تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


حتى الفلكلورالفلسطيني... يستهدفونه

قاعدة الحدث
الثلاثاء 9-3-2010م
عزة شتيوي

أضاعت (عناة) آلهة الحصاد الكنعانية حبيبها ظريف الطول الذي عاد بعد طول غياب ولم يجد محبوبته فمضى بين الحقول ينادي بلسانه الكنعاني (دل عناة، دل عناة) أي دلوني على عناة. ومنذ العصور الكنعانية وحتى اليوم يغني الفلسطينيون وينادون الدلعونة حتى أصبحت جزءاً لا يتجزأ من تراثهم الفني.

تأتي فلسطين في مقدمة مناطق الجنوب السياحي والتاريخي في العالم وخصوصاً أن فيها مثوى الأنبياء والرسل وعلى أرضها قامت الحضارات الكنعانية والإسلامية وخلفت وراءها الشواهد والمعالم الأثرية على امتداد المدن الفلسطينية والتي تأتي العاصمة الفلسطينية القدس في مقدمتها من حيث الأهمية الأثرية الدينية ففيها كنيسة القيامة التي تعد البناء الأكثر قدسية لدى المسيحيين، ويعود تاريخها للقرن الرابع الميلادي عندما قامت الملكة هيلانة ببنائها كما تحتضن القدس أيضاً المسجد الأقصى المبارك ومسجد قبة الصخرة وتعتبر قبة الصخرة من أكبر وأجمل قباب المساجد في العالم الإسلامي وهي مبنية فوق الصخرة التي عرج عليها الرسول محمد صلى الله عليه وسلم إلى السماء ويوجد في القدس أيضاً مغارة سليمان والمتحف الفلسطيني وما يحويه من آلاف القطع الأثرية واللوحات الفنية التي ترجع لآلاف السنين إضافة لكنيسة الجثمانية التي بنيت فوق صخرة الآلام وهي الصخرة التي صلى وبكى فوقها السيد المسيح قبل أن يعتقله الرومان.‏

أما مدينة نابلس (أوشكيم) كما كانت تسمى أيام الفترة الكنعانية فسورها مازال صامداً منذ السنة الثانية عشرة ميلادية وفي بيت لحم توجد أقدم كنيسة فلسطينية وهي كنيسة المهد التي يقصدها الزوار من شتى بقاع الأرض حيث تكتسب أهميتها الدينية كونها شيدت منذ عام 325م مكان مسقط رأس السيد المسيح.‏

ومن أهم المعالم الأثرية أيضاً الحرم الإبراهيمي في مدينة الخليل وسوره الذي بناه هيرودس الأدومي في فترة حكمه ما بين (37 ق. م، 9م) ويقبع السور فوق مغارة المكفيلة التي اشتراها النبي ابراهيم عليه السلام وفيها مرقده ومرقد النبي يعقوب وأزواجهما.‏

وفي جنين يتصدر تل تعنك قائمة الآثار المهمة في تلك المدينة وتل تعنك عبارة عن تل ومدينة كنعانية صبغت بالطابع العربي الإسلامي أما المعالم الأثرية الرومانية فتوجد بشكل بارز في قلقيلية حيث تسمى الآثار بالبرك الرومانية في حين تعد قلعة برقوق في مدينة خان يونس شاهداً على الفترة التاريخية العائدة للعام 1387م، حيث بنى القلعة السلطان الظاهر برقوق، وتوجد أيضاً العديد من الأماكن الأثرية في فلسطين ويغلب عليها الطابع الديني كون فلسطين مهد الديانات السماوية.‏

ويبدو أن تاريخ تلك الأرض المقدسة لم يدون في الكتب وفوق حجارتها الأثرية وحسب بل نجده مطرزاً على أثواب نسائها أيضاً ،فالثوب الفلسطيني يعتبر نتاجاً حضارياً عبر آلاف السنين وهو تراكمات تعب الجدات والأمهات منذ أيام الكنعانيين ويعتبر الثوب الفلسطيني ذو خاصية محددة ويختلف عن كل الأزياء التقليدية في العالم.‏

وتتميز الأثواب الفلسطينية من حيث الطول الفضفاض المزخم بالتطريز لاخفاء معالم جسد المرأة وهو مأخوذ عن ثوب العذراء مريم عليها السلام، كما يحمل الثوب الفلسطيني النسائي مزايا الثوب الكنعاني بقبته وزخرفته وتختص كل منطقة من المناطق الفلسطينية بثوب يعبر عن طبيعة السكان وعملهم فالثوب الساحلي خليط بين الاغريقي واليوناني، أما الثوب الجبلي فيخلو من التطريز حيث كانت النساء تعمل في الزراعة ولا وقت لديهن للتطريز على عكس نساء منطقة بئر السبع ووسط فلسطين اللواتي توجد التطريزات على أثوابهن بشكل كثيف.‏

وطالما عبر الثوب الفلسطيني عن معاناة الشعب في تلك المنطقة خلال آلاف السنين وكانت المرأة الفلسطينية توثق الأحداث والمواقف على ثوبها فرسمة طائر العنقاء الذي ينبعث من تحت الرماد ترمز لكبرياء الشعب الفلسطيني.‏

أما وجود الأفعى على ثوب النساء في بيت لحم فهو يشير إلى الثوب الذي كانت ترتديه الملكات الكنعانيات وعليه نقشة الأفعى التي كان الكنعانيون يعبدونها .في حين يتشابه الثوب الدجني الخاص بنساء بيت دجن مع لباس الكهنة أيام الكنعانيين .‏

وينفرد ثوب نساء القدس بوجود آثار جميع العصور التي مرت على فلسطين فنجد عليه قبة ملكات الكنعانيين وعلى الجوانب تظهر علامة الصليب التي ترمز لأيام الحكم الصليبي ويجد البعض أن وجود الهلال على الثوب المقدسي دليل على عودة القدس للحكم الإسلامي العربي .‏

والتراث الفلسطيني غني جداً ويبرز فيه الغناء الشعبي بشكل واضح وغالباً ما تغنى الدلعونة ومشعل وظريف الطول والميجانا في الأعراس ،وتعود أصول هذه الأنواع الغنائية إلى حكايات شعبية توارثتها الأجيال الفلسطينية والتي تعد هي أيضاً جزءاً من التراث الفلسطيني ،فالميجانا مثلاً تتعلق بحادثة خطف امرأة جميلة راح زوجها ينادي ويتساءل عن خاطفها بعبارة (من جنى؟) أي من فعل هذه الجناية وتعتبر هذه الأغنية وغيرها قالب متوارثاً تردده الأجيال الفلسطينية خصوصاً أيام الأعراس وليلة الحناء التي تحنى بها العروس .‏

وتبرز الصناعات التقليدية كجزء من التراث أيضاً والحرف الفلسطينية مازالت قائمة منذ العصر الكنعاني حتى يومنا هذا وتشمل التطريز والنسيج والخزف وصنع الزجاج ومنتجات الزيتون وصناعة الصابون ويعتبر صابون نابلس من أهم أنواع الصابون في العالم .‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية