تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


العلاقات السورية - التركية ...مزيد من التعاون والتنسيق

شؤون سياسية
الأحد 9-5-2010م
حسن حسن

تعاون استراتيجي بلا حدود.. التلاقي السوري التركي الذي فاجأ الجميع بدءاً بإسرائيل.

51 مسودة اتفاق ومذكرة تفاهم وبروتوكول تغطي كل وجوه التعاون والتنسيق، الأمر الذي شكل سابقة بكل معنى الكلمة.‏‏

علاقات استراتيجية ستفيد البلدين بلا شك وتدعم مواقعهما الاستقلالية. فإلغاء التأشيرة لمواطني البلدين خطوة تاريخية بكل المقاييس وستفتح امكانيات البلدين على بعضهما البعض. ليقول بعدها وزير الخارجية التركي أحمد داوود أوغلو، إنه بعد اليوم لا حواجز ولا أسلاك شائكة ولا ألغام بين البلدين، وعبر الجميع مشياً على الأقدام بوابة«السلامة» من الأراضي السورية إلى الأراضي التركية،كخطوة أولى في اتجاه تشكيل «حوض استراتيجي» في المنطقة، وهذا يعني وفق الرؤية التركية أن لا شعارات فضفاضة عن التعاون والصداقة وحسن الجوار، وإنمامد شبكة من العلاقات بين شعبي البلدين عند حدود تقوم على المصالح المشتركة من خلال ربط يشمل المجالات كافة السياسية والأمنية والعسكرية والاقتصادية والتعليمية والسياسية والصحية..الخ.‏‏

إن ما جرى لم يكن حدثاً عادياً أعطى زخماً اعلامياً، وإنما هو حدث غير مسبوق في منطقة الشرق الأوسط المعتادة على كلام الوعود السياسية واتفاقيات «حبر على ورق» ومع أن ولادة «المجلس الاستراتيجي» كانت منذ أبدى رئيسا الوزراء في البلدين في 22 تموز 2009 الرغبة السياسية في إقامته، إلا أن الترتيبات للانطلاق في التنفيذ بدأت بعد زيارة الرئيس بشار الأسد لاسطنبول في شهر أيلول 2009 وتوقيع وزيري الخارجيتين الإعلان السياسي المشترك لتأسيس المجلس بهدف «إعادة تأطير العلاقات من منظور استراتيجي» وتشكيل رؤية مشتركة في شأن عدد من المسائل التي تهم العلاقات الثنائية والاقليمية. والسرعة التي جرت خلالها الأمور تعطي رسالة من الجانبين، بأن أي خطوة ايجابية نحو بناء علاقات جديدة توجب توافر ارادة سياسية صادقة، ومع توافر هذه الارادة تكون تركيا و سورية قد قدمتا نموذجاً لباقي دول الشرق الأوسط، ومن خلال علاقة«لم تبق في اطار القول، بل بدآت بإيجاد آليات للتعاون» على أساس الافادة من «ديناميات الشعوب في التعاون الاقليمي... والعناق بين التاريخ والجغرافيا» والمزاوجة بين «العمق الاستراتيجي والعمق الأخلاقي والتاريخي» للمنطقة وفق تعبير أوغلو.‏‏

إن ما حصل بين تركيا وسورية يقوم على أساس واقعي يأخذ بالاعتبار الجغرافيا و التاريخ المشتركين، كما يأتي في الزمن الضائع ليسد الفراغ الذي أحدثه اخفاق المشروع الأميركي وتخريب المحاور التي كان يقوم عليها توازن المنطقة، واخفاق محاور وتكتلات جاءت على ضد من إرادة الشارع. على العكس من ذلك يحظى التقارب التركي - السوري بشعبية مشجعة في الشارعين التركي والعربي وحتى في الشارع الإسلامي. والوجه الآخر لهذا التحالف التركي - السوري الذي وصل إلى المجالات العسكرية، حيث جرت بالفعل مناورات عسكرية سورية - تركية، ومن المتوقع حدوث مناورات أخرى. بالإضافة للتعاون في مجال التصنيع الحربي. بالمقابل، نرى التدهور المستمر للعلاقات التركية - الإسرائيلية الذي وصل إلى نقطة دراماتيكية، عندما ألغت تركيا مناورات عسكرية مع الكيان الصهيوني، وكان قد سبق ذلك أن أوقفت تركيا التعاون في عدد من القضايا الحساسة مع «إسرائيل» في مجالات الاستخبارات، و ألغيت صفقات أمنية مع الصناعات العسكرية الاسرائيلية مثل صفقة الأقمار الاصطناعية. ومن جهتها بررت «إسرائيل» العلاقات الأمنية خشية وصول تكنولوجيا اسرائيلية متطورة لأياد غير سليمة( يديعوت احرونوت - الصهيونية) وأشارت الصحف التركيةإلى توقف «إسرائيل» عن تسليم طائرات بدون طيار لتركيا،وهي صفقةقيمتها180مليون دولار. كذلك أوقفت«إسرائيل» العديد من رحلات الأفواج السياحية لتركيا.بينما أعلنت تركيا طرحه عن لسان أردوغان وأوغلو أن إنهاء التوتر في العلاقات بين تركيا و«اسرائيل» يتوقف على إنهاء حصار غزة.‏‏

نموذج العلاقة بين سورية وتركيا، يعود ليؤكد أن هناك دائماً مصالح تحدد اتجاهات السياسة، والاتجاه التركي في ظل حزب العدالة والتنمية هوحل المشكلات مع دول الجوار وتشبيك المصالح الاقتصاديةوالسياسية لتكون بمثابة بنية تحتية لتحقيق سلام دائم.وتركيا حاولت من خلال تنكبها عناء الوساطة في مفاوضات غير مباشرةبين سورية و ،«إسرائيل» أن تقدم نموذجاً لا يمكن أن تبذله من أجل تحقيق السلام في المنطقة.‏‏

لكن الموقف الاسرائيلي من تلك المفاوضات التي علقت بسبب الاعتداء الاسرائيلي الوحشي على غزة،في وقت كانت المفاوضات غير المباشرة بدأت تبشر بنتائج ايجابية.‏‏

إن تركيا تسعى الآن جاهدة إلى تحقيق تعاون متكامل مع سورية باعتبارها بوابتها على العالم العربي،وأنهاعنصر أساسي لتطور هذه العلاقات، فسورية هي البوابة نحو الشرق الأوسط، المحيط الكبير الذي طالما أهملته لمصلحة الجري وراء طموحها بالانضمام إلى الاتحاد الاوروبي ، كسراب في البيداء.‏‏

من هنا،فإن زيارة الرئيس بشار الأسد إلى تركيا اليوم، لتأكيد ماجرى العرف عليه وهوأن البلدين بحاجة لبعضهما البعض لاستكمال مسيرة ما بدىء به من الارتقاء بمستوى العلاقات إلى ما يرضي الشعبين والقيادتين. وإذا كانت زيارات الرئيس الأسد السابقة إلى تركيا قد جددت صداقة جديدة وفتحت آفاقاً مبشرة لعلاقات استثنائية، فإن زيارته الحالية ستؤسس هي الأخرى لمدماك جديد وتفاؤل أكبرفي تحقيق مستويات أكثر ارتقاءً في المستقبل. فسورية وتركيا جاران لا يمكن إغفال موقعهما ودورهما في وسط إقليمي حافل بالتطورات.‏‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية