الاقتصادية، ومن أهم معوقات التنمية الزراعية كما بيّن الدكتور معمر ديوب والدكتور إبراهيم حمدان صقر في الندوة التي أقيمت في جامعة تشرين بعنوان «التنمية الريفية ودورها في تطوير الاقتصاد الوطني» تتلخص في عدم توفر قاعدة بيانات إحصائية دقيقة عن الإنتاج الزراعي والنشاطات المختلفة الموجودة على أرض الواقع وغياب السجلات على مستوى المزرعة وفي تفتت الحيازات الزراعية وتشتتها، حيث تعتبر هذه الظاهرة من أهم السمات المميزة لقطاع الزراعة في سورية على الرغم من الجهود الحكومية المبذولة لزيادة مساحة الرقعة الزراعية والإنتاج الزراعي، إلا أن معدل الزيادة السكانية أدى إلى انخفاض نصيب الفرد من الأراضي الزراعية، وكذلك هناك نقص التمويل للمشاريع التنموية ولصغار المزارعين، بالإضافة إلى الزيادة السكانية، فمعدل تزايد الإنتاج الزراعي والمساحات المزروعة لايضاهي تزايد عدد السكان، وهذا أدى إلى وجود خلل في الإنتاج وحدوث فجوة غذائية تتزايد سنوياً وتؤدي إلى الاعتماد على الاستيراد في تأمين احتياجات السوق.
وأشار المحاضران إلى ضرورة وجود السياسة السعرية الزراعية، فتحسين مستوى معيشة المزارع والريفيين مناط باستقرار الأسعار وتقلباتها وهناك أيضاً مشكلة نقص الموارد المائية والاعتماد على مياه الأمطار، فسورية غالباً إنتاجها الزراعي يعتمد على الزراعة المطرية وبنسبة لا تقل عن 85٪ من إجمالي المساحات المزروعة سنوياً بالإضافة إلى ضعف التسويق الزراعي والتصنيع.
كما تحدث ديوب وصقر في ورقة عملهما عن دراسة أهمية نقل التقانات الزراعية الحديثة في تحسين المستوى المعاشي للسكان الريفيين، حيث شكّل تحقيق الاكتفاء الذاتي هدفاً استراتيجياً للهيئة العامة للبحوث العلمية التي أخذت على عاتقها تطوير الانتاج الزراعي وزيادة الغلة في وحدة المساحة من خلال استنباط أصناف جديدة وتقانات حديثة كان لها بالغ الأثر في تحقيق الأمن الغذائي.
ومن أهم عوامل التغيير في المجتمع الريفي في الساحل التي تناولها الدكتور منذر خدام في محاضرته «الكثافة السكانية الريفية المرتفعة ومحدودية الموارد الزراعية» حيث تشغل محافظتا طرطوس واللاذقية المرتبتين الأولى والثانية من حيث قلة نصيب الفرد الريفي من الأراضي القابلة للزراعة، ويأتيان بعد محافظة ريف دمشق بالنسبة لنصيب الفرد الريفي من الأراضي المزروعة فعلاً.
فنصيب الفرد الريفي في محافظة اللاذقية وطرطوس يبلغ 2،2 دونم ويقل قليلاً نصيب الفرد الريفي من الأراضي المزروعة في محافظة اللاذقية، إذ يصبح 2،1 دونم، وإن تراجع نصيب الفرد الريفي من الأراضي الزراعية لا يعود إلى تزايد السكان فقط بل إلى منافسة العمران الزراعة على الأرض.
ففي اللاذقية تشغل المساكن والمنشآت العامة نحو 23 ألف هكتار، أي ما يساوي نحو 21٪ من الأراضي القابلة للزراعة، في حين تشغل في طرطوس نحو 24 ألف هكتار، أي ما يعادل نحو 19،8٪ من الأراضي القابلة للزراعة، بالإضافة إلى ذلك هناك مشكلة محدودية الموارد المائية وتدني نوعيتها، حيث يعد الساحل بالمقارنة مع المناطق الأخرى في سورية غنياً نسبياً بموارده المائية، مع أن هذه الموارد تتعرض لضغط متزايد من جراء تزايد عدد السكان ونمو الطلب على المياه للأغراض المختلفة وخصوصاً للأغراض الزراعية والمنزلية.
ففي عام 2009 بلغ نصيب الفرد الواحد من سكان الساحل من الموارد المائية المتجددة والمقدرة بنحو 2298 مليون م3 حوالي 1335م3/سنة وهو رقم يزيد عن المقنن العالمي لخط الفقر المائي والمقدر بنحو 1000م3 سنوياً، كما أنه يزيد من المتوسط السوري المقدر بنحو 900م3، للشخص في العام ذاته.