تبرر أي وسائل لإنجاز الأهداف التي تجعل من «إسرائيل» بمنأى عن أي مساءلة، ناهيك عن أي معاقبة لذا عندما تعفي «إسرائيل» نفسها من أي مسؤولية سياسية معنوية أو أخلاقية تجاه القوانين والأعراف الدولية والإنسانية تحاول استباق أي انتقاد أو معارضة أو حتى لوم يجعل كل أوجه المساءلة وكأنها بوعي أو بلا وعي دليل حاسم عن لاسامية بوجهيها المعلن والمبطن، وهذا الإرهاب الفكري والسياسي الذي تمارسه دولة العدوان هو بمثابة تجل لقناعة سائدة بأنها دائماً على حق وبالتالي كل تشكيل من شأنه أن يعرض أمنها لمزيد من الأخطار.
الحقيقة أن «إسرائيل» استخدمت كل وسيلة متاحة لإنجاز كل هدف لها، ما جعل البعض من مواطنيها العاديين أنفسهم هم أيضاً عرضة لاستهداف الأنتربول الدولي كون عملاء «إسرائيل» وجهاز الموساد في هذه العملية سرقوا جوازات سفر من دول أوروبية، ما أدى إلى فضيحة قيل في «إسرائيل» إنها أي العملية- نجحت تكتيكياً وفشلت استراتيجياً، ما صعد المطالبات بإقالة رئيس الموساد، كما كتبت جريدة ها آرتس عن أن جريمة اغتيال المبحوح في دبي حولت داغان رئيس الموساد بين ليلة وضحاها من بطل مجهول إلى قومي فاشل ولم يعد فجأة العزيز على الأمة بل خزي للدولة، إلا أن «هاآرتس» نفسها لم تشر إلى الإخفاقات من هذا النوع لا يجعل «النجاحات» في الاغتيالات التي حصلت مثلاً لغسان كنفاني وكمال ناصر ومئات غيرهم التي قامت بها «إسرائيل» واعتبرت من قاموا بها بمثابة أبطال كما تم توصيفهم منذ قيام دولة «إسرائيل».
هنا علينا أن ننفذ إلى ما تنطوي عليه معادلة «الغاية تبرر الوسيلة» كونها تتذرع بأي سبب للقيام بأي عدوان وبأي إجرام وبأي خرق لحرية الإنسان والإنسانية عندئذ إذا جوبهت «إسرائيل» بكونها تكذب أو تشوه أو تعتدي فتلجأ إلى حالة الإنكار ممزوجاً بنزعة الاستنكار فتلجأ كما يفعل توني بلير وأمثاله من المحافظين الجدد عادة، إن الارتكاب الذي حصل وفي دبي فهو «قرار» يستتبع، إن أي مجابهة أو معارضة تأتي من الخارج وخاصة من الغرب تعتبر دليلاً على اللاسامية فإن مجرد النقض يصبح بدوره مرشحاً لمختلف أنواع القمع، كما حصل منذ أيام عندما زار وفد من الكونجرس الأمريكي «إسرائيل» بدعوى من «جي ستريت» وهي منظمة يهودية تنافس منظمة «إيباك» المعتمدة من «إسرائيل» وخاصة من اليمين الحاكم الآن وجاءت هذه المجموعة ولم يتم استقبالها رسمياً إلا من قبل وزارة الخارجية فيما بعد قبلت أن توفر اجتماعات لهم إذا جاؤوا من دون مرافقين من «جي-ستريت» وقد رفض أعضاء الكونجرس ذلك وعقدوا مؤتمراً صحفياً قالوا فيه: إن سلوك «إسرائيل» معيب، وكانت جريدة هاآرتس قالت: إن حكومة نتنياهو ووزير خارجيته ليبرمان تعتبر أن منظمة «جي-ستريت» معادية وسفير «إسرائيل» في واشنطن كان قد قاطع مؤتمرها الذي انعقد في أمريكا، كل ذلك برغم أن هذه المنظمة تعتبر نفسها مؤيدة «لإسرائيل» وللسلام وأنها تشكل عنصراً جاذباً لليهود المعتدلين وتدعي أن لها علاقات وثيقة مع البيت الأبيض.
نشير إلى أن «إسرائيل» التي تعتمد منظمة «إيباك» تعتبر أن كل عضو في الكونغرس لا يلتزم بما تمليه «إيباك» عليه لا يعتبر حليفاً يعتمد عليه، وهناك انطباع سائد أن «إسرائيل» تتمكن من عقاب سياسي يتمثل في تعبئة وحشد ناخبين ضد أي عضو في الكونغرس الأمريكي.
وقد تم مثل هذا العقاب على كثيرين من أعضاء الكونغرس أمثال السيناتور فولبرايت وبيرسي وفيناي وكثير غيرهم، ما أدى إلى فشلهم في انتخابات سابقة.
يستتبع ذلك أنه لم يعد جائزاً الفصل بين «إسرائيل» والمشروع الصهيوني بل بالعكس يجب أن تكون للفلسطينيين والعرب وأنصار السلام والعدالة في العالم بديهية تشكل مناعة ضد محاولات اختراق المناعة الأخلاقية والسياسية لليهود.
وهنا لابد من أن تكون المجابهة مع جميع القوى الحريصة على حقوق الإنسان وعدالة المجتمع وهذا ينطبق على التصدي لكل الجيوب العنصرية وبالتالي خلق حالة من التناغم والرغبة في الحوار وإزالة العوائق التي تفرق بين الإنسان وأخيه الإنسان.
من هذا المنظور نجد أن «إسرائيل» في مشروعها الصهيوني تعتبر الشعب الفلسطيني الراسخ في وطنه دخيلاً على ملكهم والصهيونية لا تعتبر «إسرائيل» سلطة محتلة، وأن أي مقاومة مشروعة للاحتلال «الإسرائيلي» هي عملية تمرد على الدولة وبالتالي مسموح قمعها..