كان السعدني من أبرز الكتاب الساخرين، بل يعد رائد الكتابة الساخرة في الصحافة العربية. قال عنه الشاعر المصري الراحل كامل الشناوي يوما: «يخطئ من يظن أن السعدني سليط اللسان فقط، إنه سليط العقل والذكاء أيضا.» ومن أشهر أعمال السعدني مذكراته التي صدرت بعنوان «الولد الشقي»، وتجمع بين اليوميات والمغامرات الصحفية, والمآزق الشخصية. ووصف السعدني مذكراته قائلاً: «رغم الظلام الذي اكتنف حياتي، ورغم البؤس الذي كان دليلي وخليلي، إلا أنني لست آسفا على شيء, فلقد كانت تلك الأيام حياتي.» ومن أعماله الأخرى: «الظرفاء» و«أمريكا يا ويكا» و «الموكوس في بلاد الفلوس»، و«المضحكون» الذي تناول فيه عددا من ممثلي الكوميديا في مصر، و«الطريق إلى زمش» والكلمة الأخيرة المكونة من ثلاثة حروف هي اختصار للتعبير العامي المصري «زي ما أنت شايف» ومن أبرز سمات أسلوب السعدني التخلي عن البلاغة التقليدية, ونحت قاموس جديد من الألفاظ التي تجمع بين الفصحى والعامية المصرية.
كان السعدني من أبرز المتذوقين للأصوات، وصدر له في الخمسينيات كتاب عنوانه «ألحان السماء» عن عدد من قارئي القرآن ومنهم الشيخان محمد رفعت ومصطفى إسماعيل، كما كتب أعمالا إبداعية مسرحية, وكان يعلق على مقولة «المسرح أبو الفنون» قائلا إن «أدب الرحلات هو أبو الآداب». وعندما كتب في الخمسينيات مجموعة قصصية بعنوان «خوخة السعدان» توقع له النقاد أن يكون منافسا قويا للكاتب المصري البارز يوسف إدريس (1927 - 1991)، لكن حياة السعدني وكتاباته أخذت مجرى آخر.
سجن محمود السعدني في عهد الرئيس المصري أنور السادات بعد إدانته بتهمة الاشتراك في «محاولة انقلابية». ويذكر موقع «ويكيبيديا» أن الرئيس الليبي معمر القذافي حاول التوسط لدى السادات، غير أن الرئيس المصري رفض وساطته قائلاً: «لقد أطلق السعدني عليّ وعلى أهل بيتي النكات، ويجب أن يتم تأديبه، لكني لن أفرط في عقابه». وبعد قرابة العامين أُفرج عن السعدني، ولكن صدر قرار جمهوري بفصله من مجلة «صباح الخير» ومنعه من الكتابة، بل «ومنع ظهور اسمه في أي جريدة مصرية، حتى في صفحة الوفيات»!
بعد أن ضاقت به السبل قرر السعدني مغادرة مصر والعمل في الخارج، فتولى في دولة الإمارات العربية إدارة تحرير صحيفة «الفجر» قبل أن يستقر لسنوات في بريطانيا حيث أصدر مجلة «23 يوليو» لمعارضة نظام السادات، والدفاع عن الثورة التي قادها الرئيس الأسبق جمال عبد الناصر عام 1952. وبعد اغتيال السادات عاد إلى مصر عام 1982.
وهنت ذاكرة السعدني في مرضه الأخير الذي استمر سنوات, حتى كان ينسى من حوله. وحال المرض دون خروجه من بيته أو الكتابة الأسبوعية التي ظلت منتظمة حتى عام 2006، وذلك في مجلة «المصور» حيث كان له باب بعنوان «على باب الله»، وصحيفة «أخبار اليوم» حيث كان يكتب تحت عنوان «أما بعد»، وفيهما كان يتناول قضايا سياسية واجتماعية بأسلوبه الساخر المميز.