرية أعمق مما قد ترصده عين الكاميرا وتنقله.
فما أطلق عليه بسينما الواقع ليس سوى عناوين وجملة أفكار انطوت تحت جرأة البعض ليبوح ويحكي قصته، يدعي فيها البعض أنها بلا تجميل أو رتوش ويتفنن المخرج في تجميعها وربطها وتقديمها على أنها كلٌ متكاملٌ دون أن يدري أن عدسة الكاميرا خانته في سبر عمق دواخل من هم أبطال فيلمه.
فالجرأة التي تعتمدها فكرة سينما الواقع تبقى منقوصة في تمثيل واقع فرد لا يمكن أن يكون منفصلاً عن مجتمعه وبيئته، وبالتالي الواقع يحتاج لجرأة مجموعة أفراد تلك المجموعة ستتفاوت في جرأتها وقدرتها على البوح، من هنا لن يكون هنالك سبر لمجمل الواقع ولن يكون في الواقع واقع.
وما يبقى من عدسة ذلك الواقع أنك تتوجه إلى أناس ليسوا في الحقيقة ممثلين محترفين ولكن قبلوا أن يكونوا أبطالاً. ترصد عدسة الكاميرا منازلهم فهذا واقع الحي الذي يعيشون فيه أيضاً هذا واقع، تحركاتهم، تنقلاتهم، ومنزل جيرانهم إلى ما هنالك مما يحيط بهم كله واقع.. إلا أن الكاميرا تفشل في رصد كل منا وهو يحاول تجميل حياته وفكره وثقافته لأننا نبقى الأكثر براعة في خداع أفخر أنواع العدسات والكاميرات الواقعية ويبقى ما في دواخلنا لأنفسنا ولن يكون أي منا مستعداً إلا ليكون بطل فيلم ضمن سلسلة أفلام سينما الواقع في الواقع..