من خلال تخصيص ندوات ومؤتمرات وجوائز. ما دفع العديد من القصاصين والشعراء للتحول إلى هذا الفن، على اعتباره المنفذ الوحيد لشرعنة وجودهم في هذه الندوات والمؤتمرات، والسعي للحصول على بعض الجوائز التي تحظى ليس بمردود مادي مقبول، وإنما بتغطية إعلامية مميزة.
ما يثير الانتباه في هذا المشهد، ضبابية تتابع الأجيال فيه، إلى درجة "التدافش" أحياناً، عكس ما هو عليه الحال في بقية الفنون، بحيث ظهرت أسماء جديدة تلمست عالم الأدب من خلال الكتابة الروائية فقط دون مقدمات كانت مألوفة فيما سبق، كأن يأتي من فن آخر كالقصة أو الشعر مثلاً.
في ظل هذا الجو ثمة دعوات خجولة وشبه سرية إلى قتل الأب، ظهرت عبر تصريحات يدعي أصحابها «وربما كانوا على حق» أنهم اجترحوا رواية جديدة نفضت عن نفسها غبار السائد والمألوف في كتابة النص الروائي، لغة وحكاية وتقنية وحساسية.
في المقلب الآخر هناك من يرى في هذه التصاريح مجرد فرقعات إعلامية لا تستند إلى منطق أو مبرر موضوعي، وأنها لا تفضي إلى ما يمكن أن يفيد الثقافة في شيء.
من الواضح أن السعي إلى إلغاء الآخر تحوّل إلى فن بحد ذاته، وهو فن و «أسلوب حياة» لا يقتصر في كثير من سياقاته على الأدب وحده، وإنما ينسحب على الكثير من مفاصل حياتنا. ومع اعتقادي بأن الحياة والمعرفة على نحو خاص سلسلة لا تنتهي من التراكمات والإضافات، فإن ما يحدث يدعو إلى الدهشة، لاسيما إذا تجاوز ما تراه العين ويقبله العقل، لأنه سيتحوّل إلى مجرد قول فائض عن الحاجة لا مبرر لوجوده.
على أن هذا «الصراع» ورغم ما يسببه من خلافات قد لا تفيد الثقافة في شيء فعلاً، فإنه في وجه من وجوهه قد يكون مفيداً، لأنه جزءٌ من الطبيعة البشرية التي يبحث فيها الإنسان عن نفسه وسط عالم تتزاحم فيه الرؤى والأحلام.
ghazialali@yahoo.com