تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


معالجة الحكومة للنقل ..داخل المدن مثالاً

اقتصاديات
الثلاثاء 9-3-2010م
سمير سعيفان

بدأت الحكومة خطوات تنفيذ استبدال ميكروباصات النقل الداخلي و النقل بين الضواحي بباصات كبيرة عملية ومريحة وابعاد الميكروباصات الحالية الى خطوط ثانوية اخرى

وهو توجه صحيح للتخلص من تلك الميكروباصات الصغيرة التي كانت حلاً مؤقتا غير مدروس لجأت اليه الدولة يوم تخلفت عن تلبية احتياجات المدن للنقل الداخلي، وافسحت في المجال للقطاع الخاص بهذا النوع من الميكروباصات رغم مواصفاتها غير المناسبة لكنها قدمت خدمة وحلاً رخيصاً ناسب دخول الناس.‏

لكن الملفت للنظر في المعالجة الاخيرة للحكومة لهذه المسألة انه يتخذ منحى احلال شركة يملكها رجل اعمال واحد محل مئات الميكروباصات التي يملك كل منها عائلة او اكثر ويتوزع دخلها على مئات والوف العائلات من ذوي الدخل المحدود.‏

واخراج الميكروباصات من العمل لادخال الباصات الكبيرة التي تملكها شركات كبيرة يتسبب بأذى اجتماعي لعائلات كثيرة فالخطوط البديلة التي طردت اليها الميكروباصات الصغيرة لا تخلق نفس الدخل فهي خطوط مشغولة بميكروباصات اخرى وبما انه توجه على مستوى سوريةفستتضرر منه عشرات الاف العائلات.‏

فهل اهتم من اقترح هذا التوجه على الحكومة بالنتائج الاجتماعية؟ ام ان النتائج الاجتماعية لا تهمنا سوى في التصريحات الاعلامية وهل بات صوت قطاع الاعمال الكبير هو الصوت الوحيد المسموع؟؟‏

اذا ارادت الحكومة تطبيق ما تنادي به من اقتصاد سوق اجتماعي وما ترفعه من شعارات التشاركية في ارض الواقع لاهتدت ببساطة الى حلول اخرى تلبي الجانبين الفني والاجتماعي وسنقدم امثلة عن اكثر من حل:‏

الحل الاول ان تتولي البلدية انشاء شركة مساهمة للنقل الداخلي في مدينة صغيرة مثل دوما او ادلب او في منطقة كبيرة مثل دمشق وحمص وحلب يشترك في هذه الشركة اصحاب الميكروباصات الصغيرة انفسهم سواء باعوا ميكروباصاتهم ام احتفظوا بها للعمل في الخطوط التي ابعدت اليها وقد تشترك البلدية او المحافظة بنسبة وقد لا تشترك .‏

وتعرض شراء بعض الاسهم على من يرغب من ساكني منطقة عمل الشركة ويمكن لبعض المستثمرين ان يدخلوا بنسب معينة صغيرة كي لا يكون لهم السيطرة على الشركة وتقوم هذه الشركة بادخال الباصات الجديدة وفق المواصفات التي تحددها البلدية من حيث الحجم وعدد المقاعد وتوحيد اللون وتوحيد لباس السائقين والالتزام بالوقت ومستويات اجور الراكب وان يعملوا وفق اشراف البلدية ويدفعوا رسم خدمات وغيرها من شروط بينما يكون الدخل للشركة.‏

ويتوزع دخلها على المساهمين بحسب عدد اسهمهم وتخضع هذه الشركة لنفس الانظمة والقوانين النافذة كشركة قطاع خاص هذا الحل ينسجم مع قواعد اقتصاد السوق ويوسع قاعدة الملكية ويوزع المنافع على شريحة واسعة من السكان.‏

الحل الثاني:‏

ان يستمر تنظيم النقل الداخلي بالاسلوب الحالي دون انشاء شركة مساهمة وان يعلن عن استبدالها بباصات كبيرة بحسب مواصفات وشروط يعلن عنها كما هو اعلاه وتعطى الاولوية لاصحاب الميكروباصات الصغيرة ثم لغيرهم من المواطنين بتشغيل باصات على الخط وتبقى مملوكة من قبلهم كافراد او عائلات ويدفعوا لقاء عملهم رسم خدمات للبلدية بينما يعود الدخل لمالكي الباصات الجديدة ان هذا الحل قد طبق وجرب ونجح على مدى عشرات السنين وهذا الحل كما السابق يوسع قاعدة الملكية وقاعدة توزيع الدخل وفي نفس الوقت يستبدل الميكروباصات الصغيرة غير المناسبة بباصات بمواصفات مناسبة.‏

الحل الاول الشركة المساهمة هو الاكثر كفاءة اذ ان الشركة جسم كبير يستطيع ان يشتري الباصات بسعر اقل وقطع الغيار بسعر اقل والتأمين بسعر اقل وينظم العمل بمرونة اكبر من حيث المناورة في اوقات العمل والمناورة بالباصات وان يكون لديها مركز انطلاق موحد للباصات ومركز صيانة موحد الخ. غير ان الحل الثاني ملكية افرادية للباصات هو الاكثر عملية في ظروف سورية الحالية بسبب ضعف روح التشارك الناجم اولا عن الخوف من فساد ادارة الشركة المحتمل وضعف قدرة المالكين على محاسبة ادارة فاسدة بسبب غياب القضاء الكفء القادر على انفاذ الحق لصاحبه لهذه الاسباب يبدو ان الحل الثاني هو الانسب ومن ناحية اخرى يمكن الجمع بين الحلين بان يكون في نفس منطقة العمل باصات فردية واخرى تملكها شركة مساهمة بحسب ما ذكرنا اعلاه والبلدية هي من سينظم العمل على جميع الاحوال.‏

النقطة الاخيرة هي ان اصحاب الميكروباصات الصغيرة والحاليين هم المتضررون وعليهم ان يتحركوا بفعالية اكبر من خلال اتحاد نقابات العمال مقدمين مثل هذا الحل الذي يلبي متطلبات تطوير النقل الداخلي ولكن دون ان يهضم حقوقهم ويمنحها لمقاول واحد وان يتوجهوا بمطالباتهم الى البلدية والمحافظ في مناطقهم والى وزارة الادارة المحلية ووزارة النقل ورئاسة مجلس الوزراء اي ان لا يدعوا الضغط يأتي فقط من اصحاب رؤوس الأموال .‏

اعتقد ان تنفيذ هذا الحل ممكن ويحتاج فقط لاطار تنظيمي يوضع في رئاسة الوزراء ويوجه لجميع المحافظات للعمل بهذا التوجه على المستوى الوطني.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية