و في المقدمة الأم و المرأة الفلسطينية المتشبثة و الرافضة لكل ألوان العذاب الذي يمارسه الكيان الصهيوني المتوحش.
في دمشق حلت مؤخراً أكثر من 24 نقابية من اتحاد عمال فلسطين في المعهد العربي للدراسات العمالية، هذا الصرح النقابي قدمه القائد الخالدحافظ الأسد هدية للحركة النقابية العربية إيمانا منه بدورها في حياة المجتمع، وقد أرادت الأمانة العامة للاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب أن تفتتح باكورة نشاطاتها للعام الحالي بإقامة ورشة نقابية نسائية تحت عنوان: المرأة الفلسطينية و تحديات ظروف الاحتلال، ما يبرر أهمية دور النقابات في الدفاع عن حقوق المرأة العاملة بشكل عام والفلسطينية بشكل خاص.
فالورشة كانت متفاعلة إلى حد كبير بين نخبة المحاضرين و الجمهور المتلقي ما جعل الحلقات النقاشية غنية و هي تضيء بالأرقام و التحليلات والمعطيات حجم الواقع المأساوي و المرير للنساء العربيات اللواتي يعشن تحت ممارسات الاحتلال وخاصة في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وبالنسبة لواقع المرأة الفلسطينية عموما والعاملة خصوصا فهي تشكل حالة اجتماعية فريدة من نوعها على المستوى العربي والإقليمي بل في العالم أيضا وفق ما أشارت إليه السيدة سمر عمران رئيسة قسم السلامة و الصحة المهنية في المعهد النقابي المركزي «سورية» إذ فرضت نفسها واقعا منفرداً على المنظمات الدولية وحقوق الإنسان كونها تعيش إلى جانب الرجل في ظروف مأساوية يندى لها ضمير البشرية فرضتها سياسة الاحتلال العنصرية، حيث حالة الحصار الجائر و الدائم و القتل و التجويع والفقر والتشتت الاجتماعي يرافق ذلك كله سوء الظروف الصحية و الغذائية، مع تدمير شامل لجميع البنى الاجتماعية و الاقتصادية والاعتقال في السجون والتهجير الجماهيري ما يؤدي باستمرار إلى وجود خلل في آليات عمل المرأة و مشاركتها و تمكينها في الحياة الاقتصادية والاجتماعية .
لغة الأرقام
وحسب التقديرات الإحصائية تشكل المرأة حوالي 47٪ من المجتمع الفلسطيني وتفرض عليها عادات و تقاليد موروثة تزيد من الضغط والحرمان من حقها في إيجاد العمل المناسب، في حين تعمل 4٪من قوة العمل النسائية في الأعمال الخدمية، خدمات اجتماعية، صحية، سكرتاريا، علما أن نسبة النساء المشتغلات في القطاع الزراعي الذي يعاني التهجير و السرقة من قبل الاحتلال هي حوال 35٪ من المشتغلات في قوة العمل إذ تعد الزراعة القطاع الثاني.
فيما العاملات بالقطاع الصناعي تصل لـ11٪ فقط وهذا مقابل أجور متدنية وأحيانا تكون عديدة.
و أكدت عمران بأن الحديث عن وجود قوانين عمل في الأراضي العربية المحتلة تبقى قاصرة وليس لها قواعد تنفيذية لأسباب متعددة، مشيرة في هذا السياق إلى دور النقابات العربية في فضح الممارسات الصهيونية و مطالبة المنظمات الإنسانية بالوقوف إلى جانب المرأة الفلسطينية بشتى الوسائل و الإمكانات، إضافة لأهمية استخدام الإعلام كوسيلة لنشر الوعي بأهمية دور المرأة العاملة و شرح واقعها الصعب و التحديات التي تواجهها.
وركزت الورشة في سياق متصل على أن التوجه نحو الخصخصة في العالم العربي أدى إلى تقلص مشاركة المرأة العربية في عمليات الانتاج و أنشطة التنمية المختلفة و تراجع فرص العمل أمامها، وإذا ما أضيف إلى ذلك توجهات خصخصة التعليم فإن المتوقع أن تزداد حالات التسرب من التعليم من قبل الفتيات لأن الأسر العربية بشكل عام ستكون أكثر ميلاً لتعليم الأولاد علىحساب الفتيات.
باختصار كان انعقاد ورشة العمل هذه حول المرأة الفلسطينية بدمشق تأكيداً على أن المرأة الفلسطينية لم تستسلم للواقع المأساوي في ظل الاحتلال البغيض و كان للعاملة الفلسطينية دور مشرف في الكفاح الجهادي و النشاط الاجتماعي، وإن سورية كانت و ما زالت حاضنة للعمل العربي المشترك ومناصرة ومؤيدة لجميع الحقوق المشروعة، وفي هذا السياق أعلن رئيس اتحاد عمال سورية السيد محمد شعبان عزوز رئيس اتحاد عمال فلسطين أن اتحاد عمال سورية و الاتحادات المهنية و اتحادات عمال المحافظات مستعدة لاستقبال جميع الوفود الفلسطينية القادمة من الأراضي المحتلة. هذا وفي نهاية الورشة التي استمرت ثلاثة أيام أعربت النقابيات الفلسطينيات عن سرورهن وشكرهن لهذا النشاط و الانجاز الذي تحقق بفضل دعم سورية و الاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب ما جعل اليقين و الإيمان يتسع محبة وكبرياء بحجم الأرض العربية وما بذلته من عرق ودم وجهاد.