تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


محمود بيرم التونسي في «التسعيرة» .. بين الفصحى والعامية

ساخرة
الخميس 25-2-2010م
نصر الدين البحرة

أشرنا في الصفحة السالفة إلى قصيدة الشاعر محمود بيرم التونسي: «المجلس البلدي» والذي كان معظم أعضائه من الأجانب،

ولم يكن أولئك ليهتموا بغير جمع الضرائب الباهظة التي ينفقونها حسب أهوائهم وحاجاتهم، وفي قصيدة أخرى كتبها هذا الشاعر في القاهرة، أيام الحرب العالمية الأولى، تهكم فيها على «التسعيرة» التي وضعتها الحكومة المصرية آنذاك، كي تحد من موجة الغلاء.‏

لكن الأسعار ظلت في ازدياد، ولم تؤثر «التسعيرة» عليها في شيء، يقول الشاعر ساخراً متهكماً:‏

تعريفة محكمة التقدير‏

من لجنة التسعير لا التيسير‏

اجتمعت في أسعد الأوقات‏

وحددت سعر الغذا كالآتي:‏

القمح كل حبة بدرهم‏

ومثلها الرز وحب السمسم‏

والتبن إن يوجد فبالمثقال‏

في الخصب والمثقال بالريال‏

والسمن والزبد وكل دهن‏

محرم تحريم.. بنت الدن‏

لا يذكر البيض بشيء ذاكر‏

فالطير والدجاج، كل عاقر‏

ويكتفي الفقير بالعظام‏

واللحم قد يراه في المنام‏

والزيت يستعمل للدواء‏

لأنه ليس في الغذاء (1)‏

المشكلة في العساكر والأجانب‏

من جانب آخر، فإن الأستاذ محمود السعدني يلاحظ أن المشكلة عند الشاعر لم تكن تتمثل في أن ترحل عساكر الإنكليز عن مصر فحسب، بل الذي يجب أن يرحل هو الأجانب الذين يستغلون شعب مصر أبشع استغلال، وهو يرمز لهم بأسماء مثل «استماطي» و«بنايوتي» ويسميهم السعدني «الخواجات المتمصرين» و«المتمصرين الخواجات»، يقول محمود بيرم التونسي بلسان الفلاحين:‏

والقطن برضه لمزراحي ولقرداحي‏

وابن البلد، يقعد ماحي في بلاده يقيم‏

أقطانه هو اللي زرعها واللي جمعها‏

ويوم ما باعها ما جابت له حق البرسيم‏

بنايوتي يقبض ويحصل، ودا بيوصل‏

ويجري دايماً ما يحصل، ولا حتى بهيم‏

الشاعر.. يعرّي السماسرة‏

ولا بيحرث ولا بيبدر‏

ولا بيسبك ولا بيطرق‏

ولا بيحصد ولا بيجمع‏

ولا بيخرط ولا بيقطع..‏

مع ذلك فإنه:‏

بالتليفون يجيب مليون‏

وميت مليون ولا يشبع‏

وله يوم الصعود فرصة‏

وله يوم النزول فرصة‏

وهدم بيوت وخلق تموت‏

بحسرة وهو متمتع (2).‏

فاروق ولد بعد 4 شهور من الزفاف‏

ويغتنم فرصة زواج الملك أحمد فؤاد من السيدة نازلي، ليفثأ كل غله وحقده ضد الأسرة المالكة، ذاك أن الشعب، كان في هذه المناسبة كما يقول السعدني «يتهامس في السر، بأن الأمير فاروق قد ولد بعد أربعة أشهر من زفاف أمه». ومما قاله محمود بيرم في هذه المناسبة:‏

مرمر زماني، يا زماني مرمر‏

البنت ماشية من زمان تتخطر‏

والغفلة زارعة في الديوان قرع أخضر‏

ولما جت تتجوز.. المفضوحة!‏

ويتابع قائلاً:‏

اسبق على القبة وسوق قدامي‏

تلقى العروسة زي محمل شامي‏

وأبوها يشبه في الشوارب عنتر‏

وغطي زهر الفل فوقها وفوقك‏

وجبلها شبشب يكون على ذوقك‏

ونزل النونو القديم من طوقك‏

إلى أن يقول:‏

الوزة من قبل الفرح مدبوحة‏

والعطفة من قبل النظام مفتوحة‏

ولما جت تتجوز المفضوحة‏

قلت اسكتوا خلوا البنات تتستر (3)‏

الهوامش:‏

(1) رواد الشعر السكندري في العصر الحديث - الهيئة المصرية العامة للكتاب - القاهرة 1972 - ص 85.‏

(2) الظرفاء - محمود السعدني - دار أخبار اليوم - من دون تاريخ - القاهرة ص 150.‏

(3) المصدر السابق - 152 - 153.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية