|
الحرم الإبراهيمي ومسجد بن رباح.. فصل جديد في مسلسل التهويد.. المقدسات الإسلامية والمسيحية في قلب العاصفة الصهيونية.. سرقة ممنهجة بدأت في القرن الثامن عشر ولا تزال مستمرة قاعدة الحدث والحقيقة أن مشاريع التهويد التضليلية واستلاب التراث والهوية الفلسطينية موغلة في القدم، حيث ارتكزت علي أفكار منظري الصهيونية الأوائل، ففي كتاب تيودور هرتزل مؤسس الحركة الصهيونية العالمية «الدولة اليهودية» الصادر عام 1896 لم يرد على الإطلاق ذكر الشعب الفلسطيني بل لم يذكر اسم ذلك الشعب لا في كتاب هرتزل ولا في الجمعيات السياسية التأسيسية للحركة الصهيونية العالمية، فإنكار وجود هذا الشعب هو مبدأ من المبادئ الأساسية لطمس التاريخ الفلسطيني في خطوة من شأنها تزوير وتزييف الحقائق بما يدعم الأساطير اليهودية. ويرى مراقبون أن استهداف التراث الفلسطيني بدأ منذ بداية القرن الثامن عشر وجاء على شكل مستشرقين يهود قدموا من عدد من الدول الأوروبية هدفهم تسويق فكرة أن الأرض الفلسطينية هي أرض الميعاد ،وذلك عبر القيام بحفريات في عدد من المناطق الفلسطينية وتوجت هذه الحملات الاستشراقية عام 1867 على يد المهندس الإنكليزي «تشارلز وارين» الذي قام بحفريات محدودة في القدس خارج سور المسجد الأقصى، وقام وارين بسرقة عدد من الفخاريات التي وجدها في منطقة الحفر وادعى لاحقاً أنها فخاريات يهودية الأمر الذي فنده آثاريون ومؤرخون عرب وإسرائيليون مؤخراً، ويشار إلى أن المحاولات الإسرائيلية في سرقة الآثار الفلسطينية ومحو هويتها لم تتوج إلا بعد الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين عام 1948 حيث بدأت العصابات الصهيونية كالهاغانا والشتيرن بسرقة الآثار الفلسطينية من القرى التي تحتل مباشرة واستمرت عمليات سرقة الآثار إلى ما بعد النكسة عام 1967 حيث أصبحت السرقة علنية ،وتشير احصائيات رسمية إلى أنه في كل سنة كانت تتم سرقة مئة ألف قطعة أثرية فلسطينية وأهم ما تم سرقته مخطوطات قمران (لفائف البحر الميت) التي اكتشفت عام 1946 والجدير ذكره أن حملات السرقة وعملياتها غالباً ما كانت تتم بقيادة شخصيات إسرائيلية عسكرية وسياسية كبيرة منها على سبيل المثال موشي دايان وزير الحرب الإسرائيلي الأسبق، فقد كشفت صحيفة «ها آرتس» الإسرائيلية أن دايان قد سرق أكثر من 165 قطعة أثرية من بينها تابوت على شكل إنسان استخرجه من رفح وقناع حجري من جبل الخليل، بالإضافة إلى أكثر من 200 جرة فخارية وكؤوس ومزهريات زجاجية أكدت الصحيفة أن وزير الحرب الأسبق جمع خلال 30عاماً من خدمته العسكرية نحو ألف قطعة أثرية فلسطينية وعربية. ومع بداية التسعينيات من القرن المنصرم أخذت ما تسمى بدائرتي الآثار والسياحة الإسرائيليتين عملاً مشتركاً يقضي بسرقة الآثار الثابتة والمنقولة، وتتوج هذا المشروع مع بداية بناء جدار الفصل العنصري حيث صودرت بحجة بنائه أراض كبيرة غنية بالآثار الكنعانية والرومانية والإسلامية وبحسب مصادر رسمية فإنه تمت مصادرة 4500 موقع أثري نتيجة بناء هذا الجدار. هذا في وقت أقيمت فيه نحو 470 مستوطنة على أكثر من 960 موقعاً تاريخياً وأثرياً في الضفة الغربية ومن تلك المواقع الأثرية: خربة شمسين وخربة أم قصير وخربة رحال وخربة زهران وتل شويكة كما سرقت سلطات الاحتلال عدة مقابر مثل مقبرة «مأمن الله» الإسلامية في القدس وهي مقبرة تاريخية تعود إلى ما قبل عام 1400 تقريباً، وحولت إسرائيل المقبرة إلى حديقة عامة للتنزه كما عمد الكيان الصهيوني إلى تدمير الأماكن الأثرية مثل إحراق المسجد الأقصى وحفر الأنفاق تحته لإضعاف أساساته وهدم جامع الحضرة الذي يتجاوز عمره الألف عام والجامع الكبير ويبلغ عمره 1800 عام وجامع الزيتون ويتجاوز عمره 1600 عام ،ويضاف إلى ذلك تدمير أكثر من خمسة مصانع تاريخية للصابون وبذلك تجاوز عدد الآثار المدمرة كلياً أو جزئياً الثلاثمئة أثر بحسب تقرير أصدره مهندسو نابلس. وفي عام 2000 أرسل ما يسمى بوزير التعليم الإسرائيلي الأسبق يوسي ساريد رسالة إلى مركز التراث العالمي تضمنت أسماء 29 موقعاً مرشحاً للتسجيل في قائمة التراث العالمي بوصفها مواقع تراثية إسرائيلية ومن بينها طريق الحج من مكة إلى القدس، وأعطت لهذه المواقع أسماء عبرية مخالفة لشروط الاتفاقية الدولية لحماية التراث العالمي الثقافي والطبيعي وبعد ذلك توالت عملية تهويد أسماء المعالم الفلسطينية فعسقلان أصبحت أشكلون وبيسان أصبحت بيت شان وقرية سلوان أصبحت قرية هشيلوح وتل أبو هريرة أصبح هارور، وجبل الدرج أصبح هار درجا وعين السمن أصبحت عين شمونة وخربة المنارة أصبحت خربة منوريم ومرج ابن عامر أصبح مرج يزراعيل وهكذا. واليوم تدخل إسرائيل مسابقات عالمية للطهو بالأطباق الفلسطينية وتسوقها معلبة أو تقدمها في المطاعم العالمية على أنها أكلات شعبية إسرائيلية،وبنفس الافتراء تظهر الفرق «الفولكلورية الإسرائيلية» في الحفلات العالمية بالزي الشعبي الفلسطيني وفي الإطار ذاته سعت إسرائيل أيضاً إلى الاستحواذ على الأثواب الفلسطينية المرزكشة القديمة لأرشفتها في الموسوعات العلمية ثم لعرضها في المعارض العالمية على أنها من صميم تراثهم، وفي مجال المحكيات الشفوية فإن أرشيف الحكايات الشعبية الإسرائيلية قد صنف منها المئات على أنها حكايات إسرائيلية بعد أن تم استبدال الأسماء العربية فيها بأسماء عبرية وتم حقنها بمضامين يهودية وتوراتية بحيث تعبر زوراً عن جوانب متعلقة بتاريخ اليهود.
|